الاخبارية – عادل ابراهيم
كلمة الرئيس التنزاني “جوليوس نيريري” كما وردت في كتاب (روبرت إيمرسون- للوحدة الإفريقية ) عام 2009م.
“جوليوس كامبراكه نيريري” الملقب بـ “أبو الأمة”، وُلد في مارس 1922م، لقبيلة “زانكي” بقرية “بوتياما”، من أسرة بقبيلة تعمل بالرعي، ووالده زعيمها، وتوفي في أكتوبر عام 1999م، كما أنه أب لخمسة أولاد وبنتين، عرف بالإخلاص والقيادة، ولقب بـ”المعلم” و”تلميذ شعبه ومعلمه”.
عمل بالتدريس بعد أن حصل على الماجستير من إنجلترا، ثم أسس حزب (تانو) بهدف التحرر السلمي من سياسة الاستعمار -التي تشجع الزعامات القبلية- والمتمثلة في سياسة التمييز والانعزالية. وفي عام 1961م، أصبح رئيس وزراء تنجانيقا بعد أن نالت استقلالها، ثم بعدها بعامين حصلت زنجبار على استقلالها أيضًا، وأعلن عن وحدتها مع تنجانيقيا تحت اسم دولة (تنزانيا) في العام التالي عام 1964م، وعين “نيريري” رئيسًا لها، ثم تخلى طواعية عن الرئاسة عام 1985م.
هو من كبار الدعاة للوحدة الإفريقية، وأحد رواد حركة تحريرها من الاستعمار في الستينات والسبعينات، ومن مؤسسي منظمة الوحدة الإفريقية –الاتحاد الإفريقي حاليًا-، والتي أسست بعد عام واحد من توصيات (مؤتمر أديس أبابا) في مايو 1962م، والذي تحدث فيه قائلًا: “إننا نؤمن بالوحدة الإفريقية، إيمانًا بإفريقيا ذاتها”.
يُـذكر أن حكمه امتد لأربع فترات رئاسية، حظى فيها بالتأييد والحب والدعم من شعبه خاصًة الطبقات الشعبية؛ وذلك بسبب تبنيه لنهج “الاشتراكية”, وهي في رأيه خليط ومزج بين “الاشتراكية العملية” و”الكوميونالية الإفريقية”، كما أنه سمح بتعديل الدستور في بلاده عام 1992م، حتى يتثنى لبلاده تبني نظم سياسية متعددة الأحزاب. وفي عام 1967م، دخلت تنزانيا في اتحاد ثلاثي مع دول شرق إفريقيا كان باسم (اتحاد شرق إفريقيا)، كما أنه اعتمد اللغة السواحلية لغة رسمية في بلاده واستطاع بذلك أن يذيب الفوارق ويقلل من حدة الاختلافات بين قبائل شرق ووسط إفريقيا.
كان مثقفًا مولعًا بالأدب العالمي، ترجم للغة السواحلية كلاً من (تاجر البندقية) و(يوليوس قيصر) لشكسبير، كما أن له العديد من المؤلفات والكتب منها: الحرية والوحدة 1967م، والحرية والاشتراكية 1968م، والحرية والتطور 1973م. مما يشدد على إيمانه الشديد بالاشتراكية الإفريقية وبأن التعليم للجميع وأنه السبيل لتحرير الشعب.
جمعت بينه وبين الرئيس المصري الراحل “جمال عبد الناصر” صداقة عظيمة الأثر، نظرًا لمشروعه في تنزانيا والذي تشابه مع مشروع “ناصر” في مصر؛ حيث رفع كلاهما شعار “الاشتراكية”، وتبنى كلاهما نفس التوجهات المشتركة تجاه قضايا القارة الإفريقية والقضايا الدولية، وعُين “سالم احمد سالم” كأول سفير لتنزانيا في مصر عام 1964م في أعقاب الوحدة بين تنجانيقا وزنجبار. ووصف “ناصر” نيريري في خطبه له في مصر بأنه (تلميذ شعبه ومعلمه، وأنه أحد الأفارقة العظماء في زمنه)، وأكد على ذلك مره أخرى في تنزانيا أثناء زيارته للبرمان فقال: “إن نيريري قيادي صلب وقائد شجاع مخلص ليس لتنزانيا فقط ولا لإفريقيا عامةً، بل للإنسانية كلها”. ويُذكر أن الرئيس “نيريري” نعى الرئيس المصري عند وفاته فقال: “وفاة عبد الناصر صدمة مروعة وخسارة فادحة للعالم أجمع حتى أعداؤه سينعونه، فلقد كان ناصر رجلًا عظيمًا) وبكى. ومن الجدير بالذكر أنها كانت المرة الأولى التي بكى فيها “نيريري” ورآه فيها أحد.