استحدثت الأحزاب الإسلامية العربية توقيتها الخاص بإعتماد يوم الجمعة للتظاهر من أجل رفض سياسات الحكومات العربية الداخلية والخارجية، علماً أن أدوات التعبير الحزبية متوفرة في كافة القنوات الرسمية كالبرلمانية والإعلامية وغيرها دون الحاجة لتوقيتها بصلاة الجمعة.
وربما القليل من يسأل هذا السؤال، بعد أن شاع بين العوام بأن المظاهرات بعد صلاة الجمعة هي من أجل الروحانية الدينية والكثرة العددية، على الرغم أن الروحانية بعد صلاة الفجر تفوق كافة الأوقات والصلوات. كما أن الكثرة العددية بعد صلاة العصر في نهاية أوقات الدوام الرسمي تُكمل نصاب التظاهرات الإسلامية. ولكن حقاً لماذا يتظاهر الإسلاميون يوم الجمعة؟!.
….
يُمكن القول بإنها التجارة بالدين والورقة السياسية الرابحة لتلك الأحزاب، ولكن يجب أن نعلم أن الفكرة انطلقت من المعتقدات الفارسية بعدما اعتقد علماء الفرس بأن الإمام الغائب هو فقط من يعلم الدين الإسلامي الصحيح، والذي سوف يظهر معه بعد خروجه من السرداب، وعليه تعطلت كافة أحكام الدين الإسلامي التي استبدلوها بالروايات والقصص.
وفي عام 1530م تقريباً، قام السلطان التركي سليمان القانوني بتجهيز الجيوش العثمانية لإستعادة العراق من الدولة الصفوية، حيث اضطر الملك طهماسب الصفوي للإستعانة برجال الدين لإعادة إحياء بعض الفرائض الدينية كصلاة الجمعة التي تعمل على التعبئة الشعبوية وجباية الأموال لتجهيز الجيوش، على أن تكون خطبة الصلاة لأغراض سياسية فقط، لأن الدين الإسلامي غير موجود، ولن يظهر إلا بعد خروج الإمام الغائب من سردابه، والتي يُمكن تسميتها بـ”الجمعة السياسية”.
كما عمل الخميني على تطوير فكرة أسلافه الصفويين من خلال وضع تسمية لكل صلاة جمعة بما يتوافق مع الحدث السياسي الراهن في وقته؛ كجمعة الغضب وجمعة النفير إلخ.. بل استحدث الخميني “جمعة القدس” السنوية التي تكون في الجمعة الأخيرة من شهر كل رمضان، لتكون هذه الجمعة الجامعة لجميع مسلمي العالم وخاصة العجم تحت الراية الصفوية التي بدأت في عهد الملك طهماسب الصفوي.
والشاهد هنا؛ أن الفرس نجحوا في إستحداث “الجمعة السياسية” لغياب الإمام المهدي ومعه تعاليم وأحكام الدين، بل ما زالت فرصتهم قائمة في جمع الأموال والتعبئة الشعبوية وذلك قبل خروج المهدي المنتظر. بينما أن الفكرة ذاتها انتقلت إلى بلادنا العربية وتغلغلت العقول العربية التي عطلت الدين الإسلامي لحين ظهور الخليفة المُنتظر،حينها تحولت منابر صلاة الجمعة في الكثير من الدول العربية إلى خطابات السياسات الحزبية الإسلامية، وكأننا نعيش حياة الفرس قبل 488 عاماً تقريباً التي سنّها الملك طهماسب الصفوي وحفيده الخميني الذي أوصى أيضاً بـ”الحج السياسي” الذي يسعى البعض له ليكون يوم الوقوف على جبل عرفات هو يوم البراء من أمريكا والإمبرليالية الغربية.