الاخبارية – عادل يحيى
يصدر قريبًا عن دار المتنبي للترجمة والطباعة والنشر بالقاهرة، كتاب تحت عنوان «تأملات في عالم الإنسان» للكاتب العراقي هيثم نافل والي، الذي استغرق في كتابته نحو أربع سنوات.
يقول «والي» في المقدمة إن كتابه يدافع عن الإنسان أينما وجد، محاولًا انتشاله من أوحال الأعراف والتقاليد التي توارثها دون رغبته، والتي تقيده وتحول دون حريته في اتخاذ قراراته، وشق طريقه بنفسه مقدرًا مواهبه كي يكون كما أراد الله له أن يكون حرًا ومفكرًا.
يوضح الكاتب شغفه بالدفاع عن الإنسان أينما كان دونما التقيد بعرق أو جنس أو لون، «هنا لا همّ لي غير نصرته بقلمي، لعلي أنجح في رفع الضيم عنه، خاصة الأنثى لأنها المستعمرة أبدًا من قبل الذكر، أحاول أن أنصفها، أرد لها جزءا من حقها المغتصب، أن أقول للعالم بأنها أصل الحياة كالماء، ومن لا يرغب بكتابي هذا يشرب من البحر، لن يهمني رأيه لأنني مواكب العصر ضد العصر، أقصد، عصر الشمال غير عصر الشرق، هنا تكمن الخطورة، فشرقنا غارق في الجهل، يعبدالتراجع ويهلهل للتاريخ بكل ما يحمل من كذب وتلفيق.. وهنا لا أملك غير تعريته، فضحه على الملأ لأقول، هذا أنتم، وهذه هي حياتكم التي تموتون فيها!».
يقول الكاتب في إهدائه: «إلى عالمنا الذي لم يبق فيه.. سوى القليل من الفقر والجهل وبعض الفقراء والجهلاء».
من أجواء الكتاب نقرأ: «من لا يحب أن يقرأ لنا أن لا يزعج نفسه ولا يجعلها تشقى من أجل بصمة لا أثر فيها! ومن يتكهن المستقبل أتوقع أن يختار الحاضر! ليس هناك من ثمة جديد في حياتنا غير الدمعة والصبر! وكلمات تطن في رؤوسنا، أفكار نهاب مجاراتها، فهي العلة التي نود التعافي منها! دائرة مغلقة كدورة حياة الكائن الحي لن يصيبها التغير ولا يطرأ عليها التطور والتطهير، خالدة هي منذ الأزل، لا مفر منها غير الأجل، ثم العودة إلى الوراء والماضي لتبدأ من جديد كما كانت من قبل، دمعة وصبر».
ويعرّج الكاتب على عدد من بني البشر الذين توصلوا إلى ما وصفها بحالة «النرفانا»: «نؤمن بأن الوصول إلى حالة النرفانا أمر يكاد يكون شبه مستحيل لأننا بشر، لكن يبقى هناك من توصّل إلى تلك الحالة وعاشها بكل تفاصيلها بحب منقطع النظير، كبوذا، سقراط، جاليليو، المسيح، يوحنا المعمدان، الحسين، لوثر، روسو، وغاندي».
ويضيف: «الناقد الذي يخرج الكلام من أنفه» في رأيي سارق على وجه من الوجوه، يختلف عن القارئ كثيرًا، حيث نرى الأخير يقول رأيه لو أحب تسجيله فقط، بينما الناقد يبني نقده على فكرة الكاتب المسكين بعد أن يبحث في قواميسه اللعينة عن مسببات ونتائج فكرة صاحبنا «عبد الله الفقير»، لذلك نراه يتحذلق بنقده كزين العارفين بعد أن يكون قد درس كل جوانب الفكرة ثم يتوسع بعدها ليصل حدود السرقة!! فلو كان جادًا، أقصد، وبعبارة أخرى مبدعًا، لكتب فكرة صاحبنا الكاتب نقدًا لحالة أو تغييرًا لوضع دون الاعتماد على جهد غيره!».
كما تحدث عن الظلم الذي تعرضت له أمته العربية قائلا: «الشعب اليهودي يعرف كيف يؤثر ويكسب مشاعر العالم ويضمهم في صفه من خلال الإعلام والصحافة، من خلال السينما والمسرح والإذاعة، نعم، لقد قتل هتلر العديد منهم، لكن، هل نعلم العدد الحقيقي؟ لماذا تصور العالم بأن الذين قتلوا تجاوزوا المليون؟! الدعاية وبكل أشكالها هي التي تبرز مأساتهم إن أرادوا، لماذا لا نصور مأساتنا وأحداثنا العربية مثلهم؟ لماذا لا ينتج الفرد منا الصورة والقصة والقصيدة وبكل وسيلة لنظهر للعالم أجمع بأننا أمة ظلمت من قبل ومازالت تحت نير الاضطهاد تطلب الرحمة؟ هذا هو عملنا الحقيقي اليوم وفي الغد، كتابي هذا هو جزء أو بداية لطريق في هذا المسار».
في الكتاب تجدون كل ما هو مثير ومدهش يجعل الألسنة تتحدث، تتقول، تلعن وتهجو صاحبها، لأنها تهدم أساس جهله المتمسك به، كمقال «معاداة الرجل للمرأة القوية»، ومقال «الإرادة الواعية» ومقال «كيف سيطر الغرب على الشرق» وفصول أخرى غاية في الأناقة والجمال كمقال «الإباحية في الفن الروائي والقصصي» ومقال «شخصية الفرد العراقي»، ثم حوارات صحفية ساخنة، جريئة تكشف الكثير من الخبايا والأسرار وعورات مجتمعاتنا الشرقية الذابلة التي لا تعرف كيف تحيا الحياة وتعيش فيها، ستجد كل ذلك أيها القارئ في «تأملات في عالم الإنسان».