اليوم، وزيرةُ التخطيطِ والتنميةِ الاقتصادية تشارك في مؤتمرِ “حقوقِ الإنسانِ… بناء عالم ما بعد الجائحة” الذي ينظمه المركزِ المصريّ للفكرِ والدراساتِ الاستراتيجية
كتب عادل احمد
شاركت اليوم، الدكتورة هالة السعيد، وزيرةُ التخطيطِ والتنميةِ الاقتصادية في مؤتمرِ “حقوقِ الإنسانِ… بناء عالم ما بعد الجائحة” الذي ينظمه المركزِ المصريّ للفكرِ والدراساتِ الاستراتيجية.
وفي مستهل كلمتها خلال المؤتمر، أكدت الدكتورة هالة السعيد أن صدورُ تقريرِ “كورونا وحقوق الإنسان – كلنا معًا” عن الأممِ المتحدة، في أبريل 2020، يعد بمثابةِ البوصلةِ التي توجه كافةَ دولِ العالم على حدِ سواء نحو الجهودِ الواجبةِ للتعافي من هذه الأزمة، مع إعادةِ ترتيبِ الأولوياتِ وفقًا لمنظورٍ حقوقي.
وأشارت السعيد إلى الإجراءات التي حددها برنامجُ الأممِ المتحدة الإنمائي اللازمةِ لمرحلةِ التعافي من آثارِ الجائحة حتى عام 2030 والتي تهدفُ إلى تعزيزِ حقوقِ الإنسانِ في العالم، في إطارِ أهدافِ التنميةِ المستدامة منها: توفيرُ الحمايةِ الاجتماعيةِ واحترام حقوقِ الجميع دون تمييز، الاستثمارُ في تنميةِ القدراتِ تركز على قطاعاتِ الصحة ومعالجة التفاوتات في الدخل، التحولُ القائمُ على التعافي الأخضر والحفاظِ على الموارد الطبيعية ومكافحة التغيرات المناخية، اتخاذُ خطواتٍ ملموسة نحو الإدماجِ وتعزيزِ التنوع، بما في ذلك المساواةِ بين الجنسين، الحوكمةُ وتسريعِ وتيرة التحول الرقمي.
وفي إطارِ الحديثِ عن جهودِ الدولةِ المصرية لضمانِ حقوقِ الإنسان بمفهومها الشامل لفتت السعيد إلى قيام الدولة بتنفيذُ العديدِ من المُبادراتِ التنموية منها: مُبادرةُ حياة كريمة، ومراكبُ النجاة، و في مجالِ الصحةِ المبادرة الرئاسية 100 مليون صحة للقضاءِ على فيروس سي، والتي تُعدُّ أكبرَ المبادراتِ في قطاعِ الصحةِ في تاريخِ مصر والعالم، فحظيت لنجاحِها بإشادةِ مُنظمة الصحة العالمية، وكذلك مبادرةُ الكشفِ عن السمنة والتقزم والأنيميا بين طلاب المدارس، ومبادرةُ مُضاعفةِ أسرّة الرعايةِ المُركزة ونقاطِ الإسعاف. وفي مجالِ التعليمِ جاءت مبادرةُ خفضِ كثافةِ الفصول، وربط مُخرجاتِ التعليمِ الفني بسوقِ العمل من خلال إنشاءِ المدارسِ التطبيقيةِ الفنية والجامعاتِ التكنولوجية، والتوسعِ في إتاحةِ الجامعاتِ الأهلية.
وأضافت السعيد أن الدولةُ راعت أيضا في الأعوامِ الأخيرةِ تكثيفَ الاستثماراتِ العامةِ لتطويرِ البنيةِ الأساسيةِ خاصةً في قطاعاتِ “النقل، ومياه الشرب والصرف الصحي، وخدمات الكهرباء”، مؤكدة حرصَ وزارةِ التخطيطِ والتنمية الاقتصادية – وهي المنوطةُ بإدارةِ منظومةِ التخطيطِ التنموي- على توجيهِ الاستثماراتِ العامة بما يضمنُ ترتيبَ الأولوياتِ وفق الاحتياجاتِ التمويلية، ومعالجةِ الفجواتِ التنموية بين المحافظاتِ، وضمان الشفافيةِ وتوفير المعلوماتِ وتحديثها باستمرار حول أداءِ برامج التنمية بمؤشراتِ أداءٍ واضحة، وذلك لتحقيقِ مبادئ المساءلة وإشراكِ المواطن في عمليةِ صنع السياساتِ العامة وتنفيذها.
وفيما يتعلق بالمساواةِ وتكافؤ الفرص بين الجنسين، أوضحت السعيد أن الحكومةُ تبنت في عام 2017 ” الاستراتيجية الوطنية لتمكينِ المرأة المصرية 2030″، والتي تستهدفُ إدماجَ المرأة وقضاياها في السياسات المختلفة، وتعزيز دورِها السياسي والاقتصاديّ والاجتماعي، والحرص على ضمانِ اعتباراتِ المساواةِ بين الجنسين، وتأكيدًا لذلك نصَّ برنامجُ عملِ الحكومةِ المصرية على مبادئ تسعى إلى تقليلِ الفوارقِ بين الجنسين، أبرزها المساواة أمام القانون، والحقوق السياسية والحقوق التعليمية بما تتضمنه من المساواةِ في فرصِ التعليم وحقوق العمل، والأجر المتساوي وقوانين حماية الأمومة، كما أطلقت وزارةُ التخطيط والتنمية الاقتصادية دليلَ التنميةِ المستدامة المستجيبة للنوعِ الاجتماعي والذي يهدفُ إلى تهيئةِ البيئةِ المُشجعة لزيادةِ مشاركةِ المرأة في النشاط الاقتصادي في ضوءِ توجهاتِ رؤية مصر 2030 وتخفيف حدة تأثيرات جائحة كورونا، وكذا تم توجيه الجهاتِ الحكومية نحو تنفيذ البرامجِ والمشروعاتِ التنموية التي تعملُ على تنفيذِ رؤيةِ الدولة في مجالِ الرعايةِ الاجتماعية للمرأةِ والطفل، ومنح أولوية في التمويل لهذه البرامجِ والمشروعاتِ في خُططِ التنمية المستدامة، وإتاحة الفرصة للمرأة في تحديدِ أولوياتِ الخططِ والبرامج والمشروعات التنموية.
وسلطت السعيد الضوء على ما حققته الدولة من إنجازاتِ في هذا المجال ومنها: في المجالِ السياسي تحقيق مصر مستويات تاريخية وغير مسبوقة لنسبِ تمثيل المرأة في البرلمانِ المصري، حيث وصلت نسبةُ تمثيلِ السيداتِ في البرلمان المصري إلى 28% ونحو 13.3% بمجلس الشيوخ، واجتماعيًا سجلت مصرُ أعلى نقطة لها في مؤشرِ المعاشاتِ والدخل المتساوي بواقع 100%، وفي مؤشرِ ريادةِ الأعمالِ وبيئة العمل بالنسبة للمرأة بواقع 75%، وذلك في مؤشرِ “المرأة وأنشطة الأعمال والقانون” الصادر عن البنكِ الدولي.
وفي إطار التمكينِ الاقتصادي للمرأةِ أوضحت السعيد أن الإناثُ تمثل نسبة 50.7% من إجمالي العاملين في الجهازِ الإداري للدولة، ومن ناحية أخرى، ارتفعت نسبةُ تمثيلِ السيداتِ في مجالس إدارات الشركات المسجلةِ في البورصة من 10.1% في عام 2019 لتصلَ إلى 11.6% عام 2020، وتحسنت النسبة في شركات القطاع العام لتصلَ إلى 8.7% في عام 2020 مقارنة بنحو 6.1% في 2019.
وأشارت السعيد إلى قرار مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية في عام 2020 الذي ينصُ على “أن يتضمنَ تشكيلُ مجالسِ إدارات الاتحادات المصرية للشركاتِ والجهات العاملة في مجالِ الأنشطة المالية غير المصرفيةِ عنصرًا نسائيَا واحدًا على الأقل.”.
وفي إطار جهودِ الحكومة والبنكِ المركزيّ المصري لتحقيقِ الشمول المالي، أفادت السعيد أن أعدادُ المستفيداتِ من خدمات الدفعِ باستخدامِ الهاتف المحمول زادت إلى نحو 2 مليون سيدة، كما حظيت المرأةُ بنسبة 40% من الزيادة في أعدادِ الحساباتِ المصرفية خلال العام الأخير (من فبراير2020- إلى فبراير 2021).
وأكدت السعيد أنه من المؤشراتِ الإيجابية، والتي تمثل دلائلَ مهمة نلمسُ من خلالِها ثمارَ المبادراتِ التنموية والجهود التي تبذلها الدولةُ المصرية في السنوات الأخيرةِ لتعزيزِ الحقوقِ الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية للمواطنين، انخفاض نسبة الفقر لأول منذ عشرين عامًا (منذ 1999) إلى 29.7%، حيث انخفضت نسبةُ الفقرِ في جميعِ المناطقِ في الريفِ والحضر. وكذا زيادة معدلِ التشغيل وانخفاض معدلاتِ البطالة والتي تراجعت إلى 7.2% في الربع الثاني من (20/2021).
واستعرضت الدكتورة هالة السعيد مجموعةُ السياساتِ الاستباقيةِ التي اتخذتها الحكومةُ للتعاملِ مع جائحةِ كوفيد 19 ومنها مساندةُ القطاعاتِ المتضررة: من خلال تخفيف الأعباء المالية وتوفير السيولة والائتمان؛ وفي مقدمتها قطاع السياحة والطيران والشحن والسفر وقطاع المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، وذلك لتخفيف آثار ما شهدته هذه القطاعات من إغلاق وتوقف كلي أو جزئي للمنشآت والتأثيرات السلبية لذلك على العمالة، إلى جانب تنشيط الاقتصاد من خلال زيادة الدخول وزيادة الاستثمارات في القطاعات التي تحظى بأولوية واعتماد سياسات نقدية ومالية تحفيزية تشمل تأجيل وإعادة جدولة مديونيات بعض القطاعات، وحزم تمويلية، وتأجيل مدفوعات الضرائب وبعض المستحقات السيادية، فضلا عن مساندةُ الفئاتِ المتضررة: من خلال مساندة العمالة المنتظمة وغير المنتظمة من خلال صندوق الطوارئ؛ (المنحة الرئاسية التي كانت مقررة لمدة ثلاثة أشهر ثم تم مدُها بتوجيه من السيدِ رئيس الجمهورية لمدة ثلاثة أشهر أُخر)، وتعملُ الحكومة المصرية حاليًا على الاستفادة من قواعد البيانات التي تضمُ نحو 6 مليون عامل متقدم للحصول على المنحة الخاصة بتداعيات كورونا، لوضع برامج تدريب مناسبة تمهيدًا لخلق فرص عمل ملاءمة لهم.
ولفتت السعيد إلى أن المرأة تأتي في مقدمة الفئات المتضررة من الجائحة موضحة أنه نتيجة للجهودُ والإجراءاتِ التي قامت بها الدولةُ المصرية وقيام المجلسُ القومي للمرأةِ بوضع ورقةَ سياساتٍ حول الاستجابةِ لاحتياجاتِ المرأة والفتاة خلال جائحة فيروس كورونا، جاءت مصرُ في المركزِ الأول في التقريرِ الصادرِ عن هيئةِ الأممِ المتحدة للمرأةِ وبرنامجِ الأممِ المتحدةِ الإنمائي حول الإجراءاتِ التي اتخذتها الدول حول العالم لمساندةِ المرأةِ خلالَ فترة الجائحة، كما تبنت الجمعيةُ العامة للأممِ المتحدة وللمرة الأولى في تاريخها وبتوافق الآراء قرارًا مصريًا لحقوق المرأة لتعزيزِ الاستجابة الوطنية والدولية السريعة لتأثيرِ الجائحة على النساء والفتيات. وبذلك قادت مصر تحركًا دوليًا لحماية حقوق المرأة في ظل الجائحة كأهم حق من حقوق الإنسان.
ولفتت السعيد إلى توسع الدولةُ في إتباع إجراءات الحماية الاجتماعية، موضحة أنه نتيجة لما حققته المرحلة الأولى من المشروع القومي لتنمية الريف المصري “حياة كريمة” من تأثير إيجابي على جودة حياة المواطنين، تم إطلاق المرحلة الثانية من المبادرة في إطار المشروع القومي لتنميةِ الريف المصري، والذي يمتد لثلاثة أعوام تستهدفُ كل قرى الريف المصري (4500 قرية يعيش بها نصف سكان مصر-50 مليون مواطن) يتم تحويلُها إلى تجمعاتٍ ريفية مُستدامة تتوافر بها كافة الاحتياجات التنموية خلال ثلاث سنوات وبتكلفة إجمالية تصل إلى 600 مليار جنيه، وبما يعزز جهود الدولة لتوطين أهداف التنمية المستدامة وتحقيق التنمية الإقليمية المتوازنة، والتي تعد أحد الركائز الأساسية لرؤية مصر 2030.
وأوضحت السعيد أنه من المؤشراتِ التي تدللُ على نجاح مبادرة “حياة كريمة” مساهمتها الفاعلة في خفض معدلات الفقر وتوفير الخدمات في القرى التي تغطيها المبادرة، وهي نتائج تعزز جهود تحقيق أهداف التنمية المستدامة سواء الوطنية أو الأممية، وقد تكلل هذا النجاح – مؤخرًا- بإدراج الأمم المتحدة مبادرة “حياة كريمة” ضمن أفضل الممارسات الدولية” SDGs Good Practices ، وذلك لكونها محددة وقابلة للتحقق ولها نطاق زمني، وقابلة للقياس، وتتلاقى مع العديد من أهداف التنمية المستدامة الأممية.
واختتمت الدكتورة هالة السعيد كلمتها بالتأكيد على اهتمام الدولة المصرية بتوطينِ التنمية أو ما نطلق عليه “التوطين المحلي لأهدافِ التنمية المستدامة،” ومبادرة “حياة كريمة” تأتي تأكيداً على هذا. وذلك بهدفِ تحقيق مفهوم «النمو الاحتوائيInclusive Growth والمستدام والتنمية الإقليمية المتوازنة»، كأحد الركائز الأساسية لرؤية مصر 2030، لتعظيم الاستفادة من المزايا النسبية للمحافظات وتوجيه الاستثمارات العامة للدولة بشكل أكثر كفاءة وفاعلية، وذلك من خلال عمل وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية على تطوير مؤشر التنافسية للمحافظات.