القرار يمهد الطريق لنجاح مفاوضات مصر مع صندوق النقد الدولي
كتب – عادل ابراهيم
قال أبوبكر الديب مستشار المركز العربي للدراسات والباحث في العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي أن تجديد وديعة الخمسة مليارات دولار السعودية بالبنك المركزي المصري سيعمل علي دعم الاحتياطي النقدي الأجنبي في البنك وكذلك ينعش الجنيه مقابل الدولار وسلة العملات الأجنبية وهذا القرار يأتي في ضوء العلاقات التاريخية القوية والممتدة بين الرياض والقاهرة وفقا لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ال سعود وولي العهد، سمو الأمير محمد بن سلمان.
واضاف أبوبكر الديب، إن 2023 سيكون عام الوحدة والتكامل السياسي والإقتصادي والاستراتيجي بين مصر والسعودية حيث تمثل المملكة العربية السعودية ومصر عمودا الخيمة للأمة العربية وأمن واستقرار المنطقة نظرا للتفاهم الاستراتيجي بين البلدين والعلاقات التاريخية المشتركة.
وأوضح مستشار المركز العربي للدراسات، والباحث في العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي، أن التعاون بين البلدين يؤكد أهمية الدور التاريخي لهما تجاه قضايا المنطقة مشيدا بالدور الذي تلعبه السفارة السعودية في القاهرة بقيادة السفير أسامة بن أحمد نقلي سفير خادم الحرمين الشريفين بالقاهرة في بحث ملفات التعاون الاقتصادي المشترك وسبل تعزيز التجارة البينية والاستثمارات بين مصر والمملكة خلال المرحلة المقبلة.
وذكر أن حجم التبادل التجارى بين الدولتين بلغ العام الماضى 4 مليارات و570 مليون دولار مقارنة بنحو 3 مليار و236 مليون دولار عام 2020 محققا نسبة زيادة بلغت 41% ، ولدي مصر قدرات تصنيعية هائلة في مختلف الصناعات والمنتج المصري له رواج كبير في مختلف الأسواق الخارجية، وقد أكد السفير أسامة بن أحمد نقلي سفير المملكة العربية السعودية بالقاهرة حرص بلاده على النهوض بمستوى التعاون الصناعي والتجاري مع مصر والوصول به إلى آفاق أرحب تعكس العلاقات الثنائية الاستراتيجية التي تربط القاهرة والرياض، خاصة وأن مصر تمتلك كافة المقومات التي تؤهلها لتكون محورا صناعيا يجذب مختلف الاستثمارات الأجنبية والعربية والتي تشمل الموقع الجغرافي المتميز والأيدي العاملة الماهرة والمدربة وتوافر الموارد الطبيعية اللازمة لقيام الصناعة فضلاً عن تبني التكنولوجيا الحديثة في الإنتاج والصناعة وكذا التطور الكبير في مجال البنية التحتية.
وأشار أبوبكر الديب الي أن إطلاق “الشركة السعودية المصرية للاستثمارات” يهدف الي الاستثمار المشترك في المجالات الواعدة في مصر، حيث تركز الشركة الجديدة على الاستثمار في قطاعات “البنية التحتية والعقارات والصحة والزراعة والأدوية في اطار الاتفاقية المبرمة بين مصر والمملكة العربية السعودية، فيما يتعلق باستثمار صندوق الاستثمارات العامة السعودي في القاهرة، والذي يستهدف ضخ 10 مليارات دولار بمجالات الرعاية الصحية والتعليم والزراعة والقطاع المالي، حيث اتفقت الحكومتان المصرية والسعودية، على قيام صندوق الاستثمارات العامة السعودي بالاستثمار في مصر من خلال ضخ استثمارات بقيمة 10 مليارات دولار في المشاريع المشتركة بمحفظة متنوعة بين شركات حكومية وخاصة.
وقال أبوبكر الديب إن حجم الاستثمارات السعودية في مصر يبلغ أكثر من 32 مليار دولار، وذلك من خلال أكثر من 6800 شركة، وفي هذا لاطار نتوقع مضاعفة الاستثمارات السعودية بمصر، في ظل خطة الحكومة المصرية لإتاحة أصول بقيمة 40 مليار دولار للشراكة مع القطاع الخاص والاتفاقيات المشتركة التي تم توقيعها بين البلدين والعلاقات المتميزة بين قيادتي البلدين، ومن أن أبرز القطاعات التي يتوقع أن تعمل عليها الشركة السعودية المصرية للاستثمار الصناعة، والزراعة، والأغذية والعقارات والرعاية الصحية والتعليم والزراعة والخدمات المالية.
وذكر الديب أن صندوق الثروة السعودي (الاستثمارات العامة)، أدرج الشركات المصرية، على أجندة توسعاته الخارجية للفترة المقبلة، من خلال الاتفاق على ضخ نحو 10 مليارات دولار للاستحواذ على حصص فى عدد من الشركات والأصول المحلية في عدة قطاعات من بينها، الطاقة والبتروكيماويات والبنوك كما أن المملكة العربية السعودية لديها اهتمام واضح في ملف الاستثمار الزراعي والطاقة النظيفة وهو ما يعزز من فرص ضخ صندوق الاستثمار السعودي استثمارات في شركات الأسمدة والبذور والحاصلات الزراعية.
وقال مستشار المركز العربي للدراسات، إن السوق المصري جاذب للاستثمار حيث يتمتع بأصول استثمارية قوية وأسعارها رخيصة فضلا عن كونه سوق يتمتع بقوة استهلاكية محلية كبيرة إلى جانب التصدير إلى أفريقيا وأوروبا.
وأشار الي أن السعودية تهدف إلى تحويل صندوق الاستثمارات العامة إلى واحد من أكبر الصناديق السيادية على مستوى العالم وذلك بالعمل على بناء محفظة استثمارية متنوعة ورائدة من خلال الاستثمار في الفرص الاستثمارية الجذابة على الصعيدين المحلي والدولي وفي عام 2020، عمل صندوق الاستثمارات العامة على إدارة أصول بقيمة 400 مليار دولار ولدى الصندوق محفظة تتكون من حوالي 200 استثمار، منها حوالي 20 استثمار مدرجة في السوق المالية السعودية، ونجح صندوق الاستثمارات العامة السعودي في جذب الأنظار العالمية عبر ضخه لاستثمارات ملفتة للأنظار سواء داخل المملكة أو خارجها على مدار الأعوام الماضية، بما يتسق مع خطط المملكة ورؤيتها لتنويع موارد الاقتصاد بدلا من الاعتماد على النفط، بهدف تحويل المملكة إلى قوة في مجال استثمارات التكنولوجيا المتطورة، وهو الأمر الذي دفع بالصندوق ليحتل المرتبة الخامسة بين أكبر 10 صناديق سيادية عالميا.
وأكد مستشار المركز العربي للدراسات، أن هناك 5 أسباب لازدهار العلاقات الاقتصادية بين مصر والمملكة العربية السعودية أهمها التوافق والتناغم والتفاهم بين قيادتي البلدين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده سمو الأمير محمد بن سلمان، والتي أثمرت عن شراكات اقتصادية واستثمارية قوية، تدعمها دائما العلاقات السياسية المتميزة بين البلدين كما أن قرب البلدي جغرافيا وشعبيا أدي لتطور التعاون الاقتصادي والاستثماري بينهما في كافة المجالات، ويلعب مجلس الأعمال السعودي المصري واللجنة التجارية المشتركة دورا كبيرا في دعم العلاقات الاقتصادية بين البلدين، فضلا عن امتلاك البلدين رؤية للتنمية المستدامة 2030 للسعودية و2035 لمصر، كما تمتلك البلدان استراتيجية وطنية للاستثمار، وقوة البلدان الاستراتيجية حيث تشكل مصر والسعودية 34% من سكان المنطقة و39% من الناتج المحلي الإجمالي العربي، كما يوجد أكبر جالية مصرية على الأراضي السعودية تتجاوز مليون وسبعمائة ألف مصري، ووجود أكبر جالية سعودية خارج المملكة يعيشون على الأراضي المصرية تقدر بنحو مليون سعودي.
وقال أبوبكر الديب إن المملكة العربية السعودية أكبر شريك تجاري لمصر في منطقة الشرق الأوسط، مشيرا الي ارتفاع حجم التبادل التجاري بينهما خلال عام 2021الي 4.3 مليار دولار، وارتفعت الصادرات المصرية للمملكة بنسبة 17% خلال عام 2021 لتصل الي مليارا و995 مليون دولار أهمها الحاصلات الزراعية، والصناعات الطبية، ومواد البناء، والسلع الهندسية والإلكترونيات، والصناعات الغذائية، والملابس الجاهزة، والأثاث تعد المملكة ثاني أكبر سوق خارجي للصادرات المصرية، وتمثل مصر ثامن أكبر مستورد للصادرات السعودية بإجمالي تبادل تجاري في السلع البترولية وغير البترولية تخطى الـ 7.5 مليار دولار.
وذكر الباحث في العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي أن حجم المشروعات المصرية في المملكة يصل الي 1300 مشروع، باستثمارات 2.5 مليار دولار فيما بلغ عدد المشروعات السعودية في مصر أكثر من 2900 مشروع تغطي كافة المجالات الإنتاجية والخدمية باجمالي استثمارات تزيد عن 30 مليار دولار متوقعا زيادتها خلال الفترة المقبلة نظرا للفرص الواعدة للشركات السعودية في المشروعات القومية المصرية في كافة المجالات خاصة البناء والتشييد والتطوير العقاري، والسياحة حيث تمثل السياحة السعودية أكثر من 20% من السياحة العربية الوافدة لمصر.
وأوضح أبوبكر الديب أن مشروعات العاصمة الإدارية الجديدة، ومحور قناة السويس، واستصلاح ملايين الأفدنة للزراعة، ومشاريع الكهرباء والمياه والنقل واللوجستيات، وقطاعات الصناعة والسياحة والعقارات، ترحب بالاستثمارات السعودية.
وقال مستشار المركز العربي للدراسات، الحكومة المصرية تحاول خلق مناخ جاذب للاستثمار ومحاولة حل كافة المشكلات التي تواجه المستثمرين وخاصة المستثمرين السعوديين ويسعى البلدان من خلال مجلس الأعمال المصري السعودي واللجنة المصرية السعودية المشتركة لمضاعفة حجم الاستثمارات السعودية من خلال إقامة مشروعات مشتركة خاصة بعد اتمام المشروعات المشتركة الطموحة مثل مشروع الربط الكهربائي والاتفاق في جميع الجوانب السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية والاستثمارية.
واوضح أن رؤية المملكة 2030 دفعت لزيادة الاستثمارات السعودية في مصر، فضلاً على الإصلاح الاقتصادي الذي قامت الحكومة المصرية بتطبيقه عام 2016، بهدف جذب الاستثمارات الخارجية، خصوصاً الاستثمارات السعودية لكبر حجمها.
وذكر أبوبكر الديب أن هناك العديد من الاتفاقيات الاقتصادية والتنموية، بين الرياض والقاهرة، منها مشروع الربط الكهربائي الذي سيحول البلدين إلى مركزين مهمين للطاقة في الشرق الأوسط يربطان شبكات الطاقة من الخليج العربي لأفريقيا وأوروبا، ووجود علاقات قوية بين رجال الأعمال السعوديين ونظرائهم المصريين، ويقوم مجلس الأعمال بدور مهم في تنشيط وتدفق التجارة والاستثمار بين البلدين.
وقال إن دخول الصندوق السيادي السعودي لمصر يضاعف استثمارات المملكة لـ 60 مليار دولار خلال 10 سنوات ويقود صندوق الاستثمارات العامة السعودي، التنمية المستدامة بداخل وخارج المملكة، ويساهم بقوة في عملية التحول الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل للمملكة، مضيفا أنه يعمل على تنويع الاستثمار وتوسيع محفظته الاستثمارية لتحقيق مكاسب طويلة الأجل، ويبحث عن فرص استثمارية استراتيجية جذابة محليا ودوليا، سعيا منه إلى تحقيق العوائد.
وأكد مستشار المركز العربي للدراسات، أن المساعدات الاقتصادية السعودية لمصر لم تتوقف منذ يناير 2011، وكانت من أوائل الدول التي بادرت بتقديم مساعدات مالية كبيرة لمصر في أعقاب ثورة 25 يناير 2011، و30 يونيو 2013، للمساعدة في دعم الاقتصاد المصري، بما يزيد عن 30 مليار دولار ما بين قروض ومنح وودائع لدي البنك المركزي المصري… ففي عام 2011 قدمت السعودية لمصر 3.9 مليار دولار تضمنت مليار دولار فى البنك المركزي المصري و750 مليون دولار لتمويل الصادرات السعودية إلى مصر و500 مليون دولار منحة عاجلة لدعم الموازنة العامة فى مصر و500 مليون دولار قرض ميسر السداد و500 مليون دولار على شكل قروض ميسرة من الصندوق السعودي للتنمية و500 مليون دولار تخصص لشراء سندات خزانة و200 مليون دولار منحة يتم إيداعها فى صندوق أو حساب جار لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة وفي 2013 قدمت المملكة 5 مليارات دولار وزعت بواقع ملياري دولار كوديعة في البنك المركزي لدعم الاحتياطي المصري من النقد الأجنبي، وملياري دولار منتجات نفطية وغاز، ومليار دولار نقدا وفي مارس 2015 قدمت السعودية 4 مليارات دولار منها مليارا دولار وديعة بالبنك المركزي المصري، والباقي مساعدات تنموية من خلال الصندوق السعودي للتنمية، وتمويل وضمان صادرات سعودية لمصر من خلال برنامج الصادرات السعودية واستثمارات في المشاريع المختلفة مع القطاع الخاص السعودي والمصري والمستثمرين الدوليين، وبلغت حجم المساعدات في ديسمبر 2015 دعم احتياجات مصر النفطية لمدة 5 سنوات إلى جانب رفع حجم الاستثمارات السعودية في مصر إلى 30 مليار ريال، مع دعم حركة النقل في قناة السويس من قبل السفن السعودية وبعد 30 يونيو 2013، أعلن العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله – عليه رحمة الله – تقديم حزمة مساعدات لمواجهة التحديات التي تواجه الاقتصاد المصري، يبلغ حجمها الكلي 5 مليارات دولار، تقسم إلى مليار دولار كمنحه نقدية، وملياري دولار منحة عينية، تتمثل في منتجات بترولية وغاز، إلى جانب ملياري دولار كوديعة لدى البنك المركزي دون مصاريف تمويلية، وحصلت مصر بالفعل على إجمالي الحزمة بالكامل.. وبعد أن واجهت مصر أزمة كبيرة في مجال الطاقة، أثرت سلبا على إنتاجها من الكهرباء، رفعت السعودية حجم مساعداتها البترولية لمصر من ملياري دولار إلى 5 مليارات دولار كما قدمت السعودية مساعدات عينية، تمثلت في تأمين 1000 طن متري من غاز البترول المسال، لمواجهة أزمة الطاقة في مصر، ووقعت في نوفمبر 2014 ثلاث اتفاقيات ثنائية جديدة، بقيمة إجمالية تبلغ 350 مليون دولار، لتمويل مشروعي محطتين لتوليد الكهرباء، وتمويل الصادرات السعودية لمصر، في خطوة تستهدف حل أزمة الكهرباء، التي تفاقمت خلال السنوات الماضية.
وأشار مستشار المركز العربي للدراسات، الي أنه في نهاية 2015، أمر الملك سلمان بن عبد العزيز، بتقديم مساعدات اقتصادية لمصر، تشمل دعم احتياجات القاهرة من المواد البترولية، ورفع حجم الاستثمار، علاوة على دعم حركة النقل بقناة السويس وإنشاء صندوق سعودي مصري للاستثمار بقيمة 60 مليار ريال (16 مليار دولار).. وفي مارس الماضي أودعت السعودية وديعة جديدة في البنك المركزي المصري بـ 5 مليارات دولارتأكيدا على العلاقات الثنائية القوية بين البلدين، وجهود الرياض لمواصلة دعم القاهرة ووقع صندوق مصر السيادي اتفاقية مع صندوق الاستثمارات العامة السعودي، بشأن استثمار الصندوق السيادي السعودي في مصر، لجذب استثمارات بقيمة 10 مليارات دولار في مختلف القطاعات، بما في ذلك التعليم والرعاية الصحية والزراعة والقطاعات المالية.
فقد استمرت السعودية في تقديم الدعم السخي لتعزيز الاستقرار الاقتصادي لمصر، من خلال تمديد أجل وديعة المملكة لدى البنك المركزي المصري بقيمة 5 مليارات دولار.
واوضح أن مصر تتمتع بإمكانات نمو هائلة في ظل تنفيذ كثير من الإصلاحات الهيكلية التي أسهمت في تحفيز نمو القطاع الخاص ورفع تنافسيته، واستمرار الجهود في تحقيق معدلات نمو مرتفعة وأكثر استدامة وشمولا في مصر. كما أن هناك تواصلا مستمراً بين الجهات المعنية في البلدين من أجل تعزيز التنسيق وفق آليات متنوعة، خصوصا فيما يتعلق بضخ استثمارات عديدة في السوق المصرية بالعملات الأجنبية، إضافة إلى الودائع السعودية، التي من المأمول أن تسهم في فتح قنوات تمويلية جديدة مع المنظمات الإقليمية والدولية، بما في ذلك تسهيل إتمام اتفاق برنامج صندوق النقد الدولي، حيث إن الدعم السعودي لم يقتصر على إبقاء تلك الودائع في البنك المركزي المصري، بل جرى ضخ استثمارات كبيرة من القطاع الحكومي والقطاع الخاص السعودي في السوق المصرية، من أجل تحقيق مزيد من التنمية الاقتصادية في مصر، مع وجود الرغبة الجازمة في الاستمرار بمزيد من الاستثمارات في القطاعات التنموية المختلفة بمصر.