ما أجمل ان تكتشف في النهاية ان الطريق يسلمك الى الله او يتركك على باب من ابواب الله وبالقرب من فيوضات رضوانه ورحماته.
الطريق الى الله..هو طريق كل عبد من لحظة الميلاد وحتى يبلغ تمام اجله.في كل مراحل حياته هو سائر الى الله دون توقف حتى وهوينحرف عن الطريق ويخرج عن القضبان..الطريق الى الله هوأوضح الطرق واكثرها ضياء ونورا وبهجة بل وامتعها في الوصول الى كل هدف في الحياة ومن ثم يفتح كل ابواب النعيم الدائم في الدنيا والاخرة.
وبلغة العصر فان الطريق الى الله هو افضل طرق التنمية والاصلاح الشامل هو الضمان والاشارة والعلامة التى لا تخطئ ولا تسمح باي نوع من الخطيئة واستمرارها حتى وان حدثت نتيجة لخطأ ما فسرعان ما يتم التعديل والتبديل والتوفيق والعودة الى جادة الصواب.
من الخطايا التى وقع فيها الكثيرون الاعتقاد بان الطريق الى الله قضية مرتبطة بالعبادة وفقط ان تنقطع لله في المسجد اوالصومعة ان تصوم النهار وتقوم الليل وفقط..لا الطريق الى الله منهج حياة لكل فرد يولد على هذه البسيطة وايا ما ماكان الامر الذي يبدع فيه او يتخصص فطريقه الى الله العامل في المصنع الفلاح في حقله الطبيب في عيادته ومشفاه المهندس المحامي التاجر كل انشطة الحياة اذا لم تكن واضحة المعالم على طول الخط ملتزمة بالقواعد والاسس والقوانين المنظمة والحاكمة لها فقد خرجت عن الطريق الى الله..
قد يقول البعض ولماذا الى الله طالما هناك التزام بالقانون والقواعد؟
والجواب ببساطة:المخلصون يرون الله امامهم دائما في كل الحركات والسكنات في لحظات الفرح والترح في لحظات الفرج والضيق في القرب والبعد في الربح والخسارة في كل شيء ترى الله حتى في لحظات الغفوة والغفلة..ان استشعار الارتباط والتعلق بالله ضمان امان وحماية وفيه رقابة ذاتية ورادع من وازع ايماني داخلي ورغبة في التحلي دائما والتخلي عن كل ما يعكر الصفو او يخدش ويجرح ويشوه معالم الصورة والعلاقة مع الله..انه القوة الحقيقية الدافعة الايجابية نحو التقدم الى الامام بلا خوف او وجل وبلا اي حسابات قد تعوق المسيرة..
الطريق الى الله ليست موحشة كما يتوهم البعض..انما تأتي الوحشة من الابتعاد عن النور والاستغراق في الظلام والعيش في عالم مضطرب مستسلم لنوازع النفوس المريضة والركون الى مصايد الشيطان وحبائله التى تعمل دائما على تزييف الحقائق وتزيين الشر وتجميل الخدع وقلب الامور وخلق حالة من القلق والعبث بالمفاهيم وجعلها معكوسة والاصرار على ان تبدو كل الاشياء الجميلة ملوثة قبيحة كريهة حتى الحب والخير والجمال!
الوحشة تأتي من سيطرة النفعية وتحكم الانانية وحب الذات على كل شيء حتى اصبحت منهجا موازيا يبعد دائما عن الطريق الى الله ويعمق من الجراح ويدفع الى مزيد من الغوص في الاوحال.
كل ذلك لم تكن له من نتيجة الا ان سلب من الاشياء جمالها وأطفأ انوارها وطمس حتى ما بدا من معالم واشارات للضياء كانت موجودة..لم يعد الحب حبا صار شيئا اخر تحول الى لعبة وانضم الى كثير من المصطلحات الجميلة التى اصبحت سيئة السمعة. أصبح مجرد كلمة تلوكها الالسن يلهو بها المغفلون مع المتغافلين لم يعد قوة دافعة للخير جالبة للدفء موحية بالطمأنينة مؤدية الى السكينة محققة للرحمة..اصبح الحب قوة قهر بعد ان سلبناه روحه وقيدناه بقيود من نار ومقامع من حديد لم يعد يعرف مودة ورحمة في أفضل الاحوال أصبحشيئا مسخا.
الخير اصابه ما صاب صاحبه الحب وأنكى.فقد تحول الى واحدة من اشرس واقذر ادوات ارتكاب الجرائم ضد الانسانية اصبح الخير ستارات شديدة السواد خادعة يتخفى وراءها صنوف عفنة من البشر..تحول الى حوائط صد وجدر يقف وراءها ديناصورات يلعبون ويتلاعبون بكل القيم والاخلاق ويتاجرون بكل شيء لايهم نوعه وطبيعته حتى ولو كان مقدسا وكم من صدمات مزلزلة لمن ادعوا الخيرية وتاجروا بها عيانا بيانا اطالوا الذقون وقصروا الاثواب وانشأوا مؤسسات وجمعيات خيرية باسمهم اوعائلاتهم او شهدائهم او من ادعوا الورع وادمنوا الطريق الى ارض الحجاز ولم يدخلوا الى المشعر الحرام حتى وان دخلوها فهم كاعجاز نخل خاوية!
هؤلاء واولئك خرجت عرباتهم عن القضبان وغابت في صحراء التيه ولم تجد من يردها الى الطريق حتى طريق عودتهم كان محفوفا بالمكاره..
الطريق الى الله نور يحتاج الى نور..والعمل في النور لايصدر عنه الا النور ومن ذاق عرف حلاوة نور الايمان وامتلك القوة الدافعة والمحركة لكل خير والمبدعة لكل جمال حقيقي.
السؤال ماذا تفعل عندما تضل في الطريق الى الله وتفقد البوصلة وتخرج الامور عن سيطرة القوة النورانية ؟ ماذا تفعل اذا اخذتك الدنيا بغرورها وغرها وغريرها وازينت لك بالمال والبنون وصنوف الزينة والاغواء وضاعت منك معالم الطريق الى حسن الخاتمة؟
الجواب كما يقول العارفون وكما تؤكد قواعد الطريق والانطلاق في رحلة الحياة:ليس من شروط السير الى الله ان تكون في حالة طهر ملائكية.سر الى الله بأثقال طينك فهو يحب قدومك اليه ولو حبوا.
ومن عجيب ألطاف الخالق ان الطريق اليه مزود بكل محطات الخدمة اللازمة لما تحتاج اليه لضمان سلامة الوصول معافى راضيا مرضيا.لم يترك لك فرصة مضنية او مزعجة لتفكر في طريقة او وسيلة للاصلاح..عملية اعادة ضبط المصنع متاحة خمس مرات يوميا اعادة ضبط الزوايا وعمليات الترصيص
لاتتوقف لاتترك شائبة تعطل المسيرة او تسمح للعربة بالانحراف والخروج عن القضبان هذا علاوة على المحطات الكبرى للتزود بالوقود وتجديد الطاقة في المواسم الايمانية وغيرها لمن اراد المزيد من الانواروالرغبة في الترقي والتجلي..
الكارثة تقع عندما تغض الطرف اوتصيبك حالة صهينة متعمدة وانت تشاهد خروج العربات عن القضبان وان ترى محطات الشحن لا تعمل وانت تدرك ان خيارات ضبط المصنع متوقفة عن العمل وانت ترى المطبات والمنزلقات فيجبرك العناد على القفز الى المجهول فتصدم بعربات الاخرين وتدخل مرحلة الفوضى والتيه ويسود التخبط ويحدث مالايحمد عقباه!
اصلاح الطريق الى الله يتطلب عزيمة ودرجات عالية من الصدق مع الله ومع النفس والرغبة الاكيدة في تعديل كل المسارات المعوجة والممجوجة حتى تكون البوصلة في الوضع الصحيح. وانت في الطريق الى الله احذر ان يأخذك الغرور بايمانك او زهدك وكثرة طاعتك واحسانك وحسناتك وتذكر دائما ان الله يحول بين المرء وقلبه..احذر ان تحتفظ بمخزون الحقد والكراهية اوان تفقد القدرة على التسامح مهما كانت جفوة وغلظة وشقاء الاشقياء واحذر ان تكون عاقا معوقا يتخذك الشيطان مطية لتحقيق مآربه وتنسى وتتناسى طريق الله حتى وقت الرحيل.
اصلاح الطريق الى الله لايكون بالفتاوى الشاذة والاستدلالات الرديئة الملفقة والافكار شديدة الميوعة والسخافة في خضم الاحداث الجسام التى تخوضها الامة وفي ظل تحديات المتربصين بالداخل والخارج ايضا.
الطريق الى الله طريق الرجال ولايعرف الا الرجال ولن يصمد فيه الا المخلصين المحبين الصادقين حتى يصدق الله معهم.
والله المستعان..
Megahedkh@hotmail.com