” المريض على راسي .. انت اخويا طول ما انت مريض ” قال هذه العبارة التي تعبر عن إنسانية مسئول يتعامل مع أوجاع المرضى الفقراء الدكتور جمال حجاج مدير فرع التأمين الصحي في القليوبية ردا على تساؤل مريض غاضب عن سبب تأخر أحد الأطباء الاستشاريين عن موعد عيادته لأكثر من ساعة . وروى المريض أنه خلال دقائق تحرك المسئولين عن عيادات النيل للتأمين الصحي ووصل استشاري بديل وظهرت علامات الارتياح على وجوه المرضى . وهنا يتبين أن كلام الدكتور حجاج لم يكن لمجرد امتصاص غضب المريض بل إنه بادر بالعمل السريع للتخفيف عن المرضى معاناة الانتظار.
ذكرني هذا التصرف المحمود بالمواقف الانسانية والمهنية الكثيرة للدكتورة سهير عبد الحميد التي قابلتها منذ سنوات عندما كانت تتولى نفس المسئولية في فرع القليوبية ورفعت شعار “المريض أولا “. وكنت شاهدا على عملها المتواصل لتحويل هذا الشعار إلى واقع عملي، يومها توقعت لها دورا قياديا كبيرا في هيئة التأمين الصحي . وصدقت توقعاتي عندما علمت بنقلها مديرة لفرع القاهرة وقدمت لها التهاني بالترقية رغم علمي أن مرضى التأمين بالقليوبية سيفقدون خدماتها . وسارت الدكتورة سهير على نفس النهج من الجدية والاجتهاد الأمر الذي أهلها للندب في شهر يونية الماضي للعمل رئيسا لمجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين الصحي ، ومسيرتها المهنية ستساعد على تعيينها رسميا. خاصة انها حققت خلال شهور قليلة منذ توليها المسئولية خطوات جادة للاصلاح أهمها العمل على إنهاء قوائم إنتظار مرضي التأمين الصحى ، فتعاقدت الهيئة مع إدارة الخدمات الطبية للقوات المسلحة ، ومع الهيئة العامة للمستشفيات والمعاهد التعليمية لعلاج مرضى التأمين الصحى داخل جميع المستشفيات التابعة للجهتين ، ووقعت بروتوكول تعاون بين الهيئة ومستشفيات جامعة القاهرة لإنهاء قوائم انتظار المرضى في تخصصات أمراض وجراحات المفاصل، والعيون، وجراحات القلب، وقساطر القلب العلاجية والدوائية، لجميع الفئات العمرية . واعلنت عن رفع ميزانية الهيئة من 9 مليارات إلى 16 ملياربعد تطبيق قانون 3 وزيادة حصيلة الضرائب على السجائر مما يساعد على تطوير الخدمات الطبية المقدمة لمرضى التأمين.
وجود أمثال هذه القيادات مع توفير الميزانية المعقولة يبشر بإصلاح الخلل المزمن في منظومة التأمين الصحي التي يشترك فيها حوالي 50.8% من إجمالي عدد السكان طبقا لإحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. والعدد بالتحديد أعلنه الدكتور أحمد عماد وزير الصحة والسكان السابق ، قائلا في تصريحات منشورة في يناير 2018 إن التأمين الصحي يغطي 55 مليون مواطن مصري بينما عدد المستفيدين الحقيقيين أقل من 15 مليون بسبب انخفاض الميزانية المخصصة، فطبقا لتصريحات الوزير يبلغ نصيب الفرد الواحد من ميزانية التأمين 187 جنيها سنويا، وهو اقل من تكلفة زيارة واحدة لأحد الاستشاريين في عيادته الخاصة.
وإنتظارت لتحقيق الاصلاح الشامل للمنظومة الصحية أرى أن هناك ضرورة لاتخاذ إجراءات عاجلة لتخفيف تكدس المرضى أمام عيادات التأمين الصحي بالتعاقد مع عدد أكثر من الاستشاريين بمقابل مجزي يلزمهم بالانتظام في الحضور والتعاقد بأجور مجزية مع أصحاب الخبرات من أطباء التأمين المحالين للتقاعد . والعمل سريعا على إستعادة ثقة المريض بفاعلية دواء التأمين والتسهيل من إجراءات صرفه.
Aboalaa_n@yahoo.com