يتهم كثير من الناس الآن الأجهزة الرقابية على الأسواق؛ ومنها مفتشو التموين، ومباحث التموين، وجهاز حماية المستهلك، والجمعيات التابعة له، أنها لا تقوم بالدور المنوط بها في مواجهة جنون ارتفاع الأسعار المتزايدة يومًا بعد يوم في كل السلع الغذائية وغير الغذائية، والمعاناة المادية التي أصبحت تواجه غالبية الأسر المصرية في تدبير حتى احتياجاتها من السلع الأساسية، وخاصة الأسر المتوسطة ومحدودة الدخل؛ وذلك من قبل التجار والبائعين الذين يرفعون أسعار سلعهم، وكل حسب هواه دون رقيب أو حسيب.
وكلمة حق فإن هذه الأجهزة الرقابية تعمل في ظل ظروف صعبة؛ حيث تعاني معاناة شديدة من النقص العددي؛ حيث لا يتعدى عددهم الإجمالي أربعة آلاف أو خمسة آلاف مفتش – على الأكثر – على مستوى الجمهورية؛ بسبب عدم التعيين منذ عام 84، وعدم إحلال مكان من يخرج إلى المعاش أو يتوفاه الله، في الوقت الذي هم مطالبون فيه بمراقبة ومتابعة ملايين المحلات والمتاجر والسوبر ماركت والهايبرات، وآلاف المصانع، وأكثر من 40 ألف مخبز مدعم وحر، ونحو 35 ألف بقال تمويني، ومشروع جمعيتي، والعشرات من محطات تعبئة البوتاجاز وآلاف من منافذ التوزيع والسريحة، بالإضافة إلى العشرات من محطات تموين السيارات، وغيرها من الأنشطة الأخرى، وكل ذلك يحتاج إلى أكثر من 50 ألف مفتش، وتطوير أدواتهم الرقابية، وتحديث وزيادة السيارات المستخدمة؛ حتى تؤتي الرقابة دورها على النحو المنشود.
ولمواجهة هذا الانفلات الشديد في الأسعار غير المبرر في معظمه، لابد من تعويض النقص الشديد في المفتشين عن طريق انتداب أعداد كبيرة من الموظفين المكدسين في الوزارات الأخرى للعمل مفتشين، بعد اجتيازهم دورات تدريبية على أعمال الرقابة والتفتيش، وزيادة عدد السيارات، وتغليظ العقوبات على المتاجرين بأقوات الشعب واستغلال الظروف الطاحنة ورفع الأسعار دون مبرر، وقيام مؤسسات المجتمع المدني ووسائل الإعلام لحث المواطنين على الترشيد في الاستهلاك قدر الإمكان، وشراء الأساسيات فقط يومًا بيوم؛ حتى تمر هذه الأزمة الاقتصادية، وعلى المؤسسات الدينية تكثيف دعواتها لإيقاظ الضمائر الميتة، وإصلاح النفوس العفنة عند كل إنسان يستغل الناس باحتكار السلع وتخزينها لرفع أسعارها أو بيعها بأسعار مغالى فيها، وكيف ينتظرهم عقاب الله في الدنيا قبل الآخرة.