رغم التحديات التي تواجهها الساحة الثقافية المصرية، ستظل مهرجانات المسرح إحدى أبرز النوافذ التي يتنفس من خلالها فن المسرح و المسرحين ، و يسجل المسرح المصرى حضوره في المشهد العام و تنشط المسارح من القاهرة إلى الإسكندرية، ومن أسوان إلى شرم الشيخ، تتوالى المهرجانات، تتنوع، وتزدحم بالعروض والفرق والتجارب. لكن، هل تحقق هذه المهرجانات أهدافها؟ أم أنها أصبحت عادة و تقليدًا موسميًا يفتقر للفعالية والتأثير الحقيقي المرجو من المهرجانات لصالح فن المسرح ؟
دعونا نرصد هنا أبرز فوائد مهرجانات المسرح المصرية، ونسلط الضوء على أضرارها وسلبياتها، ونطرح تساؤلات مشروعة حول نتائجها ومآلاتها في المستقبل.
نافذة للحياة.. حين يتنفس المسرح
لعبت مهرجانات المسرح المصرية دورًا محوريًا في إحياء الحركة المسرحية، خاصة في السنوات الأخيرة التي شهدت تراجعًا في الإقبال الجماهيري على العروض المسرحية التقليدية. وبفضل هذه المهرجانات، ظهرت عروض جريئة، وفرق شابة، وأصوات مسرحية جديدة تناقش قضايا المجتمع وتُعيد الفن إلى قلب الشارع.
كما اتاحت هذه الفعاليات فرصة لاكتشاف مواهب مسرحية صاعدة، سواء في التمثيل أو الإخراج أو التأليف، وفتحت أمامها أبوابًا للعرض والنقد والتطوير. يُضاف إلى ذلك البعد الدولي للمهرجانات الكبرى التي تستقبل فرقًا من أوروبا وآسيا وأفريقيا، ما يعزز التواصل الثقافي ويمنح المسرح المصري طابعًا عالميًا او هكذا ما ينبغى ان يكون او ما نصبوا اليه من هذه المهرجانات ..
الوجه الآخر.. مهرجانات للنخبة؟
و لكن رغم الإيجابيات التى يفترض ان تكون مصاحبة لهذه المهرجانات ، فأنه لا تخلو هذه المهرجانات من ملاحظات وانتقادات يطرحها فنانون ومهتمون بالشأن الثقافي.
أبرز هذه أن معظم هذه الفعاليات لا تزال محصورة في دوائر النخبة، بعيدة عن المواطن البسيط، ولا تُبذل جهود كافية لتوسيع قاعدة الجمهور أو الخروج بالعروض إلى الساحات العامة والمدارس والجامعات و تمر المهرجانات بشكل سرى غير معلن او يصر القائمون عليها ان تتم الاعلانات عن هذه المهرجانات فى محيط الصفوة و المهتمين بالمسرح و الاكاديمين مما يبعدها عن دورها و عما يجب ان تقدم لهم هذه المهرجانات كنوع من انواع الدعم الثقافى الذى لا يقل اهمية عن دعم الزيت و الخبزز و الدقيق و غيرهم من السلع الضرورية للانسان الا اذا كانوا المسرحييين ايضا يشجعون رفع الدعم عن المستحقين من العامة و الجمهور العادى الذى لا يستطيع ان يدفع ليشاهد عرض من عروض القطاع الخاص و التى هى ايضا اصبحت شبه معدومة ..
ولا ننكر ايضا ان بعض المهرجانات تعاني من ضعف التنظيم وقلة الموارد المالية، ما يؤثر سلبًا على مستوى العروض والورش والأنشطة المصاحبة. ويُضاف إلى ذلك انتقادات متكررة حول التكرار في الفرق المشاركة، فى المهرجانات و التى تشوبه شبهة المجاملة او تبادل المصالح و المحسوبية فى اختيارات الفرق المشاركة و الاعمال التى تشارك بها مما يشعرنا بغياب التجديد و التكرارية الممجوجة معظم الهرجانات هة نفس الفرق و نفس الوجوه و ربما احيانا يكون من المعروف مسبقا من سيفوز و من سوف لا يفوز ..
و دور المسرح التنويرى بين الرمزية والواقع
في الوقت الذي يُنتظر فيه من المسرح أن يكون مرآة للمجتمع، يقع كثير من العروض المشاركة في فخ التجريب المفرط والرمزية الغامضة، ما يخلق فجوة بينها وبين الجمهور. وتُطرح هنا تساؤلات حول مدى ارتباط هذه الأعمال بقضايا الناس وهمومهم اليومية، وهل المسرح ما زال قادرًا على ممارسة دوره التنويري؟
■ إلى أين تتجه البوصلة؟
رغم كل ما سبق، تظل مهرجانات المسرح المصرية ضرورة ثقافية ووطنية، لكنها بحاجة ماسّة إلى إعادة هيكلة وتطوير. فالتغيير لن يحدث بعروض موسمية فقط، بل بتبنّي رؤية شاملة تجعل من المهرجان محطة في مسار تنموي ثقافي مستمر، لا مجرد احتفالية تُطوى بانتهاء جدول العروض.
المطلوب اليوم أن تتكامل المهرجانات مع المؤسسات التعليمية والثقافية، وأن تُمنح مساحة للابتكار والتمويل، والأهم: .. لماذا لا يقدم الفن المدعم الى مستحقيه فى المدارس و المصانع و القرى و النجوع ألماذا لا يتوجه الفن او المسرح على وجه التحديد إلى المجتمع بكل فئاته، لماذا تبقى الاعمال المسرحية و التجارب المسرحية تبقى أسيرة جدران المسارح المغلقة.
■ كلمة أخيرة
المسرح في مصر لا ينقصه المبدعون فنحن لينا الاف الكتاب و الممثلين و الفنانين و الفنيين و المسارح المغلقة طوال العام و لكن نحتاج إلى فكر يدعمهم ، ومناخ يتسع لأفكارهم.ومهرجانات المسرح، إذا أُحسن استثمارها، يمكن أن تكون داعمة حقيقية للوعي والفكر والتنوير. لكن، إذا استمر تجاهل الإصلاحات المطلوبة، فقد تتحول المهرجانات إلى مناسبات احتفالية بلا أثر أو كما يقول بعض المثل : “ضجيج بلا طحين او بل جمهور”.