يسمح الإنترنت بتبادل المعلومات والوصول إليها على المستوى العالميّ، إلاّ أنّه اتّخذ منحًى سلبيًّا خلال السنوات الأخيرة. أنّ كلاًّ من الحكومات والرأي العام غالبًا ما يرى الكراهية والإساءة والتضليل في المحتويات التي ينشرها المستخدمون على الإنترنت.
وقد حمل الخوف من التضليل، والإرهاب والإساءة الإلكترونيّة، والكراهية وكره الأجانب عددًا من الحكومات إلى أن تكون غاية في الصرامة عند تنظيم المحتوى.
يعتبر الحق في الوصول إلى المعلومات حقا لصيقا بحرية التعبير وفقا لمقتضيات المادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية. إذ يُمكّن هذا الحق الأفراد من تكوين الآراء والأفكار والتعبير عنها بقطع النظر عن الحدود الجغرافية. وبالتالي فإن أي تعطيل أو تقييد غير مشروع على الحق في الوصول إلى المعلومات هو في الوقت ذاته انتهاكا لحرية التعبير.
تمثّل التربية على وسائل الإعلام حلا مستداما من خلال تحصين أفراد المجتمع وتعزيز ملكة النقد لدى الناشئة خصوصا، وتزويدهم بالأدوات الضرورية لفهم المحتوى الرقمي وطرق إنتاجه مما يحولهم إلى جهاز مناعة مجتمعي قادر على التصدي للأخبار المظللة وغيرها من المضامين التي تمس بحقوق الإنسان.
أنه «في الوقت الذي نثمن فيه حرص جميع الجهات من أجل الارتقاء بالمحتوى الإلكتروني وتنظيم عمله ومكافحة المحتويات الهابطة والمبتذلة التي أساءت للمجتمع كثيرا، نعبر عن خشيتنا من استغلال هذه الحملة عبر دس السم في العسل وتطويع القوانين والتعليمات للنيل من الصحفيين والمدونين وتقييد الحريات».
كذلك أوصى المقررون الخواص بحماية الحق في حرية التعبير سنة 2017 بأهمية دعم منصات التحقق من الأخبار والمؤسسات الصحفية من طرف الدول كإجراء إيجابي لمعالجة المحتوى الرقمي. يمكن لهذه المؤسسات إذا ما تم دعمها وفقا لمعايير موضوعية ودونما مساس باستقلاليتها التحريرية أن تساهم في التصدي للأخبار المظللة وتعزيز الوعي لدى الأفراد من خلال تزويدهم بالمعلومات الموثوقة.
إن غياب التدابير الإيجابية عن مشروع اللائحة والاقتصار فقط على الجانب العقابي يعكس مقاربة زجرية ضيقة وغير ناجعة في تنظيم المحتوى الرقمي.
لكل هذه الاعتبارات، ندعو هيئة الإعلام والاتصالات إلى سحب المشروع الخطير على الحق في حرية التعبير وضرورة توخي مقاربة تشاركية تقوم أساسا على احترام حق الأفراد في الحصول على المعلومة وتشريك منظمات المجتمع المدني، وتعزيز التدابير الإيجابية لتنظيم المحتوى الرقمي عوضا عن التدابير الزجرية التي لا يمكن أن تكون ناجعة في ظل التطورات التكنولوجية.
كما نعبر على انفتاحنا على جميع أشكال التعاون المفيدة من أجل صياغة قوانين ولوائح متلائمة مع المعايير الدولية ذات الصلة بالحقوق الرقمية. لها بالعيش الحر الكريم ويهيئ لمقارعتها أية قوة تريد مصادرتها.. إننا ندرك حجم الاندفاع إلى أمام بما يكمم الأفواه ويصادر الحريات حداً باتت بعض الأصوات تنزلق لتفسيرات تخضع لرداءة الموقف من جهة تبرير مطاردة المحتوى الهابط حصريا بما ينوون ممارسته بل ارتكاب جريمته وآخرون يقعون بمطب التطبيل لفرض إرادة القانون المنتهك طولا وعرضا عندما يتعلق الأمر بممارسات القوى بينما تنزلق الأمور لتصريحات تصل حد شطب أسماء محامين من سجل النقابة بحال توكلهم بالدفاع عمن يستهدفهم (القانون)
وندري ويدري من يحاول الشرعنة أن أعتى المجرمين يمتلكون حق توفير المحامي على الرغم من حجم التهمة الموجهة إليهم! حملت مكافحة المحتوى الهابط التي أثارت ارتياح شريحة واسعة من المتابعين لوسائل التواصل، لتصورهم بانها ستطال وجوه تظهر في المناسبات العامة وتتبجح بأنها فوق القانون، وجوه تحظى بدعم من مسؤولين وتحصل على شهرتها من خلال تصريحات وتعليقات تتضمن إساءات للآخرين، لكن ما حصل لاحقا أظهر أنها تستهدف عشرات من الشباب من صناع المحتوى الهزلي من محدودي الثقافة والذين وجدوا انفسهم متهمين بجرية لم يبلغهم احد سابقا بانها جريمة. فهناك فرقٌ بين الحرية الشخصيَّة المنضبطة التي لا تمس حريات الآخرين ولا تخرق حرية المجتمع، وليس فيها ما يتنافى مع تعاليم الديانات وتقاليد المجتمع،
وبين الفوضى في التصرفات التي لا يراعي أصحابها القوانين، ولا يهمهم إنْ كان تصرفهم يخالف العيب، فالشخص حرٌ في حدود، لكنْ عندما يتجاوز حدود الحرية المسموح بها يتعدّى على حرّيات الآخرين، ويمارس التحرّش والابتزاز، ويرتدي ملابس غير لائقة أو ملابس غير محتشمة،
فهذا تجاوز على آداب الذوق العام، ولهذا فوجود رادعٍ قانوني لضبط الذوق العام والآداب العامَّة سيضع لكلِّ صاحب سلوك شاذ حدوداً، وسيعيد ترتيب السلوكيات وفق منظومة من الأخلاقيات التي نستمدّها من القيم الحقيقيَّة للمجتمع. ولتوضيح الذوق العام والآداب العامَّة، يقول التميمي إنَّ هناك من يعرّفها: اختیار ما یتوافق مع طباع الآخرین من دون المساس بالقیم الأخلاقية الثابتة، ویعبر عنها بالذوق الرفیع والخلق السامي.
وهي أيضاً: فن السلوك المهذّب، والتصرف الراقي، ولا یكون متحلّیاً بهذه الصفة إلَّا إذا كان نابعاً من أعماق النفس البشریة دون أدنى تكلّف، أو تصنع، وهو في الوقت نفسه یتفق مع مبادئ الدین، والعادات، والتقاليد السائدة في المجتمع. ونتيجةً لذلك لا بدَّ من الإشارة الى دوافع المحافظة على الآداب العامة والذوق العام ومنها: دوافع اجتماعية: تتمثل في المحافظة على القيم والأعراف والعادات والتقاليد السائدة في المجتمع (الصحيحة).
دوافع قانونية (تنظيمية) تقتضي الحاجة لمواجهة الأفراد الذين يسيئون إلى الذوق العام بتصرفاتهم وأن يصدر بحقّهم ما يردعهم عن سوء التصرّف والاعتداء على أذواق ومشاعر الآخرين ووجود قانون خاص ينظم ذلك ويردع الناس عن الاعتداء على ذوق ومشاعر الآخرين والإساءة للمجتمع وسمعة البلد الاجتماعية إن الدفاع عن حرية التعبير كان دائماً يشكل جزءاً أساسياً من عمل منظمة العفو الدولية، وهو يكتسي أهمية كبرى لإخضاع الأقوياء للمساءلة. وتشكل حرية التعبير دُعامة لحقوق إنسانية أخرى- من قبيل الحق في حرية الفكر والضمير والدين- وتساعد على تنميتها كما أن لها صلة وثيقة بحرية تكوين الجمعيات والانضمام إليها- الحق في تشكيل والانضمام إلى النوادي أو الجمعيات أو النقابات العمالية أو الأحزاب السياسية التي يختارها الشخص؛ وبحرية التجمع السلمي- الحق في المشاركة في المظاهرات السلمية أو الاجتماعات العامة. بيد أن هذه الحريات بالذات تتعرض لهجمات منتظمة من قبل الحكومات التي تريد خنق الانتقادات. إن حرية الكلام أو حرية التعبير، تنطبق على الأفكار من أي نوع، بما فيها تلك التي قد تُعتبر مسيئة جداً. وفي الوقت الذي يوفر فيه القانون الدولي الحماية لحرية الكلام، ثمة حالات يجوز فيها تقييد حرية الكلام بشكل مشروع بموجب القانون نفسه- من قبيل الحالات التي تُنتهك فيها حقوق الآخرين، أو تدعو إلى الكراهية وتحرِّض على التمييز أو العنف.
بيد أن القيود التي تُفرض على حرية التعبير يجب أن تكون بموجب القانون، وأن تحمي المصالح العامة أو حقوق الآخرين، وأن تكون ضرورية بوضوح لهذا الغرض. يتيح العالم الرقمي لعدد أكبر منَّا إمكانية الوصول إلى المعلومات التي نحتاجها، بما في ذلك تحدي الحكومات والشركات. فالمعلومات تُعتبر سلطة، ولدى الأنترنت القدرة على تمكين المليارات السبعة من سكان العالم بشكل كبير.
بيد أن حرية التعبير اليوم تعتمد في الأغلب على الثروة والامتيازات والمكانة في المجتمع. فالأثرياء والأقوياء نادراً ما تُفرض عليهم قيود في التعبير عن آرائهم. وبالمثل، فإن الذين لديهم حواسيبهم المحمولة الخاصة ذات السرعة العالية في الدخول إلى الأنترنت يحظون بإمكانية الوصول إلى المعلومات بشكل أكبر مما يحصل عليه أولئك الذين يضطرون للسير على الأقدام أميالاً للوصول إلى مقهى أنترنت.
يحاول بعض الدول بناء جدران حماية حول الاتصالات الرقمية على نحو متزايد، أو الرد على الاحتجاجات الجماهيرية في الشوارع بحجب الأنترنت، كما هي الحال في مصر والسودان وزمبابوي، من بين بلدان أخرى. كما حاولت كل من إيران والصين وفيتنام وضع أنظمة تمكِّنها من التحكم بإمكانية الوصول إلى المعلومات الرقمية. وفي منطقة كشمير شمال الهند يتم وقف الأنترنت والاتصالات بواسطة الهواتف الخليوية رداً على وقوع أية اضطرابات. ونحن في منظمة العفو الدولية نجد باستمرار طرقاً جديدة لوقف حجب موقعنا على شبكة الأنترنت في الصين.