العقيدة هي أصل الدين وهي ما تتفرع عنها كل ما يتعلق به من أمور الدين شعائرًا وفقهًا فإذا صلحت العقيدة صلح ما دونها بل أن صلاح العقيدة هو مدخل القبول عند المعبود سبحانه وتعالى فإذا فسدت فسد ما عداها وما تفرع عنها وصار هباء منثور: ” وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا” لذا فإن أكثر ما يدور حوله الجدل بين الأديان هو الاعتقاد وكذلك بين أصحاب الدين الواحد بل إن الاتهام بالكفر والحكم بالإيمان ينطلق من حالة الاعتقاد سواء اعتقاد من يحكم واعتقاد من يطلق عليه الحكم .
ومن هنا جاء الانبياء لتنقية عقيدة التوحيد مما شابها من شوائب كما حرص الانبياء ثم ورثة الأنبياء من العلماء على توضيح حقيقة الاعتقاد ليظل نقيا راسخا في قلوب الإتباع لا يتزعزع في مواجهات الشبهات التي يسعى أصحابها إلى هز حالة الرسوخ الإيمانية في قلوب المؤمنين .
لذا ليس غريبا أن تتحف مجلة الأزهر العريقة اتباعها بين الفينة والفنية بكتاب لأحد كبار علماء الأمة الإسلامية ومجتهديها – يتعلق بالعقيدة الإسلامية عقيدة التوحيد الخالص الذي جاء به سيدنا محمد صلوات الله وسلامه عليه لينقذ البشر من الشرك بالله ويخرجهم من عبادة المخلوقات إلى عبادة الخالق.
فإذا لاحظنا في أيامنا هذه الجدل المشتعل حول موضوعات العقيدة خاصة حول الله أسمائه وصفاته بين من يؤمنون بالتشبيه ومن ينفون التشبية أدركنا أهمية توضيح الحق في ذلك
وكتاب العقيدة الإسلامية كما جاء بها القرآن الكريم لمؤلفة الشيخ محمد أبو زهرة عميد كلية الحقوق بجامعة القاهرة واحد من هذه الكتب المهمة والتي تبدو أهميته وأهمية المؤلف أن حظي الكتاب بمقدمات أربع أحدثها مقدمة فضيلة الدكتور نظير عياد مفتى الجمهورية ورئيس تحرير مجلة الأزهر وكذلك مقدمة لهيئة كبار العلماء ثم مقدمة العالم الجليل الدكتور حسن الشافعي عضو هيئة كبار العلماء ورئيس مجمع اللغة العربية الأسبق ثم مقدمة الامام الاكبر الدكتور عبد الحليم محمود شيخ الأزهر الأسبق التي يبدوا أنها عاصرت تأليف الكتاب.
والشيخ أبو زهرة من العلماء أصحاب الاجتهادات والتلاميذ والمواقف التي لا يحيط بها مقال مهما طال.
في مقدمته التي تمثل إضافة مهمة يذكر الدكتور نظير عياد مفتى الجمهورية أن دراسة العقيدة الإسلامية والتعريف بها اتخذت منهجين أحدهما قرآني والآخر كلامي (وعلم الكلام هو علم اسلامي يفلسف الأشياء والأفكار أي يناقش أدلتها العقلية لكنه ينطلق من اليقين بها على خلاف الفلسفة التي تنطلق من الشك .
أما القرآني فهو ما جاء في نصوص واضحات في القرآن الكريم لا لبس فيها تتضمن خطابا عقليا إلى الناس عامة به من الأدلة ما به، كما تتضمن آيات أخرى تمثل خطابا عقليا إلى العلماء والباحثين يقوم على الأسباب والمسببات.
أما هيئة كبار العلماء فقد إشارات في مقدمتها إلى سبب تصورته من أسباب تأليف الكتاب تمثل في تركيز المؤلف على قضية التشبية أي تشبيه الله سبحانه الذي قال في كتابه: ” ليس كمثله شيء” ثم جاء من يقول بأنه يشبه خلقه فله يد ووجه وحجم ويجلس ويقوم وينزل وهكذا. وهو أمر ما زال الجدل قائما حوله إلى يومنا بل اشتد الجدل حوله في أيامنا هذه ، وبدلا من أن يكون في حلقات العلم صار على الهواء يقتحم أذهان العامه فيعجبون مما يسمعون بل قد يحارون ،ويقتحم أذهان العلماء فيعجبون من طرحه بعيدا عن دائرة العلم والعلماء ، فينفعل بعضهم فيرد ويشتبك في الجدال ويصمت بعضهم لأنهم لا يرون فائدة في طرح مثل هذه الموضوعات في الفضاء الاليكتروني سوى شغل بسطاء الناس بما ليسوا في حاجة إليه وسوى شغل العلماء في جدل لا يهدف إلى الوصول للحق.
تضمن الكتاب بعد المقدمات الأربع موضوعات : هي العلم بالأحكام الإسلامية كمقدمة للكتاب ثم التوحيد الذي تضمن أركان الوحدانية والوحدانية في الذات والتأويل والظاهر والمشتبهات، ثم كان الفصل الثاني حول الوحدانية في الخلق والتكوين،فتضمن تعليل أفعال الله والوحدانية في العبادة ولا وساطة بين العبد وربه والخوارق للعادات على أيدي غير الانبياء .وفي الفصل الأخير تناول شهادة أن محمدا رسول الله حيث تضمن الايمان بالغيب واليوم الآخر والرسل السابقين والايمان بالغيب هو فرق بين الدين والذندقة والايمان بالرسل السابقين والايمان بالبعث والحياة الآخرة والشفاعة ورؤية الله .
