من الاخطاء القاتلة التى يقع فيها الكثير ممن يتعرضون لمعالجة قضايا الاسرة واستقرارها..الاستغراق في مشكلات الطلاق والنفقة وتقسيم الثروة وجعلها ام القضايا التى لن يستقر للعالم قرار الا بها وينسون ويتجاهلون اصلاح الاسس واقامة القواعد الراسخة للبنيان ووضع الاساسات الكفيلة بتحقيق الاستقرار وتضمن التوازن النفسي والاجتماعي للجميع داخل دائرة الزواج وخارجها.
ننسى اونتغافل عن ان الباب الملكي لحل مشكلات الزواج والطلاق وضمان وجود اسرة سعيدة ومستقرة يبدأ من المراحل الاولى لما قبل الزواج وبدايات التفكير في الارتباط والتوجه الجاد لتكوين اسرة.وليس من الحكمة الانتظار حتى تقع الكارثة وتشغلنا توابعها ثم نفكر في وضع حل او نبحث عن طريق للخروج ربما يكون غير آمن على الاطلاق ويدفع الجميع الثمن الزوج والزوجة والاولاد ومعهم الاهل ثم المجتمع ككل الذي يحرم من الامن والاستقرار النفسي والاجتماعي.
احسنت مبادرة معا لحماية الاسرة التى تقودها د. انجي فايد ود.حسام لطفي في لقائها الاخير والذي استضافته جامعة الاسكندرية في كلية التمريض – صنعا حين فتحت باب الحوار مع الطلبة والطالبات فيما يخص الاسرة والاستقرار الاجتماعي بمشاركة عدد من الاساتذة والخبراء في التربية والصحة النفسية والعلاقات الاجتماعية والقضايا الاقتصادية وغيرها.
توقفت طويلا امام حوار د.سلمى حبيب الخبيرة النفسية وحوارها المفتوح مع الشباب وكيف يتم تحقيق التوازن والانسجام النفسي والعاطفي وكيف يتم اختيار شريك الحياة وكيف تقيم علاقة الحب وكيف تعرف انها في طريق صحيح او انها لن تؤدي الى الهدف المنشود.حديث صريح وجدي حول اخطاء الحب والمحبين واوهام العلاقات بين الشاب والفتاة ومن يتصور انها حبيبته او من تتخيله انه الفارس الافضل للمستقبل وكذلك اخطاء وخطايا المحبين مع انفسهم
ووالديهم والمجتمع المحيط وتأثير كل ذلك على الاختيار الصحيح ومن ثم على الاستقرار الاسري والترابط الاجتماعي.وكذلك حول كيفية التصرف في حالة الخلاف وما يجب على الطرفين من التزام وعدم تجاوز للخطوط الحمراء التي يمكن أن تضر بالشريك نفسيا ومعنويا.
اعجبتني طريقة الحوار المباشر واعطاء فرصة للشباب ليتكلم بحرية ويعبر عن مشكلته الحقيقية سواء مع صديقته والعلاقات الشائكة في الحب سواء ماقبل سهام كيوبيد الخارقة او ما بعدها اوالعلاقة مع والده ووالدته وغيرها وهو ما اضفى حيوية وصدقا واشاع اجواءا من الدفء والحميمية حتى مع الاسئلة الشخصية والمحرجة احيانا.
تفاعل الشباب لم يكن من فراغ فهو امام تصورات جادة لمشاكله وامامه ترمومتر اوادوات قياس معيارية لمعرفة ما يحدث هل هو في الاتجاه الصحيح أم لا مثلا معايير الاختيار المقولات الخاطئة والمتوارثة في العلاقات قبل وبعد الارتباط والتى قد تؤدي الى الوقوع في خطايا مثل هو عارفني وهي عارفاني..هي بتعرفني من نظرة عينيى ..انا عارف اخطاؤه .. سابرمجه ساضبطه وهي اخطاء فادحة منذ البداية لايجب التغاضي عنها او اهمالها.
كلمات الشباب كانت كاشفة وتؤكد انه متعطش للحوار وايضا وهوالأهم يحتاج الى من يعلمه الحب الصحيح.. تداعيات الاحداث والفشل الذريع والسريع في العلاقات الزوجية وارتفاع نسبة الطلاق الى مستويات قياسية رغم ارتفاع المستوى التعليمي للشباب وايضا للوالدين تجاوزت الاربعين في المائة..تؤكد ان شبابنا لم يتعلم الحب من مصادر امينة وآمنة وانه كان ضحية للمصادر التعيسة للحب
وأوهامه فقد تركناه نهبا للانفعالات وفورة العواطف واحيانا كثيرة فريسة لشيطان الغرائز اللعين.لذلك لا تتعجب حين تجد الشباب غارقا مع علاقات في الظلام بعيدا عن اي عين حكيمة حانية قد تكون علاقة بريئة لكنها حتما ستتطور لتكون ظلامية بائسة يائسة.
ولو طرحنا هنا سؤالا ضروريا عمن يأخذ الشباب الحب ومن يحدثهم عن الحب وينير لهم المصابيح على الطريق ومن يدق ناقوس الخطر عندما يلزم الامر؟ او بمعنى اخر عمن يتلقى الشباب الحب؟
الاجابة مؤلمة للغاية مضحكة مبكية في الوقت نفسه..اذاقلنا بصريح العبارة لاأحد. ولذلك كان طبيعيا ان يبحث الشباب له عن مصادر للتغذية العاطفية ولم يجد ضالته الا في التيك توك والمسلسلات اياها والافلام التى تقدم نماذج عرجاء ومشوهة عن الحب والحبيبة لا تقوم نفسا ولا تصلح مجتمعا وفي معظم الاحيان غريبة عن مجتمعنا وواقعنا ولا تمت له بصلة .
الاخطر من ذلك ان يوهم البعض الشباب بان الحديث عن الحب حرام او عيب او لا يليق او يتنافى مع قواعد ما انزل الله بها من سلطان..اعتقد ان المروجين لتلك المقولات كانوا في غاية الخبث حتى وان ادعوا الفضيلة وتواروا خلف سواتر مزيفة من ادب واخلاق.لانهم كانوا يدفعون الشباب الى مهاو سحيقة ويلقون بهم في غيابات جب لا يعلم مداها الا الله ولا ينجو منها الا من رحم ربي.
وبالتالي اصبح المجتمع امام نماذج مشوهة من الحب والعلاقات فيما قبل الزواج وبعده وكان طبيعيا ان تكون النتيجة فشل في الحب وخيبة في الزواج واولاد تعيسة وحياة بائسة ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
قضية مهمة اخرى كشفت عنها اسئلة الشباب وتدق اجراس الخطر ويجب ان ننتبه بجدية فهي مرتبطة بالحب من جانب وبقضية التربية الدينية من جانب اخر.. تقدمت طالبة الى المنصة وتحدثت بثقة كبيرة تشكو وتطلب كيف يتصرف الشباب امام تعنت والديهم وتمسكهم بارائهم ومحاولة فرض رؤيتهم عليهم خاصة في موضوع الارتباط والزواج وقالت بصراحة انه في بعض الاحيان يكون مستوى تعليم الاب والام اقل او ليسوا مؤهلين بشهادات عالية ؟!
بصراحة ازعجني السؤال باعتباره مؤشرا حقيقيا على الخلل في العلاقة بين الاباء والابناء وارتفاع نغمة او نبرة التعالي للابناء على الابناء ويعيد طرح قضية عقوق الابناء للواجهة مرة اخرى ..كما يوجب النظر فيماوراء الأحداث الفظيعة التى وقعت في السنوات الاخيرة من قتل للاباء والامهات والتخلص منهم بصورة بشعة ولأتفه الاسباب او حالات التعدي على الوالدين للحصول على اموال او غير ذلك.
فالأمر ليس مخدرات وإدمان فقط بل هناك خلل وقصور تربوي مريع لو تعلمون عظيم..
القضية تربوية تعليمية في المقام الاول وتكشف عن قصور في التنشئة والتوجيه خاصة من المؤسسات وثيقة الصلة باتنشئة الاجتماعية كالاسرة والمدرسة والنادي ومن قبل المساجد والمؤسسات الدينية واجهزة الاعلام خاصة المسموعة والمرئية عقوق الاباء وحقوق الابناء والعكس قضية لا يجوز التهاون فيها او التعامل معها بعدم اكتراث لما لها من تاثير مباشر على الاستقرار الاسري والامن الاجتماعي .
.. من اجمل ما قرات:
..من قال أفٍ فقد عقَّ والديه فكيف بمن قال أعظم من ذلك وكيف بمن قاطعهما أو أساء إليهما؟!.
.. لما ماتت أم إياس بن معاوية بكى عليها بكاء مرا فقيل لهُ: ما يبكيك فقال: كان لي بابان مفتوحان إلى الجنة وأغلق أحدهما.
.. اكسب طاعة ابنك بطاعة والديك.
.. لا يغلق أمامك باب إلا ومفتاحهُ ببرّ والديك..
.. تسقطُ الرجولةُ إذا ارتفع صوتك على من تعب في تربيّتك. … برّ الوالدين ليس شعارات ترفع إنّما هو تطبيق عمليّ.
.. والله المستعان..
Megahedkh@hotmail.com