تعتبر تكلفة النقل من أهم العناصر المؤثرة فيه، وقد أشارت بعض الدراسات الاقتصادية إلى أن تكاليف النقل تمثل في المتوسط 20% تقريباً من التكلفة النهائية لأي منتج، ومن هنا تأتي أهمية دراسة اقتصاديات النقل التي ترمي إلى تخفيض تكلفة عنصر النقل ومن ثم تكلفة المنتج النهائي، حيث إن تخفيض تكلفة النقل بنسبة 10%
مثلاً يؤدي إلى انخفاض تكلفة المنتج النهائي بنسبة 2% تقريباً، وهذه النسبة تكون قابلة للزيادة مستقبلاً من خلال تحسين جودة الطرق ووسائل النقل. التوجه نحو الحفاظ على سلامة البيئة وتوطين الاستدامة ووضع ذلك في الاعتبار عند الاستثمار في هذه الصناعة الهامة، الأمر الذي سيدفع الأنشطة البحرية إلى احترام وتنفيذ المعايير والضوابط والمحددات الأولية التي تمَّ الاتفاق عليها من قبل دول العالم وأهمها توجه المجتمع الدولي اليوم نحو تطبيق ما يطلق علية بالنقل المستدام،
الأمر الذي يسعى إلى تخفيض نسبة الملوثات البحرية وملوثات الجو التي تنشأ من استخدام الوقود الحالي واستبداله بنوعية أخرى من سبل الطاقة الأقل ضرراً وتلويثاً للبيئة. أن شركة ترسانة السويس البحرية فطعت شوطا كبيرا نحو تنفيذ خطة التطوير من خلال عدة خطوات متوازية منها دراسة التوسع في نشاط بناء السفن، فضلا عن إضافة أنشطة جديدة بخلاف نشاط بناء وإصلاح السفن مثل نشاط الإصلاح تحت الماء، وذلك بالتوازي مع جهود استغلال أصول الشركة لفتح آفاق جديدة للتعاون بعقد شراكات مع شركات ومؤسسات عالمية.
إن النهضة الاقتصادية الشاملة التى تشهدها مصر فى الوقت الراهن، وبناء العاصمة الإدارية الجديدة وحركة الإعمار والتنمية الشاملة للبنية الأساسية والفوقية فى جميع أنحاء البلاد، ستتكامل معها دون شك عملية تنمية الأسطول التجارى البحرى المصرى، بحيث يتم العمل على اقتناء نوعيات وحمولات جديدة من السفن، وما يعزز هذا التوجه هو العدد الكبير من الكوادر البحرية والفنية والهندسية الذين تذخر بهم مصر، والكثير منهم لديه من الخبرات والكفاءة ما أهله للعمل فى مختلف الدول وعلى مختلف أنواع السفن مثل ناقلات النفط والغاز وسفن الصب والبضائع والحاويات والركاب وغيرها من الأنواع التى تضيف إلى الأسطول البحرى قيمة كبرى وبعدا جديدا فى خدمة الوطن.
وبالنسبة لمصر ليس امتلاك وتشغيل أسطول تجارى بحرى من قبيل الرفاهية، بقدر ما هو حتمية استراتيجية تفرضها عشرات الاعتبارات السياسية والاقتصادية والعسكرية، بما يجعل من ذلك هدفا وطنيا يتعين العمل عليه وتحقيقه.
إن ثبات تجارة بضائع الصب يرتكز على أساس قوي نابع عن وجود تجارة ذات حجم كبير بين الطرفين وكلاهما بحاجة لهذا النوع من السفن: فالبرازيل ترسل الأغذية إلى الشرق الأوسط وبالمقابل تستورد منها الأسمدة. يتم النقل بواسطة سفن تستأجر عند تنفيذ كل عملية، حيث تنطلق من الموانئ المصرية مباشرة ناء داخل الوجهة المقصودة في البلد العربي.
بأن الموانئ في مصر تعمل بشكل طبيعي في الوقت الراهن يوجد بعض الازدحام نتيجة إنتاج السكر القياسي هذا العام، والذي بدأ تصديره أيضاً. أن نسبة مساهمة الأسطول المصري في نقل تجارة مصر الخارجية خلال العام 2020لغت نحو 12%بإجمالي حمولة مليون طن، من أصل حمولة متبادلة بلغت 158 مليون طن أن قارة أوروبا تعد أكبر شريك تجاري لمصر في نقل البضائع، أن إجمالي حجم التجارة المنقولة بحراً بين مصر ودول العالم في تزايد ملحوظ، وذلك يشكل ضرورة أخرى لتطوير الأسطول التجاري البحري المصري.
تأتي أهمية مساهمة قطاع النقل في التنمية الاقتصادية في أنه يساعد بشكل فعّال في ربط مناطق الإنتاج بمناطق الاستهلاك وتأمين انتقال الأفراد، ونقل المواد الخام والبضائع من مناطق الاستثمار وإليها، ويعدُّ عاملاً مساعداً في استغلال الموارد الطبيعية، فصناعة النقل هي الدعامة الرئيسية التي ترتكز عليها البرامج التنموية للدولة. أنه في عالم التجارة الخارجية لا يعد هذا الوقت اللازم لتبديل السفن وقتاً طويلاً. أنه بالإضافة إلى المساحة المحدودة المتاحة لنقل البضائع على متن الطائرة، فإن الشحنات التي تحظى بالأولوية حالياً هي معدات الحماية الشخصية ومدخلات المستشفيات كالكمامات، ومعدات المستشفيات وأجهزة التنفس الاصطناعي. “ليس من المنطق نقل جهاز تنفس اصطناعي عن طريق البحر، فذلك سيستغرق 30 يوم، وإنما الأفضل هو نقله عن طريق الشحن الجوي”. أما بضائع الصب الجاف فقد بلغت خلال الفترة من العام الحالي نحو 2.3 مليون طن بينما بلغت خلال العام الماضي نحو 3.2 مليون طن. فقد أظهر تأثير الأزمة المالية علي الموانئ المصرية خلال الربع الأول من العام الحالي، حدوث انخفاض في حركة تداول البضائع والحاويات بالموانئ المصرية بنسبة %5.9 خلال تلك الفترة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.
حيث وصل حجم تداول البضائع والحاويات خلال تلك الفترة إلي 53 مليوناً و27 ألف طن بانخفاض قدره 3 ملايين و317 ألف طن عن نفس الفترة من العام الماضي. حيث كان أكثر الشهور التي انخفضت فيها كميات ونسب التداول للبضائع كان مارس الماضي مسجلة %23.5. ويمثل قطاع النقل البحرى أهمية خاصة للاقتصاد الوطنى لأى دولة اعتبارا للمساهمات والآثار الاقتصادية لهذا القطاع بمحوريه الرئيسيين الموانئ البحرية والأسطول التجارى البحرى، فالخدمات التى يقدمها ذلك القطاع تعد متكاملة مع الأنشطة الاقتصادية الأخرى داخل الدولة سواء ما كان منها من الأنشطة الصناعية أو الزراعية أو التجارية أو السياحية، وكذلك الارتباط الوثيق بين النقل البحرى كوسيلة هامة من وسائل النقل وغيره من وسائل النقل الأخرى البرية والسكك الحديدية والنهرية وحتى النقل الجوى وذلك فى إطار منظومة النقل الدولى متعدد الوسائط.
إن الاستثمار فى قطاع النقل البحرى بوجه عام والأسطول التجارى البحرى الوطنى بوجه خاص يؤدى إلى تنشيط وتنمية القطاعات الاقتصادية المرتبطة بهذه الصناعة مثل صناعة بناء وإصلاح السفن، وصناعة الحديد والصلب، وصناعة الأجهزة والمعدات الميكانيكية والكهربائية، ونشاط التوريدات البحرية من الوقود والزيوت والتموينات والحبال والمياه والمعدات الغذائية، يضاف إلى هذه الصناعات مجالات وأنشطة خدمات النقل البحرى مثل المصارف التجارية والبحرية المتخصصة، وشركات التأمين، وهيئات التسجيل والتصنيف، ومعاهد التدريب البحرى، ومكاتب الاستشارات القانونية البحرية. بيد أننا من جهة أخرى ينبغى أن ندرك أن طبيعة الاستثمار فى مجال الأساطيل البحرية صعبة وعسيرة، فالسفن تعتبر وحدات اقتصادية مكثفة لعنصر رأس المال، والسفينة قد تتراوح قيمتها بين عشرة ملايين ومائتى مليون دولار وفق نوعها وحمولتها وسعتها، كما أن تحقق عائد اقتصادى على مثل هذا الكم من رأس المال ليس مسألة سهلة أو هينة، فى ظل صعوبة توفير استثمارات كبرى لها، وكذلك فى ظل صعوبة التمويل وضماناته، وكذلك إصدار القوانين المنظمة والمحفزة والحامية لهذا النشاط الاقتصادى، وهكذا تتضح الصعوبة النسبية للاستثمارات فى مثل هذا القطاع دون مظلة سيادية من الحماية أو المساعدة باعتبار أن وجود الأسطول الوطنى الكفؤ هو ضرورة تفرضها اعتبارات استراتيجية وسياسية واقتصادية حاسمة.
ويمكن ملاحظة أن جميع الدول الكبرى دون استثناء، وكذلك الدول النامية والصاعدة إنما تحرص أشد الحرص على أن يكون لديها أسطول تجارى بحرى وطنى، فبريطانيا ربما تكون من أكثر بلدان العالم التى أسهم الأسطول البحرى التجارى والحربى لها فى ازدهارها ومجدها طوال ثلاثمائة عام تقريبا، وفى الوقت الراهن فإن جميع الدول الكبرى دون استثناء لديها أساطيل بحرية كبرى وشركات تدير تلك الأساطيل وتشغلها فى نقل تجارتها هى نفسها، والتربح من نقل تجارة غيرها من الدول بأسعار نقل باهظة تحقق لها إيرادات هائلة والعديد من المنافع والآثار الإيجابية.