” عيب تسأل الأسئلة دي .. لما تكبر حتعرف ” تلك العبارة غالبا ما يرد بها الآباء والأمهات على أطفالهم عندما يحاولون الاستفسارعن بعض الحقائق بطرح أسئلة قد تبدو محرجة خاصة التي تتعلق بالدين والجنس. بل ويبدو على الأبوين مظاهر الاستخفاف بعقلية الطفل ، وعادة ما تصاحب تلك العبارة ضحكة ساخرة.
ومن الخطورة أن يتصور الأبوان أن الأمر انتهى بمجرد صمت الطفل ، لانه سيظل يبحث عن اجابات لتساؤلاته سواء عبر تخيلاته التي عادة ما تكون بعيدة عن الواقع، أوعبر برامج الرسوم المتحركة الكرتونية التي تبثها قنوات التليفزيونية والتي اغلبها مستورد وبالتالي تتشكل البذور الأولية لعقلية أطفالنا من خليط من التخيلات البعيدة عن واقعه وبيئته.
ويحذرالطبيب الدكتورملهم زهير الحراكي المعالج النفسي للأطفال والمراهقين من هذا الاسلوب في التعامل مع الطفل عندما يبدأ يستكشف مفاهيم الحياة من حوله بعقله الفتي الذي بدأ يستعمله بمهارة وبأسلوب فطري جريء متحرر من القيود . ويكشف الحراكي في صفحته على الانترنت، عجز الأبوين وكل مربي في التعامل مع أسئلة الأطفال قائلا :” يجب أن تعلم أيها المربي الفاضل أن طفلك لا يحرجك بأسئلته مهما بلغت من الجرأة أو الوقاحة، بل أنت من تحرج نفسك كونك لا تملك بعد طريقة الرد المناسبة، وهي تربوياً متوقعة من أي طفل، بل هي بمثابة الحق للطفل بأن يسأل ما يريده ويحاول أن يجد الجواب المناسب بمساعدتنا “.. ويطالب الأبوين وكل المربين بالتعامل مع الطفل كالصفحة البيضاء، وليس ملحدا لأنه لا يعرف الله حق المعرفة بعد ، وليس وقحا كونه لم يميز بعد بين حلال أو حرام أو عيب، بل ويطلب منهم أن يشكرو الطفل على هذه الاسئلة.
اما الباحثة هدي الرفاعي فتشرح للأبوين والمربين طريقة التعامل مع أسئلة الأطفال قائلة :” لا تضحك حتى لو كان السؤال ظريفا أو مثيرا لاستغرابك حتى لا يشعر الطفل بالخجل من حب استطلاعه، ولا تقل له :بتسأل السؤال ده ليه؟ أجب عليه بما يلائم سنه، فالطفل الصغير تكفيه الإجابات المختصرة، بشرط أن تكون صحيحة”.
وتكشف هويدا شرباش، طبيبة علم نفس الأطفال قوة التفكير لدى الأطفال في تصريحات نشرها موقع الأم العظيمة قائلة: ” الأطفال عندهم قوة ملاحظة عالية ولديهم حس فضولي عالي للأسئلة. فهم مفكرون ويسئلون الأسئلة التي تجعل البالغين أيضا يفكرون. فنحن مع كبر العمر ومسئوليات الحياة إستسلمنا لحقائق الحياة ولكن الأطفال يبحثون ويفكرون أعمق منا في تلك الحقائق”.
وتعمل التربية الصحيحة على بناء القدرات العقلية لدي الطفل وتنمية ملكات التفكير لديه. ويتم ذلك أولا وفق رؤية الدكتور عبد الكريم بكارفي كتابه القيم ( تأسيس عقلية الطفل ) بالبعد عن تشويه البيئة العقلية لديهم بعدم زرع خرافات وعجائب في عقل الأطفال ، عدم محو الفوارق بين الممكن وغير الممكن وبين السهل والصعب حتى لا يتعلق الأطفال بالشخصيات الخارقة . وثانيا بتدريب الاطفال على التفريق بين الألوان والأشكال عن طريق اللمس والمشاهدة. ثالثا بتنمية دماغ الأطفال بالقراءة لهم من الصغر كي يشبوا على حب القراءة والاطلاع. ورابعا تحديد ساعات قليلة يوميا للانشطة السلبية التي لا يوجد منها نفع للاطفال مثل التلفزيون والموبايل ومشاهده افلام الكرتون .