ما أجمل التفاؤل وأحاديثه وظلاله..منبع نور ومصدر الهام وقوة جبارة محفزة على التقدم إلى الأمام دائما..أن تبدأ يومك وغدك وعامك الجديد بالتفاؤل والتطلع إلى ما هو اجمل يعني أنك تمسك بمفاتيح من نور لها قدرة هائلة على أن تبدد حالك الظلمات وتهون كل الصعوبات وتضع أقدامك على ابواب فرج وفيوضات.
التفاؤل والامل واليقين بالله متلازمات يبدو أن البعض ابتعد عنها أو هربت منه في زحمة الضغوط المتوالية واللهاث الذي لا يتوقف نحو ما يظنه تأمينا لمستقبل أو طلبا لراحة في قادم الأيام أو وضعا لاساس قد يفيد عندما تشتد الخطوب وتتبدل الأحوال.
التفاؤل خلق وتربية حضارية من مقام رفيع وفن تصنعه النفوس الواثقة بفرج الله..ولا أدري لماذا يغفل عنه الكثيرون رغم أهميته في تحقيق الاستقرار النفسي والاجتماعي والاقتصادي وكل المستويات وقدرته على فتح نوافذ الامل والدفع إلى العمل ورفض اي اتجاه نحو اليأس والإحباط ولما لا والتفاؤل قرين الإيمان وثمرة اليقين في الله والتعلق به وأثر من آثار استشعار معية الله.ومع التفاؤل والأمل المجدول في حبال اليقين يَذوق الإنسان طعم السعادة ويشعر ببهجة الحياة.
واذا كان التفاؤل من علامات واشارات الايمان وقاعدة فقد اكدت عليه الدراسات العلمية وابرزت أهميته وتاثيره على النفس البشرية عموما .. في السنة النبوية المطهرة حث النبي صلى الله عليه وسلم على التفاؤل قال:(يسِّروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تُنفِّروا) واكد عليه في وقائع واحداث السيرة العطرة في علاقته مع أصحابه من ناحية او في جهاده مع اهل الشرك واعوانهم..
وقضية التفاؤل رسختها أيضا كثير من ايات القران الكريم وفي قصص الأنبياء وفي مقدمتها قصة يوسف عليه السلام والسورة التي تحمل الاسمن نفسه فنبي الله يعقوب عليه السلام فقَد ابنَه يوسفَ عليه السلام ثم أخاه ولكنه لم يتسرَّب إلى قلبه اليأسُ ولا سرَى في عروقه القنوطُ بل تفاءل وأمَّل ورَجا وقال:﴿ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴾[يوسف: 83] وما أجمله من أمل تُعزِّزه الثقةُ بالله – سبحانه وتعالى – حين قال: ﴿ يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾[يوسف: 87].
في الدرسات العلمية تاكيدت على الأهمية الكبيرة للتفاؤل ودوره واثره في حياة الافراد والمجتمعات.. الدراسات الحديثة تؤكد أنه كلما غاب التفاؤل وبدا المستقبل أكثر قتامة زاد خطر الموت بالنوبات القلبية وأظهرت دراسات أخرى أن الأشخاص المتفائلين أكثر تمتعا بالصحة البدنية من المتشائمين وأن التفاؤل يقلل من مخاطر الإصابة بأمراض القلب بنسبة 50٪ وأن التفاؤل يُحسن جهاز المناعة ويُقاوم الأمراض المزمنة ويساعد على الوقاية من التأثيرات الصحية السلبية في التعامل مع الأخبار المؤسفة.
وخلصت دراسة أجريت على أكثر من (150) ألف شخص في (142) دولة أن التفاؤل لا يجعلك تشعر بصحة جيدة فقط ولكنه يجعل-أيضا- صحتك أفضل فالمتفائلون أكثر صحة وعافية وأكدت دراسة في كلية الطب في جامعة “هارفارد” أن التفاؤل يُحسن صحة القلب، وقالت:” الأشخاص الذين يميلون إلى النظر إلى الجانب المشرق يعانون من مشاكل قلبية أقل، ولديهم أيضًا نتائج أفضل في مستوى الكوليسترول وأن الأشخاص الأكثر تفاؤلا لديهم مستويات أقل في الدهون الثلاثية واستنتج باحثون ان التفاؤل مُقاوم للشيخوخة وان المتفائلين يأخذون أياما أقل في مرضهم وهو ما أثبتته دراسة في جامعة “بيتسبرج الأمريكية على مائة ألف شخص على مدار ثماني سنوات خلصت الى أن المتفائلين أقل عرضة للوفاة مقارنة بالمتشائمين. ولوحظ أن الانحرفات وإدمان المخدرات والكحول ترجع بعض أسبابها إلى التشاؤم..
وذهبت دراسة أجرتها جامعة كونكورديا الكندية الى أن المتفائلين أقل عرضة للانحراف فهناك علاقة بين التفاؤل وهرمون التوتر “الكورتيزول”، وأثبتت أن المتفائلين ينتجون كميات أقل من “الكورتيزول” أثناء الأزمات والأوقات العصيبة. فالتفاؤل ضروري للصحة النفسية ويلعب دورا وقائيا في التعامل مع تقلبات الايام وذو ارتباط إيجابي بالرضا عن الحياة واحترام الذات، فالمتفائل أكثر سعادة، ورضا عن نفسه وعن الحياة،
لذلك لا عجب ان تكون نصيحة الخبراء في التربية والاجتماع والحاحهم على ان نربّي الأجيال على التّفاؤل في أصعب الظّروف وأقسى الأحوال الّتي تحيط بهم واعتبروه منهجا لا يستطيعه إلّا أفذاذ الرّجال لان المتفائلين هم الّذين يصنعون التّاريخ ويسودون الأمم ويقودون الأجيال.أمّا اليائسون المتشائمون فلن يستطيعوا أن يبنوا حياةً سويّةً ولا سعادةً حقيقيّةً في داخل ذواتهم فكيف يصنعونها لغيرهم؟ وفاقد الشّيء لا يعطيه!
ولك أن تتخيل الفارق بالنظر إلى الشخص المتشائم وما عليه حاله ونظرته للحياة وكيف يقبل عليها ويتعامل معها .المتفائل دائما متطلع للامام ينظر إلى أعلى..رأسه وعينه إلى السماء اما المتشائم القانط ينظر إلى الأرض مكفهر الوجه مقطب الجبين يحمل كل طواجن هموم الدنيا على ام رأسه..
** روى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنهان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(إذا قال الرجل:هلك الناس فهو أهلَكهم) قال أبو إسحاق: لا أدرى “أهلكَهم” بالنَّصْب (الكاف)أو “أهلكُهم” بالرفع؟!
المتفائل صاحب نفس سوية ينظر إلى الحياة بمنظار مستقيم فلا يرى فيها إلا كل جميل باعث على الأمل وأما المتشائم فهو صاحب نفس سقيمة ينظر إلى الحياة بمنظار أسود كئيب فلا يرى منها إلا كل سيء باعث على القنوط والتشاؤم واليأس.
يقول الشاعر الكبير إيليا ابوماضي :
أَيُّهَذَا الشَّاكِي وَمَا بِكَ دَاءٌ ** كَيْفَ تَغْدُو إِذَا غَدَوْتَ عَلِيلا!
إِنَّ شَرَّ الْجُنَاةِ فِي الْأَرْضِ نَفْسٌ ** تَتَوَخَّى قَبْلَ الرَّحِيلِ الرَّحِيلا
وَتَرَى الشَّوْكَ فِي الْوُرُودِ وَتَعْمَى أَنْ تَرَى فَوْقَهَا النَّدَى إِكْلِيلا
وَالّذِي نَفْسُهُ بِغَيْرِ جَمَالٍ لَا يَرَى فِي الْحَيَاةِ شَيْئاً جَمِيلا
&& من اجمل ماقيل في التفاؤل:
** لا تيأس، فعادة ما يكون آخر مفتاح في مجموعة المفاتيح هو المناسب لفتح الباب.
** استعن بالله ولا تعجز، فالعجز لا مكان له في قلب المتفائل.
**المتفائل هو من ينظر إلى عينيك والمتشائم هو من ينظر إلى قدميك.
**يرى المتشائم الصعوبة في كلّ فرصة، أمّا المتفائل العظيم فيرى الفرصة في كلّ صعوبة.
**كن شامخًا في تواضعك ومتواضعًا في شموخك، ومتفائلًا في حديثك، فتلك صفات العظماء.
** قال أبو سليمان الداراني : من وثق بالله في رزقه..زاد في حسن خلقه وأعقبه الحلم وسخت نفسه في نفقته وقلت وساوسه في صلاته .
***الثقة بالله، نعيم بالحياة وطمأنينة بالنفس وقرّة العين وأنشودة السّعداء المرضيّين.
والله المستعان ..
megahedkh@hotmail.com