إن تنظيم مصر للمؤتمر بمشاركة أكثر من 197 دولة و120 من رؤساء الدول والحكومات، إلى جانب 10 الاف من منظمات المجتمع المدنى، و26 ألفًا و50 يمثلون الوفود الرسمية والهيئات، و3 آلاف و321 إعلاميًا، بإجمالى 44 ألفًا و174مشاركًا، يعكس حجم التقدير العالمى والمكانة المتميزة التى وصلت إليها مصر. وقال موقع المونيتور الأمريكي إن مصر حققت مكاسب اقتصادية وسياسية من قمة المناخ كوب COP 27، ما بين الصفقات الكبرى وتعزيز السياسة الخارجية لها. والحقيقة، أن هناك مكاسب عديدة حققتها مصر من تنظيم قمة المناخ، يأتي على رأسها ما تم من اتفاقيات وبروتوكولات تعمل على جذب مزيد من الاستثمارات في قطاعات الطاقة النظيفة والاستثمارات، بجانب ما يشهده قطاع السياحة من رواج غير مسبوق منذ فترات كبيرة، حيث يؤكد خبراء الصناعة واقتصاديون ومصرفيون، أن العائد على الاقتصاد وخاصة الصناعة من قمة المناخ كبير جدا، ويجب العمل على استغلاله جيدا للنهوض بهذا القطاع وتحقيق الريادة في صناعات جديدة والعمل على التنويع في جذب الاستثمارات.
فماذا عن أهم المكاسب السياسية والاقتصادية والسياحية التي حققتها مصر من تنظيم مؤتمر المناخ؟
المكاسب السياسية:
يرى بعض الخبراء والمحللين السياسيين أن مصر قد ضمنت التواجد على خريطة العلاقات الإقليمية والدولية من خلال استضافة مؤتمر الأطراف السابع والعشرين، خاصة أن قضية تغير المناخ أثارت مخاوف دولية. وأوضحوا أن استضافة القمة ساعدت مصر على تعزيز الركائز الجديدة لسياستها الخارجية. كما عززت مصر عودتها إلى إفريقيا كممثل للقارة، وقد تجلى ذلك من خلال حزمة 150 مليون دولار التي تعهدت بها الولايات المتحدة خلال القمة لدعم البلدان الأفريقية لمعالجة عواقب تغير المناخ. وبذلك فقد أثبتت مصر أنها تستحق أن تتحدث بلسان قارة أفريقيا واستعادت دفء العلاقات مع كثير من بلدان القارة الذين وجدوا فيها نموذجا قادراً على أن يجذب أنظار العالم إلى التحديات التى تواجه القارة السمراء وقادت مباحثات عديدة هدفت لاستحداث مبدأ جديد فى هذه القمة تمثل فى تقديم تعويضات للتخفيف من الآثار السلبية للتغيرات المناخية، وعبرت عن كونها مثالا جيدا للبلدان الأفريقية التى حققت معدلات نمو مرتفعة خلال السنوات الأخيرة واستعادت حالة الأمن والاستقرار الداخلى بعد سنوات من الاضطراب منذ يناير من عام 2011.
ودفعت مصر خلال المؤتمر أيضَا بأولويات القضايا ذات الاهتمام المصرى وعلى رأسها قضية الأمن المائى والآثار السلبية المترتبة على التغيرات المناخية وطرحت العديد من المبادرات فى مجال تغير المناخ والمياه ، والآثار العابرة للحدود لجهود التكيف وخفض الانبعاثات، إلى جانب تعزيز علاقاتها مع الشركاء الرئيسيين وفى مقدمتهم الولايات المتحدة، وتوسيع مجالات التعاون، لتأكيد ثقل مصر وقدرتها على استضافة وإدارة المؤتمرات الدولية.
المكاسب الاقتصادية:
حققت مصر مكاسب اقتصادية عديدة من تنظيم المؤتمر، حيث تم توقيع عدد من الاتفاقيات وبروتوكولات التعاون بين صندوق مصر السيادي مع 9 مطورين بقيمة 83 مليار دولار في قطاع الطاقة المتجددة، وتتماشى هذه الاستثمارات مع استراتيجية صندوق مصر السيادي لإزالة الكربون، باستخدام وسائل مستدامة تفيد الاقتصاد، وتضع مصر كمركز دولي للطاقة الخضراء.
كما قامت وزارة التعاون الدولي بتوقيع عدد من العقود والشراكات مع عدد من الدول خلال المؤتمر، حيث أعلنت الوزارة عن توقيع عدد من اتفاقيات الشراكة وخطابات النوايا بين الحكومة المصرية وشركاء التنمية متعددة الأطراف والمؤسسات الدولية، لتمويل المنصة الوطنية للمشروعات الخضراء برنامج «نوفى» في قطاعات المياه والغذاء والطاقة.
ويؤكد بعض الخبراء الاقتصاديين وجود العديد من المكاسب الاقتصادية تعود على مصر من استضافة مؤتمر المناخ بمدينة شرم الشيخ، أهمها جذب استثمارات أجنبية جديدة وخاصة في مجالات حماية البيئة والاقتصاد الأخضر، والترويج السياحي لمصر، وعرض جهود مصر في الإصلاح الاقتصادي، واستراتيجية مصر للتنمية المستدامة 2030، والاستراتيجية الوطنية المصرية لتغير المناخ 2050 والمشروعات القومية المنتشرة في ربوع مصر، وخاصة العاصمة الإدارية الجديدة، والترويج للمنتجات المصرية.
وفي نفس السياق، أكد عدد من رجال الأعمال، أن الصناعة استفادت بصورة كبيرة من هذا المؤتمر، وخاصة قطاعات الطاقة النظيفة، حيث ستستفيد الصناعة من توفير الطاقة بصورة كبيرة بعد عقد عدد من البروتوكولات والاتفاقيات في توفير الطاقة النظيفة، وأيضا قطاع السفن الذي سيستفيد من اتفاقيات الهيدروجين الأخضر. وتوقعوا، أن الفترة المقبلة ستشهد جذب مزيد من الاستثمارات وهو ما يتم ترجمته في شكل منشآت صناعية جديدة تعمل على توفير مزيد من فرص العمل والعمل على زيادة الصادرات، ومن أبرز القطاعات التى استفادت أيضا قطاع السياحة وسيسهم ذلك في النهوض بالاقتصاد.
ومن مكاسب مؤتمر المناخ الاقتصادية لمصر إعلان ألمانيا تقديم 250 مليون يورو لمصر لتحفيز خطط التحول للطاقة المتجددة من بينها 50 مليون يورو منحة و100 مليون يورو مبادلة ديون، وأيضًا أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية عن تمويل مشروعات داخل مصر بـ 500 مليون دولار خلال السنوات القادمة كاستثمار فى مجال الطاقة النظيفة بهدف تقليل الانبعاثات الكربونية. ويمكن تلخيص أبرز المكاسب الاقتصادية التي حظيت بها مصر بعد استضافتها قمة المناخ “كوب 27″، كالتالي:
- توقيع مصر والإمارات مذكرة تفاهم لتطوير محطة توليد كهرباء من طاقة الرياح.
- دشنت مصر والنرويج المرحلة الأولى من مشروع إنتاج الهيدروجين الأخضر.
- أطلقت مصر والاتحاد الأوروبي شراكة طويلة الأمد بشأن الهيدروجين المتجدد، بهدف تسريع الجانبين من خفض الانبعاثات الكربونية من خلال نشر وتطوير واستخدام الهيدروجين المتجدد ومشتقاته.
- وقعت مصر 8 عقود مع شركات وتحالفات عالمية في مجال الطاقة النظيفة.
- وقعت مصر ممثلة في صندوقها السيادي اتفاقيات بقيمة 83 مليار دولار بقطاع الطاقة المتجددة.
- وقعت مصر مذكرة تفاهم مع منظمات دولية لتحويل المتاحف لمواقع خضراء.
- وقعت مصر خطاب نوايا مع الاتحاد الأوروبي لدعم برنامج “نوفي” بـ35 مليون يورو.
- في مجال البترول والغاز، وقعت مصر 7 مذكرات تفاهم مع شركات عالمية في مجال خفض الانبعاثات.
- في مجال دعم المشروعات الصغيرة، وقعت مصر اتفاقًا مع البنك الأوروبي لدعم 6 مشروعات خضراء ذكية، وهي تلك المشروعات الفائزة خلال المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية.
- وقعت مصر خطاب نوايا مع الوكالة الإسبانية، لتحديث منظومة الري بـ 670 ألف يورو.
- توقيع مصر مجموعة من التعاقدات تزيد على 100 مليار دولار في مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر من الطاقة النظيفة.
يتضح مما سبق، أن مصر استطاعت خلال المؤتمر جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية من خلال توقيع عدة اتفاقيات في مجالات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والهيدروجين الأخضر، مما سيساعد على تحويل الاقتصاد المصري إلى اقتصاد أخضر.
وجدير بالذكر أن نسبة الاستثمارات في الاقتصاد الأخضر في مصر حتى يونيو بلغت 40٪ من إجمالي الاستثمارات.
وأشار أحد خبراء الاقتصاد إلى أنه يمكن استخدام الاستثمارات الخضراء لتقليل قيمة الدين الخارجي المصري من خلال مقايضة الديون، والتي تقوم على سداد مصر للديون بالعملة المصرية للدولة الدائنة، بشرط أن تنفذ هذه الدولة مشروعات خضراء بنفس القيمة.
مكاسب أخرى:
وبشأن المكاسب الأخرى التي حققتها مصر خلال هذا المؤتمر، فتأتى فى مقدمتها الصورة المبهرة التى قدمتها مصر فى التنظيم وتقديم المبادرات والخطط العملية، التى عكست ما حققته مصر من تقدم فى مختلف المجالات، آخذة فى الاعتبار الجانب البيئي، وكانت محل إعجاب وإشادة من المشاركين، الذين شهدوا بأعينهم ما تتمتع به مصر من استقرار وأمن وما تم بها من إنجاز مشروعات تنموية عملاقة، وإطلاقها «الإستراتيجية الوطنية لتغير المناخ 2050»، التى تركز على خفض انبعاثات الغازات والكربون، وتحقيق نمو اقتصادى مستدام، وخفض الآثار السلبية المرتبطة بتغير المناخ، وتعزيز البنية التحتية لتمويل الأنشطة المناخية، والبحث العلمى ونقل التكنولوجيا وإدارة المعرفة، وتطوير حوكمة وإدارة العمل فى مجال تغير المناخ، وتحقيق المرونة والقدرة على التكيف مع تغير المناخ، ورفع الوعى لمكافحة التغيرات المناخية، وإصدار السندات الخضراء والتوسع فى مشروعات الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر والأنشطة الصديقة للبيئة.
كما أن جهود مصر في إلقاء الضوء على تحديات قضية المياه ومدى تأثرها بالتغيرات المناخية، دفعت الأمم المتحدة، للإعلان خلال القمة عن عقد مؤتمر دولي حول مستقبل قضايا المياه في العالم ومناقشة ما تحقق على الأرض من قرارات دولية، للحفاظ عليها كثروة، على أن يعقد في شهر مارس المقبل، ودعوة حكومات العالم والمنظمات الدولية ذات الصلة بقضايا المياه وكذا مراكز الأبحاث العلمية المتخصصة، وهو ما يبشر بتحريك هذا الملف والوصول لنتائج إيجابية تجابه ندرة المياه وأثرها على حياة الشعوب والتنمية المستدامة.
المكاسب السياحية
إن مكاسب استضافة مصر لقمة المناخCOP27 بشرم الشيخ، تمثلت في انتعاشة سياحية جديدة لمدينة شرم الشيخ ، وصل إلى اكتمال فنادقها بصورة كلية خلال فترة القمة،وأكثر من 40 ألف مشارك منهم لا يقل عن 10٪ حضر إلى مدينة السحر والجمال وجنة الله في الأرض، “شرم الشيخ”، مع أسرهم للاستمتاع بمصرنا الجميلة على هامش مؤتمر المناخ COP 27 وزيارة الأقصر والأهرامات ومتاحف مصر.
وتعد استضافة مدينة شرم الشيخ، لمثل هذا الحدث الدولى، أكبر ترويج للسياحة المصرية قبل انطلاق الموسم الشتوي، مما يساهم في جذب السياح الأجانب والعرب من كافة أرجاء العالم، وهو ما يعزز الاقتصاد القومي وزيادة العملة الصعبة في ظل الأزمة التى تمر بها مصر، حاليا، بسبب نقص العملة الصعبة جراء الحرب الروسية الأوكرانية.
30 ألف مندوب سياحي عالمي من أكثر من 197 دولة حول العالم وفري لانسر سيلز للترويج السياحي لمصرنا الحبيبة سيتحرك في دوائر لا تقل عن عشر من دوائره المقربة ومثلهم من المستوى الثاني والثالث من شبكة اتصاله بما يعني مليون زائر مستهدف لمصر جاهز وسمع عن مصر أو شاهد صورة أو ستوري على السوشيال لصديقه أو قريبه أو زميله ممن حضروا المؤتمر وحثه على التفكير في زيارة مصر.
بقلم: ا.د عاطف محمد كامل أحمد- مؤسس كلية الطب البيطرى جامعة عين شمس ووكيل الكلية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة والمشرف على تأسيس قسم الحياة البرية وحدائق الحيوان استاذ – عضو اللجنة العلمية لإتفاقية سايتس- وخبير الحياة البرية والمحميات الطبيعية اليونسكو وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية وخبير البيئة والتغيرات المناخية بوزارة البيئة- الأمين العام المساعد للحياة البرية بالإتحاد العربى لحماية الحياة البرية والبحرية- جامعة الدول العربية ورئيس لجنة البيئة بالرابطة المغربية المصرية للصداقة بين شعوب العالم