دنيا قراء القرآن الكريم زاخرة بالعمل والكفاح والخير ومواقف لا يعلمها إلا المقربين ولذا تحدثنا مع ميرفت ابنة الشيخ حمدي الزامل وكان هذا الحوار .
حوار : ابراهيم خليل إبراهيم
قال ميرفت ابنة قارىء القرآن الشيخ حمدي محمود الزامل الشهير بحمدي الزامل : والدي من مواليد 22 ديسمبر عام 1929 في قرية مِنية محلة دَمنة التابعة مركز المنصورة بمحافظة الدقهلية وكان جدي إمام وخطيب مسجد القرية وعم والدي كان يعمل قاضيا شرعيا بمدينة المنصورة وخاله كان مُحفظا للقرآن الكريم وقد حفظ والدي القرآن الكريم في كتاب خاله وأتم حفظه قبل بلوغه سِن العاشرة وجَوّده علي يد الشيخ عُوف بحبح والذي كان عالمًا فِي علوم القرآن الكريم وقد التحق والدي بالمعهد الديني الأزهري بالزقازيق عاصمة محافظة الشرقية ثم التحق بالمعهد الديني بالقاهرة واثني على صوته الشيخ توفيق عبد العزيز العالم المتخصص في علوم القرآن الكريم وبَشرَه بمستقبل باهر ينتظره والشيخ توفيق عبد العزيز هو والد الإذاعية القديرة فضيلة توفيق الشهيرة بـأبلة فضيلة والفنانة مُحسنة توفيق .
أضافت ميرفت ابنة الشيخ حمدي الزامل : في نهاية الخمسينيات كان الشيخ مصطفي إسماعيل مُتجها في طريقة إلى مدينة المنزلة وكان والدي يقرأ في مأتم بقرية شها وكان السرادق مقام على الطريق الرئيسي فلمّا سمع الشيخ مصطفي إسماعيل صوت والدي طلب من السائق أن يتوقف ليسمع فأعجب بأدائه وسأل عنه أحد المارّة ؟ فقال له : إنه شاب جديد اسمه حمدي الزامل .. فقال له : أبلغه أن الشيخ مصطفي إسماعيل سمعك وسيكون لك مستقبل باهر وبعد فتره كان الرئيس جمال عبد الناصر في مدينة المنصورة لعقد مؤتمر جماهيري في ساحة مبني محافظة الدقهلية وكان من المخطط أن يفتتح الحفل الشيخ مصطفي إسماعيل فأعتذر عن الحفل لظروف طارئة فقرأ مكانه والدي وافتتح المؤتمر وأعجب بصوته الرئيس جمال عبد الناصر وفي بداية السبعينات ذهب الشيخ عبد الباسط محمد عبد الصمد بصحبة المبتهل أحمد أبو زيد إلى مأتم كبير في مدينة المنصورة وعندما دخل الشيخ عبد الباسط محمد عبد الصمد سرداق العزاء وجد والدي يقرأ فجلس بجواره وقال : في وجود الشيخ حمدي الزامل يجب ألا يقرأ أحد وظل يستمع إليه وفي عام 1974 ذهب والدي بصحبة حسن السيد عمدة طماي الزهايرة قرية أم كلثوم لزيارة أم كلثوم في منزلها فقالت للشيخ حمدي الزامل : اقرأ ما يتيسر لك من القرآن .. وعندما انتهى من القراءة امتلئ المنزل بالتصفيق لحلاوة صوته وأهدته أم كلثوم سلسلة من الذهب وقالت له : لابد من دخولك الإذاعة والتليفزيون وعندما توفيت أم كلثوم وفي ذكرى الأربعين قرأ والدي وكان يوجد الموسيقار محمد عبد الوهاب وعندما استمع له أعجب بتلاوته وبعد أن انتهى من القراءة سأله الموسيقار محمد عبد الوهاب : أين تعلمت الموسيقي ياشيخ حمدي ؟ فقال له : إنها موهبة من عند الله .. فقال الموسيقار محمد عبد الوهاب : أنت خامة ممتازة ولابد من دخولك الإذاعة وفي عام 1976 تقدم والدي إلى اختبارات الإذاعة المصرية ونجح بامتياز وتم اعتماده بالإذاعة والتليفزيون وظل يقرأ قرآن الفجر مرة كل عشرين يوم لمدة ست سنوات على الهواء مباشرة.
في سياق متصل قالت ميرفت ابنة الشيخ حمدي الزامل : كان في قرينمت رجل غريب يصلح الأحذية وتوفى وعرف والدي بخبر وفاة هذا الرجل وظروفه فتحمل والدي تكاليف جنازة الرجل وأقام له سرادق عزاء وقرأ فيه وأيضا توفى أحد الصيادين وأوصى قبل وفاته أن يقرأ في سرادق عزائه الشيخ حمدى الزامل فجمع ابن الصياد الأموال لتنفيذ وصية والده ولكن الأموال التي جمعها لم تصل إلى نصف أجر والدي وفي مدخل القرية تقابل والدي مع رجل وقال له : عاوز أروح بيت الشيخ حمدي الزامل ؟ فقال له الرجل : تعالى معى وفي الطريق سأله : أنت عاوز الشيخ حمدي الزامل في إيه ؟ فقص عليه وفاة والده ووصيته وعندما وصل ابن المتوفي إلى بيتنا أكرمه والدي ثم قال له : جهز سرادق العزاء وسوف يقرأ الشيخ حمدي الزامل تنفيذا لوصية والدك وبدون أجر .. فلم يصدق ابن المتوفى وعندما سأل عن اسم الرجل الطيب الذي أكرمه ؟ قال : أنا الشيخ حمدي الزامل فبكى ابن الرجل المتوفى من كرم والدي .
في الختام قالت ميرفت ابنة الشيخ حمدي الزامل : يوم 12 مايو عام 1982 توفى والدي وشيع جثمانه في جنازة مهيبة لم يسبق لها مثيل في القرية وقد زرع بداخلنا كل الخير ومراعاة المولى عز وجل في السر والعلن فرحمة الله على روح والدي .