بعد أن نقلت الفضائيات مشاهد من الدمار الهائل الذى لحق بمناطق عديدة فى قرى ومدن قطاع غزة، خلال اليومين الماضيين، بعد وقف الحرب تردد فى عقلى سؤال يدور فى عقل كل فلسطينى فقد بيته وهجره رغما عنه: أين بيتى؟
الحديث عن البيوت الفلسطينية التى تم تدميرها يدور على محورين؟
المحور الأول: يتعلق بتلك البيوت التى تم تدميرها بالكامل فى إطار تدمير مناطق بكاملها وتسويتها بالأرض، وبالتالى اختلطت فيها الحدود والمساحات، وتاهت المعالم، ولم يعد من الممكن معرفة تفاصيل أو مساحة هذا البيت أو ذاك.
المحور الثانى: يتعلق بالبيوت التى تم تدميرها جزئيا ولم تعد صالحة للاستخدام وتحتاج إلى الهدم وإعادة البناء مرة أخرى، لكنها أخف ضررا من النوعية السابقة.
المشكلة الأكبر تتعلق بالنوعية الأولى من المنازل التى تم تدميرها، فى إطار تدمير مناطق بالكامل ولم تعد هناك تفاصيل أو معالم معروفة للمنازل.
حينما يذهب الفلسطينى إلى تلك المناطق المنكوبة لن يعرف منزله من منازل جيرانه، ولاحدود مسكنه أو حتى مجرد موقعه؟
تلك هى المأساة الكبرى التى سوف تواجه أعدادا كبيرة من الفلسطينيين ممن فقدوا منازلهم، وتم تهجيرهم إلى مناطق أخرى، لكنهم سوف يصدمون بعنف، لأنهم لن يستطيعوا التعرف على ركام منازلهم، ليقفز السؤال الصعب: أين بيتى؟
للأسف الشديد فإن التقديرات تشير إلى أن عمليات رفع الأنقاض تحتاج إلى عدة سنوات قبل أن تتم تهيئه تلك المناطق لإعادة الإعمار مرة أخرى.
ما حدث فى قطاع غزة جريمة إنسانية يندى لها الجبين، تؤكد خلل المعايير الدولية وازدواجيتها، وبطلان دعاوى حقوق الإنسان، وزيف الديمقراطية، والعدالة الدولية، وكلها للأسف الشديد اتضح أنها أكاذيب يراد بها حقوق المعتدين فقط ومصالحهم دون سواهم.
لقد فاق العدوان كل الحدود، وتجاوز كل الخطوط، وبلغت الأهوال حدودا غير مسبوقة فى التاريخ الإنسانى.
المؤكد أن الأيام المقبلة سوف تشهد الكشف عن فظائع أخرى كثيرة، ومقابر جماعية، وجثثاً تحللت تحت الأنقاض، وغيرها من الفظائع غير المسبوقة.
المهم ألا ينخدع العالم بالوقف المؤقت لإطلاق النيران، وتنشط المنظمات الحقوقية والإنسانية فى ملاحقة قادة العدوان وجنوده فى كل مكان بالعالم حتى ينال الشعب الفلسطينى كامل حقوقه.