أحداث متلاحقة خلقت بدورها توترات جيوسياسية واضطرابات هزت أسواق المنطقة بأكملها بفترة وجيزة، وحملت بين طياتها أسئلة كثيرة مازالت إجاباتها غير واضحة حتى الأن.
وخلال الـ3 سنوات الماضية نجحت السوق المصرية في اتخاذ سلسلة من القرارات والإجراءات تحت مظلة برنامج اصلاح اقتصادي يهدف إلى تحسين مؤشرات الدولة وتحقيق مستهدافتها التنموية، مع خلق حياة أفضل للمواطنين وتوفير السُبل الرئيسية للمعيشة، وتزامن مع ذلك سن مجموعة من القوانين والتعديلات التشريعية بهدف دعم هذا البرنامج وتحقيق أهدافه.
وبالفعل استطاعت الحكومة من خلال برنامجها الاقتصادي الذي استهلته بقرار تحرير سعر الصرف نوفمبر 2016، أن تساهم في خلق بيئة استثمارية خصبة لمزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة، بالتزامن مع تنامي الفرص بكافة القطاعات لاسيما القطاعات المرتبطة بالكثافة السكانية والطبيعة الاستهلاكية للمواطنين، وتجلى ذلك بالفعل بالتحسن الملحوظ في معدل الاستثمار الخارجي والنظرة العامة لكافة المؤسسات الدولية صوب السوق المصرية.
مع تأكيد الدولة دائما على التزامها الكامل بتنفيذ برنامج الإصلاح، بالتزامن مع سن التشريعات التي تساعد على كسر البيروقراطية وتخلق فرصة للتيسير والسرعة في انهاء الاجراءات والحصول على التراخيص الاستثمارية المطلوبة.
لذلك نأمل ان تكون هذه الاصلاحات والخطوات هي السلاح الرئيسي لمواجهة تداعيات الاضطرابات التي تشهدها الدول الخارجية، فعلى الرغم من حالة الترقب الراهنة حول استمرار تصعيد التوترات الجيوسياسية وتأثيرها على اقتصاديات كافة دول، وقدرتها في إعادة رسم ملامح الخريطة الاستثمارية للمنطقة بأكملها.
ومازالت السوق المصرية قادرة في ظل الاستقرار السياسي الذي تتمتع به، والتحسن التدريجي في مؤشراتها على الاستغلال الإيجابي للاضطرابات الخارجية وزيادة حصتها من رؤوس الأموال الخارجية الوافدة، عبر استغلال النظرة الإيجابية لأغلب المؤسسسات الدولية .
ولكن لابد أن نعي جميعًا أن الأمر لايتوقف عند هذا الحد ولكنه سيساعد على تقليل التأثير بالتداعيات والحفاظ على النظرة الإيجابية طويلة الأجل تجاه الاستثمار في مصر، ولكن مازال هناك العديد من المتطلبات اللازمة للحفاظ على الاستقرار الذي تتمتع به الدولة حاليًا.
هذا الأمر يقع على عاتق كل شخص فينا، فعلينا جميعًا توخي الحذر في نشر المعلومات والإشاعات التي تثير البلبة وتخلق حالة من العشوائية وعدم النظام الذي يأثر بالسلب مع ما قمنا ببناءة على مدار السنوات القلية الماضية، لابد أن نتكاتف جميعًا لبدء جني ثمار الإصلاحات والاستقرار والتصدي بحزم أمام أي تأثيرات سلبية قد تعوق استكمال الحكومة طريقها للنمو .
وعلى الحكومة من الجانب الأخر زيادة عنصر الترويج واللقاءات المباشرة مع المؤسسات الدولية والمستثمرين الأجانب، لعرض الفرص الاستثمارية بكافة القطاعات والتأكيد على الإصلاحات على الصعيدين التشريعي والاقتصادي، لجذب المزيد من الاستثمارات الخارجية بكافة أشكالها سواء عبر اندماجات واستحواذات أو من خلال ضخ سيولة لإطلاق مشروعات واستثمارات جديدة أو من خلال الاستثمار غير المباشر في البورصة والسندات الحكومية، وذلك جنبًا لجنب مع دور بنوك الاستثمار والتي ينصب دورها في تصدير صورة إيجابية ومكتملة عن السوق المصرية .
لا نقصد على الاطلاق التقليل من خطورة الوضع الراهن خارجيًا، بالعكس علينا أن ندرس الأمر و نتبأ بكافة التداعيات التي قد يحملها بين طياته، وذلك بالتزامن مع تنفيذ استرتيجية تنفيذة واضحة الملامح ومحددة الأهداف تدعم قدرة الدولة على جني ثمار الإصلاح واستغلال الوضع الخارجي بصورة إيجابية بأقل خسائر ممكنة.
كاتبة المقال : الرئيس المشارك لمكتب طاحون للاستشارات القانونية