أشكو أبي دمعَ التراب…!!!
يا أبتِ……!!
سلامٌ الله عليكَ في مَقامك،
سألْتُه أوَّلَ أمسِ،وكلَّ فجرٍ قبولَ دعْوتي..
أناشدهُ مأمنَكَ،وقبولَ عفْوهِ عنكَ..
يا أبتِ….
اليومَ أريدكَ إلى جَانبِي هنيهَةً..
قدْ رحلَ كلُّ منْ اسْتأمنْتهُم سَلامِي إليكَ..
فمنْ ذَا الَّذي سَيُقرئكَ ،
لوعةَ فؤادِي واشْتياقِي..
يا أبتِ..
بعدَكَ جفَّت تربةُ الأرضِ،
لم تعدْ ترقُصُ على عزْفِي القصيدةُ.
أوْ…..كَما قالَ الطَّيبُ، لستُ أهلا لهَا.
يَا أبتِ…هلاَّ ترُدُّ عنِي أذِيّتَه.
وكلَّ منْ أيَّدَ تَجبُّرَهُ.
أرَّقُوا مَضجَعِي، خَانُوا هِوايَتِي
تَنكَّرُوا لفِطْرتِي، سرُّ إرثِي مِنكَ،
يَموتُ الكَلاَمُ فِي حَضرةِ الجُرحِ.
لاَ رادِعَ لهمْ فِي غِيَّابكَ.
وَحدِي انْزَوِي،اكْتويتُ بَعدكَ..
أنتَ فِي روحِي سنَا رُوحي.
يا أبتِ..
قد اهتزَّتِ الأرضُ بعْدكَ،
انزويتُ خلفَ شُجيرة،
أرَاقبُ المآتمَ، تِلوَ المآتمِ،
ولغْزَ التّراب، وهيبتَه.
يا أبتِ..
أحتاجُكَ اليومَ هُنيهةً.
فكُن يَا فؤادِي ملَاذي .
أرتِّبُ مَفرشِي جَنبكَ قبلَ أوَانِه ربَّما..
أستمِعُ إلى وَجعِي ووجَع القَبيلَة.
كلُّ القبيلةَ تشْتكٍي رائحةَ الطّوبِ..
تعثُّرَ المعْنى وثورةَ الغُبار،
وَوداعَ الأمْنِياتِ.
بعدَك يا أبتِ..
شَاخَ في دمِي الهَوى..
خَدشَ رَفّةَ العينِ..
فاعتلتْ حُمرتَها، سُحقتْ بالدَّمع.
هجرتْ النوارسُ مرافئ المرَاكبِ.
بعدَك يا أبتِ…
اختلَطَ البحرُ بالتُّرابٍ.
وباتَ لونُ التُّراب،
أحمَرُ كدمعِ عينِي علَيكَ
مكتظّاً بالشَوائبِ.
تكاثَفَ الموتُ يا أبتِ.. بعدك..
يطاردُ العالَم..
لَم يعُد يُجِيد الغناءَ ،
ولا لحْنَ الابْتهالاَت..
يا أبتِ…
اللَّيْلةَ فِي منامِي أُريدكَ..
هُنيهَةٌ..
جَفٍّفْ دَمعتِي
قَد حاصرنِي موتُ الغفلةِ.
حينَ اقتَرَنَ بدعوةِ الجَارات..
التَمسْنَ منِي رقصةً زاحَمها الموتُ.
لبسْنَ أجملَ ثيابِ الأمسياتِ..
لكنَّني يا أبتِ…
كنتُ ذابلةَ العُيون..
حشرجةُ صوتِي ترتجفُ من هولٍ الصُّراخِ..
فاكتفًينا بالكَلامِ..
بعدَ السَّلام .
والحديثُ عن الموت بات مؤرقاً
تعْبُرنِي الحياةُ غيمةً عاقر..
يا أبتِ….
أنا متعبَةٌ منْ فرطِ اشْتيَّاقي..
إليكَ.
ومنْ نزفِ قصِيدتِي..
ومنْ كومِ الخَطبِ خلفَ الزُّجاجِ..
كسَرُوا نَوافِذي..
المُطلَّةَ علَى بصيصِ الأمَلِ.
أنَا مُتعبةٌ..علَى حالِ القبِيلةِ بعدكَ..
فكيْف أنتَزعُ الدَّمعَ منْ جَفنِ هَؤلاءِ.
ومن جفنٍي النّازفِ وأنا كُلُّ الدّمعِ بعْدكَ..
وأنَا وأشلاءُ المدينَة حَيارى..
بعْدَك…