خلق الله – عز وجل – الإنسان وكرّمه وسيّده ، وجعله خليفةً له في أرضه وحباه بنعم لا تعد ولا تحصى وكان من جملة هذه النعم نعمة
المال .
فالمال نعمة فبه نقضي الحاجات ونحقق الرغبات …. والنفس بطبيعتها تميل إليه أو تميل إلى من بيده المال وما سُمي المال مالاً إلا لأن النفوس تميل إليه وتهواه قال تعالى : ( وتُحِبون المال حُباً جَما)
وقال القائل :
مالى أرى الناس قد مالوا لمن عنده مال *** ومن لا عنده مال فعنه الناس قد مالوا
لذا نجد أن الإسلام نظم علاقة المسلم بالمال فبين الأسس التي يجب علينا إتباعها عند تعاملنا مع المال ، ومن هذه الأسس : ألا نجعل المال غايةً لنا في هذه الحياة ؛ لأن مَن جعل المال غايته في هذه الحياة تحكم فيه وسيطر عليه ، ووجه كل انفعالاته في هذه الحياة ، أحب من أجله وكره من أجله ، سالم من أجله وحارب من أجله …..
إن كان المال غايتنا في هذه الحياة لم نبالي وقتها من أي طريقٍ جاء مِن حلال أم من حرام .
إن كان المال غايتنا في هذه الحياة تناسينا حق الله – عز وجل – في المال ، تناسينا حق المسكين والفقير وعابر السبيل …
إذاً ينبغي أن يكون المال وسيلةً وليس غاية ، وسيلة إلى رضا الله عز وجل والقرب منه .
ومن هذه الأسس ـ أيضاً ـ تحرى الحلال في جمعه وفي إنفاقه ، فالمسلم الحقيقي هو الذي يتحرى الحلال في مأكله ومشربه ومسكنه ومركبه ، وفي سائر حياته وحياة مَن يعول ، المسلم الحقيقي ، لا يسرق ، لا ينهب ، لا يختلس ، لا يخون الأمانة ، لا يغش ، لا يطفف ، لا يدلس …. لأنه يعلم أنه موقوف ومسئول أمام الله – عز وجل – قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم :{ لا تزولُ قَدَمَا عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يُسألَ عن أربعٍ عَن عُمُرِه فيما أفناهُ وعن جسدِهِ فيما أبلاهُ وعن عِلمِهِ ماذا عَمِلَ فيهِ وعن مالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وفيما أنفقَه }
فمن لم يتحرى الحلال في معيشته ومعيشة أهله لا يُقبل منه صرف ولا عدل ولو أقام نفسه سارية في المسجد قال صلى الله عليه وسلم :{ لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا، فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا، قَالَ ثَوْبَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صِفْهُمْ لَنَا، جَلِّهِمْ لَنَا، أَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ، قَالَ: أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ، وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ، وَيَأْخُذُونَ مِنْ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ، وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا }
أي إذا خلا الواحد منهم بنفسه أو ببني جنسه نهب ، وسلب ، واختلس وخان الأمانة ، ولم يبالي بأكل الحرام .
فعلى المسلم أن يتحرى الحلال ليكون في حمى الرحمن .