إنّ للمرأة دورها الفعال في نهضة المجتمع، فهي لا تختلف عن الرجل بأهمية وجودها، بل إنّ المرأة نصف المجتمع، فهي الأم والأخت والزوجة، والصديقة، كما للمرأة الدور البارز في إصلاح المجتمع، فهي تتخذ كل الأدوار والمهن دون كلل، كالمهن الاقتصاديّة، والتعليميّة، والتربويّة، والعديد من المناصب، إذ إنها شاركت منذ العصور القديمة بالكثير من المجالات، وكان لهذه المشاركة الدور الأساسي والذي لا غنى عنه،
ويقول الشاعر حافظ إبراهيم عن المرأة خاصة الأم: الأُمُّ مَدرَسَةٌ إِذا أَعدَدتَها أَعدَدتَ شَعباً طَيِّبَ الأَعراقِ الأُمُّ رَوضٌ إِن تَعَهَّدَهُ الحَيا بِالرِيِّ أَورَقَ أَيَّما إيراقِ الأُمُّ أُستاذُ الأَساتِذَةِ الأُلى شَغَلَت مَآثِرُهُم مَدى الآفاقِ
ولا يقتصر دور المرأة للمناصب المهنيّة في المجتمع بل لها دور أهم وأساسي في بناء الأجيال، والنهوض بالشباب من خلال المساهمة في تربية الأبناء، والعمل على تنشئة الجيل القادم، كما أنها تتحمل إدارة البيت، ومسؤوليّة اقتصاده، وهي بدور الأم تعد مصدر الحنان والعطف، إنها كالجوهرة التي تضيء بالطاقة والأمان لمن حولها، إن الأسرة في حقيقتها هي تعتمد على الأم في نجاحها، فلولا الأم لفقد العديد من الأطفال الرعاية، ولنشأ جيل فاقد للعطف والرحمة.
إن المرأة هي المصدر الأساسي للمشاعر اللطيفة، والعاطفة، وهي التي تُشكل بحضورها جمال كل شيء، إذ إنها تقوم على تنمية اجتماعية ظاهرة وملموسة، وذلك عبر مشاركتها في سوق العمل، وبتلك المشاركة والمساهمة فهي تساعد المجتمع في مكافحة الفقر، وزيادة دخل الأسرة من خلال ما توفره من دخلها الشهري، وهذا يساعد من رفع المستوى المعيشي في كل هيكل اجتماعي، وبذلك قد تعد المرأة أحيانًا هي المعيل الأساسي للأسرة من كافة الجوانب.
لا يمكن أن ينهض المجتمع بنصف طاقاته، فالمرأة والرجل لهما حضورهما الفعّال في تنميّة المجتمع، وهذا الحضور لا يقتصر على العصر الحديث، بل منذ العصور القديمة كانت المرأة مشاركة في أغلب ظروف الحياة، فالمرأة في العصر الجاهلي كانت شاعرة، ومعالجة، وفي العصر الإسلامي، كانت المرأة محاربة تشارك في الغزوات، وكانت فقيهة، كما أن المرأة شارك حضورها في نهضة الشعر دون قصد منها، وذلك من خلال ذكرها عبر المقدمات الطللية في القصائد.
من أهم الأسس والعوامل التي تساعد تنمية المجتمع من خلال المرأة، هي مدى قدرة المرأة على التحمل، ومدى ثقافة فِكرها وفعلها، وطريقة مواجهتها لكل الأمور والظروف التي يمكن أن تواجهها، وفي عام 1996م زاد الاهتمام بالمرأة، بل وتم نشر الوعي ومدى ضرورة وجود دورها الفعال، وذلك عبر مؤتمر بكين، فكانت محاضرات المؤتمر تؤكد على قضيّة المرأة والاهتمام بتمكين وجودها، إضافة لإتاحة الفرصة لها من أجل ممارسة حقوقها ودورها الفعال مثل الرجل.
في النهاية لا بد من تقدير وجود المرأة، فهي تُشكّل دافع من أهم دوافع نجاح المجتمع، وتنميته، فهي في حقيقتها لا تختلف عن الرجل، بل إنها في كثير من الأحيان تساند الرجل، وتمسك بيده، وتعينه في المسؤوليّة والإنفاق، وذلك كله في حقيقته هو يعود على المجتمع، بحفاظ سيره عبر الطريق الصحيح، إذ إن الأسرة الناجحة والمتماسكة هي رمز لمدى نجاح المجتمع، ووعيه، من خلال ارتباط أفراده ببعضهم البعض، وذلك في المحصلة ينهض بالبلاد على جميع الأصعد.
مجالات عمل المرأة إنّ المرأة المعاصرة في العصر الحديث هي تعمل في كل مجالات الحياة، وذلك لأن عملها يساعد على التنمية الاقتصادية في المجتمع، ويساعد في تحقيق التوازن بين طاقات هذا المجتمع، أما عن حكم عمل المرأة فهناك اختلاف في الآراء بيد أنّ الأمر المتفق عليه، أنّ عمل المرأة ما دام يحقق النفع ضمن الحدود التي تقف عندها، فذلك لا يؤثر عليها بشيء، فالكثير من النساء تعمل من خلال البيوت وذلك عبر مشاريع خاصة تنجح بها، وتُنجزها دون الضرورة للعمل في الخارج، ويقول الشاعر الطفيل الغنوي عن المرأة: إِنَّ النِساءَ كَأَشجارٍ نَبَتنَ مَعاً مِنها المِرارُ وَبَعضُ المُرِّ مَأكولُ إِنَّ النِساءَ مَتى يَنهَينَ عَن خُلُقٍ فَإِنَّهُ واجِبٌ لا بُدَّ مَفعولُ لا يَنثَنينَ لِرُشدٍ إِن مُنينَ لَهُ وَهُنَّ بَعدُ مَلوماتٌ مَخاذيلُ
تشارك المرأة في العمل في مختلف المجالات وعبر الوظائف في سوق العمل، فلها دورها في العمل بالشركات، والمؤسسات، والبنوك، وكل الدوائر الحكوميّة والخاصة، إضافة إلى عملها في الطب، فمنذ القدم كان للنساء دورهن في الرعاية الصحيّة، فتطور هذا الدور عبر دراسات خاصة بالطب، بيد أن دراسة عِلم الطب في بدايته اقتصر على الرجل، ولكن في بدايات القرن العشرين أصبح مسموحًا للنساء بالمشاركة في الطب، والتدرب بالجامعات.
ينظر البعض إلى أنّ عمل المرأة سلاح ذو حدين، ولكنّه في الحقيقة أن عمل المرأة له دور أساسي، فهو يعود بالمنفعة أكثر من المضرة، وبسبب نجاح المرأة بخوضها بكافة المجالات المهنية، فقد فُتحت الفرصة أمامها أن تعمل بأعمال خاصة بالرجال، كالعمل في القوات المسلحة، إذ تساهم المرأة بمختلف المجالات الخاصة بالقوات المسلحة، كالإدارة، والإطفاء، وأماكن المراقبة، إضافة إلى المهام النشطة في الجيش والقوات والجبهات الفاعلة. إنّ مساعدة المرأة في تحقيق عملها، يساعدها في تحقيق طموحها، والإحساس بالاستقلالية،
مما يؤدي إلى زيادة الثقة بالنفس لديها، وإلى تنمية القدرات الفِكرية في داخلها، ولا يقتصر عمل المرأة على مجموعة قليلة من المهن، بل هناك الكثير من المجالات الأخرى التي تساعد المرأة في إنجازها، ومنها التجارة، والتعليم، والزراعة، والعمل في مجال السياسة والوزارة، وفي مجال الفن كالتصوير والتصميم، والرسم، والكتابة، وغيرها الكثير من خيارات العمل الموجودة من أجل المرأة. وفي النهاية فإنّ المرأة تساعد في توطيد العلاقة بين أفراد المجتمع والعائلة الواحدة، كما أنها تُشكل جزءًا لا يستهان به، فلها الأهمية بما تحققه من دورها الاجتماعي، والمرأة من خلال عملها فهي قادرة على تكوين الصداقات، والاحتكاك بالمجتمع مما يساعدها باكتساب الخبرات سواء في مجال العمل الخاص، أو في التعامل مع الآخرين، لذلك فمن أهم حقوق المرأة الواجب أن لا تسلب منها هي حقها في العمل وتحقيق طموحها. ما هو واجبنا تجاه المرأة؟
إنّ المجتمع يشكّل جميع الفئات، أي بدءًا من الأهل والزوج والأبناء، لذلك فإن هذه الفئات لها واجبات تجاه المرأة، وتلك الواجبات في حقيقتها هي تساهم في دعم المرأة، فلا بد من معرفة مكانة المرأة ودورها الفعال في المجتمع، والتعرف على إبداعها في جميع مجالات الحياة والعمل، لذلك فمن الواجب التعرف على حقوق المرأة، والمساعدة في تحقيق هذه الحقوق وعدم سلبها منها، فهذا هو من أبسط الواجبات المطلوبة من المجتمع، ويقول نزار قباني في مدح المرأة: يذوب الحنان بعينيك مثل دوائر ماء يذوب الزمان، المكان، الحقول، البيوت البحار، المراكب يسقط وجهي على الأرض مثل الإناء وأحمل وجهي المكسر بين يدي.. وأحلم بامرأةٍ تشتريه..
ولكن من يشترون الأواني القديمة، قد أخبروني بأن الوجوه الحزينة لا تشتريها النساء كما أن للأهل الواجب الأهم تجاه المرأة، فدورهم ينحصر بعدم التجاوز على حقوقها، والمساهمة في تحقيق حياتها العلميّة والعمليّة، عن طريق مساعدتها في إيجاد فرص عمل لها، وعدم منعها من الخوض وتجربة هذه الفرص، إضافة إلى الاعتراف بحقها أن تختار الزوج المناسب لها،
وعلى وجه العموم رغم كل ما هو معروف من حقوق إلى أن معاناة المرأة في المجتمع ما زال مستمرًا، ويظهر ذلك عبر الأعداد السنويّة التي لا تُحصى في تعنيف المرأة، والتقليل من شأنها. إن من أهم الأدوار التي تقوم بها المرأة هي دور الأمومة، إذ يُعد هذا الدور أمرًا أساسيًا من أجل قيام المجتمع والحضارات، لذلك لا بد من معرفة فضل الأم على المجتمع، وذلك بقدرتها على تربية الأجيال، وإنشاء طاقات صالحة تُساهم في تحقيق الحياة، فهي تساهم بالتنشئة الاجتماعية على المبادئ الصحيحة، والقيم الحقة،
لذلك لا بد من تقدير الأم وأن تكون أهمية الحفاظ عليها من أهم الأمور الواجب تحقيقها، فالأم هي البذرة الأساسية التي تُنشئ الجمال في هذا المجتمع. قبل كل شيء ومنذ العصر الإسلامي كانت المرأة قضية لا يُهان بها، بل هناك قواعد مُلزمة من أجل تكريم المرأة، إذ سبّه الرسول صلى الله عليه وسلم المرأة بالقوارير، وقال رفقًا بالقوارير،
وذلك التشبيه في أصله أن يمنع لمس المرأة، ووجوب الحفاظ عليها وصيانتها من الانكسار، فالمرأة هي عاطفية جدًا تتأثر بأبسط الكلمات، وتخلق داخلها أبلغ التأثير، فهُن كما ليونة القوارير، يمكن لأي شيء أن يخدش كرامتهن، لذلك فقد وصى الرسول بواجب تعزيز المرأة والحفاظ عليها.