رغم أننى زملكاوى حتى النخاع لكن هذا لا يمنعنى من القول بأننى كنت محظوظاً لوجودى فى الأقصر خلال الأيام الماضية لزيارة أهلى وناسى عندما فوجئت بوجود النادى الأهلى بين أهلى وناسى، هؤلاء الناس الطيبون الذين لم يكن لهم حديث فى الأيام الماضية سوى عن هذه الخطوة الجريئة التى فعلها النادى الأهلى بأن ينشئ فى الأقصر فرعاً لهذا الصرح الرياضى الكبير فأثبت بحق صدق وجهة نظرى عندما كنت أرى الأهلى دائماً هو الرهان المضمون للكرة المصرية، وها هو يؤكد أنه الرهان الوحيد أيضا للرياضة المصرية كلها وليس فقط كرة القدم. فجاء قرار فرع الأهلى بالأقصر ليكون بمثابة لمسة حانية وطبطبة على الصعايدة الذين طالما عانوا من الإهمال والنسيان اقتصاديا ورياضيا واجتماعيا وسياسيا فإذا بالأهلى يبادر ويقدم لهم هذه الفكرة التاريخية لتكون للصعايدة بمثابة لمسة دفء فى ليلهم شديد البرودة ونسمة رطبة فى نهارهم قائظ الحرارة.
الأهلى هنا يقدم دليلا جديدا على ريادته ليثبت بالدليل العملى أن الريادة ليست شعارات رنانة وعبارت جوفاء بغير مضمون حقيقى بل هى مواقف وأفعال وتصرفات، فوجود أول فرع لنادى بحجم الأهلى فى الأقصر من المؤكد أن يتبعه فروع أخرى فى الصعيد كله. وحتما ستسير أندية أخرى على الطريق الذى بدأه الأهلى الذى رفع شعار أن الرياضة النظيفة حق لكل مصرى فى أى بقعة مهما كانت بعيدة عن قلب العاصمة التى امتلأ قلبها عن آخره ولم يعد فيه متسع لغير من يسكنه، فإذا بالأهلى ينتقل بنفسه إلى الناس حيث يتواجدون. فلا يخفى عن كل ذى عقل أن تواجد الأندية الكبرى فى القاهرة والوجه البحرى فقط حرم مصر من العديد من المواهب الصعيدية فى كل مجالات الرياضة وليس فقط فى كرة القدم، تلك المواهب التى كان من الصعب عليها أن تنتقل للحياة فى القاهرة والوجه البحرى بكل ما يتطلبه ذلك من مشقة نفسية ومادية فآثرت البقاء فى الظل على أمل بعيد المنال أن يراهم يوما ما واحد من كشافى المواهب لكنهم ظلوا فى انتظار ما لا يجىء وراحت مواهبهم فى طى النسيان إلا النذر اليسير من أصحاب الحظ الذين خدمتهم ظروف استثنائية ولعبوا فى أندية القمة فأثبتوا وجودهم. وبقيت الآلاف المؤلفة من تلك المواهب السمراء القوية بعيدة عن العاصمة مع أنه لو أتيحت لها الفرصة الحقيقية لحققت لمصر العديد من الإنجازات الرياضية سواء فى الألعاب الفريدة أو الجماعية.. ربما تكون خطوة الأهلى قد تأخرت كثيرا لكن أن تأتى متأخرا خير من ألا تأتى مطلقاً، وما لمسته من فرحة أبناء بلدى فى الأقصر بهذه الخطوة جعلنى أتفاءل بأن تكون هذه الخطوة بداية لنهضة حقيقية فى الصعيد كله وليس فى الأقصر فقط ولعل البداية تكون الرياضة ثم تنتقل بعد ذلك لجميع المجالات التى يحتاج الصعيد فيها لتنمية حقيقية توفر فرص عمل لأبنائه بعيدأ عن قطاع السياحة الذى تشبع بالأيدى العاملة من جهة كما أنه لا يثبت على حال ويتأثر سلباً بأى حادث عارض من جهة أخرى. الأهلى يدرك هنا أنه مثلما سيفيد مجتمع الصعيد بتواجده بينهم فهو سيستفيد كقلعة رياضية من مهامها الأولى اكتشاف الموهوبين والاستفادة منهم بما يحقق لخزينة النادى ملايين وربما مليارات الدولارات وأنا على يقين أن بهذا الفرع فى الأقصر سيعود الأهلى كما كان أيام زمان موردا للمواهب لجميع الأندية المصرية بدلا من ظاهرة شراء اللاعب الجاهز التى فرغت الأندية الأخرى من أهم نجومها وهو ما أثر على مستوى هذه الفرق.
بقى أن أطالب إدارة الأهلى بأن تراعى ظروف الناس فى الأقصر وفى الصعيد وأن تعيد النظر فى أسعار الاشتراكات وأن تقدم لهم تسهيلات ليتمكنوا من تحقيق حلمهم وحلم أبنائهم وبناتهم من أصحاب المواهب فى أن يجدوا لهم مكانا على خريطة الرياضة فى مصر فالأسعار المعلنة للاشتراك تفوق قدرة السواد الأعظم من أبناء الأقصر مما يعنى حرمانهم من الإنضمام لقلعة الأهلى التى طالما حلموا بها. كما أتمنى أن أسمع فى القريب العاجل عن أندية قمة أخرى قررت أن تلاحق الأهلى، ليس على قمة الدورى هذه المرة ولكن على أن يكون لهم مكان فى قلب أهلى وناسى فى الصعيد، فإنهم منتظرون.