يمثل فهم موعد وسبب موت الخلية أمرًا أساسيًا لدراسة المرض والشيخوخة. وبالنسبة للأمراض العصبية، مثل الزهايمر وباركنسون، يعد تحديد الخلايا العصبية الميتة والمحتضرة أمرًا بالغ الأهمية لتطوير واختبار علاجات جديدة. لكن التعرف على الخلايا الميتة أمر صعب ويمثل مشكلة دائمة.
حتى الآن، كان على العلماء تحديد حالة الخلايا (أيها حية وأيها ميتة) تحت الميكروسكوب يدويًا. وتتميز الخلايا الميتة بمظهر مميز يسهل التعرف عليه نسبيًا. وكان الباحثون يوظفون جيشًا من المتدربين الجامعيين، الذين يتقاضون رواتبهم بالساعة، لمسح آلاف الصور والاحتفاظ بحساب وقت وفاة كل خلية عصبية في العينة. ولسوء الحظ، يعد القيام بذلك يدويًا عملية بطيئة ومكلفة وأحيانًا يكون عرضة للخطأ.
ويمكن لمعظم تقنيات التصوير أن تكتشف فقط المراحل المتأخرة من موت الخلية، وأحيانًا بعد أيام من بدء الخلية في التحلل. وهذا يجعل من الصعب التمييز بين ما ساهم بالفعل في موت الخلية وبين العوامل المشاركة في تحللها.
لكن فريقًا بحثيًا بقيادة جيريمي لينسلي، قائد البرنامج العلمي بمعاهد جلادستون، بجامعة كاليفورنيا، سان فرانسيسكو، طور تقنية جديدة للذكاء الاصطناعي يمكنها تحديد الخلايا الميتة بدقة وسرعة فوق طاقة البشر. يمكن أن يؤدي هذا التقدم إلى تحفيز جميع أنواع البحوث الطبية الحيوية، خاصةً فيما يتعلق بالأمراض العصبية.
لقد دخل الذكاء الاصطناعي مؤخرًا مجال الفحص المجهري، وشكل ذلك أهمية خاصة لأنه يمكنه تحليل الصور بدقة تضاهي قدرة البشر على تحليلها.
يمكن أن تشمل هذه الدقة ظواهر بيولوجية يصعب رؤيتها بالعين. تمكنت إحدى المجموعات البحثية من استخدام التقنية الجديدة لتشخيص سرطان الجلد بشكل أكثر دقة من أطباء الجلد المدربين.
بناءً على هذا العمل، طور جيرمي وفريقه تقنية جديدة محسّنة لتحديد الخلايا التي ماتت. وتم تدريب هذه التقنية على التمييز بين الخلايا الميتة والخلايا الحية بوضوح. ويمكن لـهذه التقنية التي تسمى BO-CNN أن تتعلم بسهولة أن اللون الأخضر يعني “حي” والأصفر يعني “ميت”. وتتعلم أيضًا خصائص أخرى تميز الخلايا الحية والميتة وهي خصائص غير واضحة للعين البشرية.
يقول جيريمي، أعتقد أن نهجنا يمثل تقدمًا كبيرًا في تسخير الذكاء الاصطناعي لدراسة البيولوجيا المعقدة، ويمكن تطبيق هذا الدليل على نطاق واسع بما يتجاوز اكتشاف موت الخلايا في التصوير المجهري.
ويمكن أن تساعد شبكات BO-CNN الباحثين على اكتشاف ظواهر جديدة في الصور لم يكونوا ليتمكنوا من التعرف عليها بسهولة.
بفضل قوة الذكاء الاصطناعي، يعمل الفريق البحثي حاليًا على توسيع قدرات تقنية BO-CNN للتنبؤ بالمستقبل -تحديد الخلايا التالفة قبل أن تبدأ في الموت. وهذا قد يغير قواعد اللعبة بالنسبة لأبحاث الأمراض العصبية، مما يساعد على تحديد طرق جديدة لمنع موت الخلايا وفي النهاية اكتشاف علاجات أكثر فعالية.