من يقرأ المعارك التي خاضها المفكرون والفلاسفة القدامي ضد مهاجمي الاسلام والملاحظة وأصحاب الأهداف الممولة يكتشف أن هذه المعارك ممتدة ومتكررة معادة “كلما اوقدوا نارا للحرب أطفأها الله” ” لكنهم لا ييأسون وعلى الجانب الآخر يهب من ينافح عن دين الله ويفند الشبهات القديمة في ثوبها الجديد
ومن يقرأ كتاب “السيرة النبوية تحت ضوء العلم والفلسفة “للمفكر الفيلسوف محمد فريد وجدي رئيس تحرير مجلة الازهر الأسبق الذي ولد ١٨٦٩م على أرجح الأقوال توفى في ١٩٥٤م – يتصور أن الكتاب كتب في أيامنا هذه ويرد على نفس الشبهات التي ما زالت تثار وكذلك الدعوات الهدامه التي تسفه الأديان وتدعو إلى التخلي عنها
لذا فإن التحية واجبة لمجلة الازهر التي أعادت إصدار الكتاب ملحقا على المجلة ليفيد منه الناس وتذكرهم بهذا الفيلسوف الذي أوقف عمره للدفاع عن الإسلام وقيمه .والحق أن المجلة تنتهج منهجا عظيما منذ فترة طويلة تستحق عليه التحية انطلاقا من إيمانها بمسئولية الأزهر نحو نشر الدين الصحيح من خلال هذه الكتب الفكرية التي تخاطب العقل المفكر – أي عقل- بالحجة والمنطق مستوعبة كل الأفكار مناقشة لها بالحكمة والموعظة الحسنة كما أنها تقدمها رخيصة الثمن انطلاقا من نفس المسئولية
كما تحرص على أن يصاحب هذه الكتب مخطوطة محققة لأحد العلماء القدامى في موضوعات تخدم عصرنا وأمتنا .
أعود للكتاب الذي تميز بمنهج اتخذه مؤلفة في كل مشروعه الفكري الذي عاش ومات من أجله ألا وهو “دستور العلم” في نقاش القضايا التي يثيرها أصحاب الاغراض أو يتناقلها من لا علم له ظنا منه أنها الصواب .
والكتاب في جزئه الاول يتضمن ١٥موضوعا بالإضافة إلى تقديم ضاف لفضيلة الدكتور نظير محمد عياد أمين عام مجمع البحوث الإسلامية ومقدمة للمؤلف يشرح فيها قصة الكتاب الذي نشره مقالات في مجلة الازهر التي رأس تحريرها ٢٠عاما متواصلة .
أما موضوعات الجزء الاول فهي: ما هي النبوة وما هي الرسالة والأدلة العلمية على إمكان الوحي والشكوك في إمكان الوحي وعلاجها بالفتوحات العلمية الحديثة، وحظ الأمم من النبوة قديما وحديثا .،ونصيب العالم من رسالة خاتم المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وأدوار الدعوة الإسلامية وما لقي أهلها في سبيلها، وعزم المشركين على الجد في وقف الدعوة الإسلامية، ونظرة في مناهضة المشركين للدعوة الإسلامية وماتنم عنه من العوامل، وهجرة النبي صلوات الله وسلامه عليه وأصحابه إلى المدينة، ونشوء الدولة الإسلامية بين العوامل المختلفة، والحرب في شرعة الإسلام، وبدء الصراع بين الحق والباطل ..وقعة بدر وما سبقها من المناوشات، وواقعية بدر والنظام والشورى والاسبسال وتربية الوحي .
يقول المؤلف عن منهجه في تناول السيرة النبوية:”..فإننا إن سرنا على شرط العلم في إثبات الحوادث وعزتها إلى عليها القريبة فإنه سيتألف من جملتها أمر جلل يقف العلم نفسه أمامه حائرا،لا يستطيع تعليل صدوره عن فرد واحد وسيكون مضطرا أن يعترف بأن محمدا صلى الله عليه وسلم كان عبقريا من طراز خاص فاق به جميع العباقرة،وهذا كسب عظيم القائلين بنوته ،لأن العبقرية في العلم لا تعني ماتعنيه في عرف العامة هي في العلم ما يلقى في روع العبقري من علم أو عمل دون جهد منه فيجيىء فذا لا سابقة له ..فالعبقرية بهذا المعنى تقرب معنى النبوة إلى العقل وتسوغها في العلم كما ينفصل ذلك تفصيلا..إن ما تم على يد محمد صلى الله عليه وسلم أمور لا يسلم بها العقل لولا أنها حوادث لا يمكن إنكارها ولا الغض جلالها بوجه من الوجوه ..”