كان الفنان إبراهيم نصر من القلائل الذين نجحوا فى انتزاع ضحكات المصريين لسنوات طويلة من خلال برامج الكاميرا الخفية الراقية التى كانت تعتمد على كوميديا الموقف بعيداً عن الاسفاف.
لذا تربع نصر على عرش هذا النوع من الكوميديا خاصة فى فترة التسعينيات التى قدم خلالها شخصية زكية زكريا,تلك الحيزبون المتصابية التى تحرص أن تقدم نفسها على أنها آنسة لكل من يعتقد أنها مدام,والتى تستقبل الناس فى المحلات والكافتيريات ليكتشف كل زبون فى نهاية الحلقة بعد حوار ظريف أنه وقع ضحية مقلب خفيف الدم وأن زكية زكريا هى الفنان إبراهيم نصر الذى ابتكر مجموعة من الإفيهات التى عاشت حتى اليوم منها «كشكشها متعرضهاش» و»لما أقولك بخ تبخ» و»انفخ البلالين يا نجاتي» حيث كانت زكية زكريا تصيح فى نهاية كل حلقة قائلة لمساعدها: انفخ البلالين يا نجاتى قبيل أن يكتشف الضيف المقلب!.
تذكرت ذلك الافيه الشهير وأنا أتابع خلال إجازة العيد صورة لوكيل وزارة الصحة بمحافظة الفيوم وهو يقوم بجولة على المستشفيات لتهنئة المرضى بمناسبة عيد الفطر المبارك.تصرف جميل وشعور انسانى راقٍ طالما طالبنا به,أن يشعر كبار المسئولين بالناس ويشاركوهم على الأقل الاحتفال فى المناسبات العامة.إلى هنا تفهمت نبل مقصد الوكيل الذى لم يقصر فى أداء واجبه وترك مكتبه وربما أسرته فى العيد وقرر أن يقضيه وسط المرضى فى المستشفيات.الوكيل لم يكتف بذلك بل قرر كتر خيره أن يوزع بعض الهدايا على المرضى بالمستشفيات,واضح أن الرجل يقدم الإنسانية على المسئولية,فلو زار المرضى ولو بدون هدايا وقال لكل منهم كل عام وأنتم بخير وتفقد أحوالهم ليعرف لو كان ينقصهم شيء مثلا لكان كفى ووفى,لكن أن يجلب معه بعض الهدايا للناس فهذا كرم طائل وانسانية زائدة وجب أن نقول له بسببها كتر ألف خيرك. لكن وآه من لكن هذه أن تكون تلك الهدايا هى بعض من بلالين العيد من التى نراها فى أغنية صفاء ابو السعود الشهيرة أهلا أهلا بالعيد مرحب مرحب بالعيد!!
ذلك أمر محير قليلاً لكن ربما تزول تلك الحيرة لو ظننت مثلا أن الرجل يتوقع أن يلتقى فى جولته ببعض المرضى من الأطفال فيوزع عليهم تلك البلالين يبدو أن وكيل الوزارة لم يجد أطفالاً مرضى فقرر أن يمنح البلالين للمرضى الكبار؟! تجد نفسك وقد عادت لك الحيرة التى ما تلبث أن تزول لو فكرت مثلاً أن الرجل قد منح البلالين للمرضى الكبار على أساس أن بالتأكيد لهم أطفال يمكن أن يمنحوها لهم عندما يخرجوا بالسلامة.
لكن لم يكتف بمنح البلالين للمرضى الكبار ليمنحوها لأطفالهم الصغار بل طلب من هؤلاء المرضى أن ينفخوا البلالين !!
آه والله ذلك ما حدث أو ما تعبر عنه الصورة حيث الوكيل يقف بجوار مريض لا حول له ولا قوة مصاب بكسر فى يده اليسرى تم بسببها وضعها فى الجبس بينما يمسك البلونة بيده اليمنى وهو ينفخ البالونة بكل عزم!! و«المصوراتى» الذى جاء ليرصد جولة الوكيل ليلتقط الصورة.
هنا يمكن أن تقول لنفسك ربما تكون الصورة فكرة الوكيل أو من صنع موظفين فى مكتب الوكيل أو حتى جاءت باقتراح من المصور نفسه لكن أليس فى كل هؤلاء من فكر فى خطورة أن ينفخ رجل مريض بلونة بكل هذا المجهود؟.
على كل حال وجب علينا أن ننظر إلى نصف الكوب المليان وأن نشكر وكيل وزارة الصحة بالفيوم على هداياه والحمدلله أنه اكتفى بالبلالين ولم يجلب للمرضى بمب مثلا ونرجوه فى العيد القادم أن يكتفى بالمرور على المرضى وتفقد أحوالهم.