حالة مذهلة عبقرية تجري وقائعها في حي الخليفة بالقاهرة تحديدا في الأزهر والحسين.. حالة نادرة مدهشة لن تجدها الا في مصر..الابطال فيها من نوع خاص جدا والجمهور ايضا من نوع أشد خصوصية من الباحثين عن النور الحقيقي والإلهام الروحي والصفاء النفسي والقرب من الصفوة المقربين من أهل القرآن أهل الله وخاصته.. ويالها من حالة آثرة أن تكون في ظلال القران الكريم وفي رحاب أهل البيت والعترة النبوية المشرفة..
حالة مصرية عبقرية صنعها رجال الأزهر والأوقاف معا..تنافس فريد من نوعه تكامل تعاضد رسم صورة لا يستطيع أي من عباقرة الفن أن يرسم لوحة مثلها..أنها لوحة في غاية الابداع مليئة بالنور وعلى أجنحة من نور تتراءى للعالمين من كل مكان وبكل لسان من كل جنس ولون يتهافتون على المكان ليس فقط في ليالي رمضان ولكن طوال الليل والنهار ايضا..
تفاصيل الصورة مدهشة وفي غاية الروعة والجمال سواء في المشهد الحسيني أو أمام قلعة العلم الحصين الحصينة الأزهر ..ليل ليس كاي ليل وسهرات ليس كاي من السهرات.. على يمينك وانت صاعد إلى جبل الدراسة ..الأزهر الشريف العلماء وحفظة القران وقراء القران وطلبة العلم في عناق غير مسبوق.. إذا قال البعض أنه أمر طبيعي او هو العادي .. فإن أهل الأزهر والقائمين على شئونه بدءا من الامام الاكبر فضيلة الشيخ الدكتور احمد الطيب مرورا بالسادة الأفاضل السيد الوكيل د. عبد الرحمن الضويني ود. عبدالمنعم فؤاد المشرف على النشاط وقائد أروقة الأزهر ومحرك أنشطتها العلمية بالقاهرة والمحافظات والدكتور هاني عودة مدير عام الجامع الأزهر والشيخ حسن عبد النبي وكيل لجنة مراجعة المصحف وسدنة الجامع الأزهر وخدامه.. أبوا إلا أن أن يجعلوا المشهد أشد تميزا وتفردا مع أهل القرآن في شهر القران .. ناهيك عن الدروس اليومية التى لا تنقطع فإنهم اختاروا منهجا متفردا لصلاة التراويح..جعلوها تؤدى بالقراءات العشر.. بأحرف القرآن كما نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم..مع مجموعة متميزة من كبار الحفظة المهرة الكرام يتقدمهم الشباب الحافظ الصاعد الواعد في عالم التلاوة القرآنية وفي ظهرهم أساتذة كبار كبار من هيئة كبار العلماء ومجمع البحوث حفظهم الله ومن لجنة مراجعة المصحف الشريف..من بين الائمة في الصلوات خلال الأيام الأولى للشهر الفضيل الدكتور محمد رفاعي زلط مدرس بكلية القرآن الكريم للقراءات وعلومها بطنطا والشيخ محمد جمعة واعظ عام بالجامع الأزهر والشيخ عادل محمود معلم القرآن الكريم بمنطقة المنيا الأزهرية والشيخ أحمد أنور معلم القرآن الكريم بمنطقة سوهاج الأزهرية والشيخ عيد كامل عراقي مدرس القراءات بمعهد قراءات الخازندارة بشبرا.
يتحلق حول هؤلاء عشرات الآلاف بل مئات الآلاف من أبناء العالم الإسلامي شرقه وغربه يملأون ساحات المسجد في مشهد مهيب لاتملك معه إلا أن تحمد له وتقف مزهوا فخورا ومختالا تردد بعقلك وقلبك أنها مصر أنه الأزهر يا سادة .. لحظات الصلاة وحتى ما قبل الصلاة .. لحظة الافطار الجماعي في قلب المسجد وفي صحنه المبارك الكل يغرف ويغترف من نوره يسد جوع الصائمين ويروي أرواح المتطلعين إلى النور الحقيقي والمتعلقين باهداب الدين الحنيف..
لا تجد موطأ قدم..وإذا نجحت فأنت من المحظوظين بالفعل..صلاة التراويح هنا في قلب الأزهر شيء مختلف تماما يأنس بها ويطرب لها أهل القرآن السميعة وغير السميعة والعشاق والمحبين..الرمضانيون وغير الرمضانين المزاحمون في مواكب النور..
القراءة في صلاة التراويح بالقراءات العشر المشهورة متعة ما بعدها متعة ..جمال في الأداء يعانق ضياء السماء وأنوار الحق.. كل شيء يأخذ بتلابيب العقل والنفس ويتملك الروح ويطير بها إلى أعلى عليين لا وقت لتضيعه ولا مجال للافلات من حصد الخيرات التى ينزلها الله على عباده المتقين..
اذا انتقلت على الجانب الآخر الجناح الحسيني وانت تخترق حشودا من الجماهير على جنبات شارع الازهر لتصل إلى هناك.. المنافسة تشتد وتتصاعد لتعانق عنان السماء ومن رحاب ساحة سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم..القرآن يعلو ولا يعلى عليه .. محاولة للارتقاء مع أهل القرآن أهل الله وخاصته.. هذه المرة بمنهج جديد ورؤية في عمق النور وفي ظلال القران الكريم الوارفة.. يقود مواكب النور كوكبة من كبار القرآن الكريم ليس في مصر فقط بل في العالم كله.. مشاهير القراء الكريم يقيمون الصلاة ويؤمون المصلين في صلاة التراويح كل ليلة مع أحد هؤلاء المشايخ الكبار د.احمد نعينع ود.عبدالفتاح الطاروطي ومحمود الخشت وحجاج الهنداوي وطه النعماني ومحمدي بحيري وصلاح الجمل وعبدالله عزب وأحمد أبوفيوض ومحمود علي حسن وهاني الحسيني والعزب سالم وإبراهيم الفشني وكارم الحريري وأحمد تميم ومحمد عبدالبصير وحجاج هنداوي ومحمدي بحيري وعبد الله عزب ومحمود الحسيني والعزب سالم وطه النعماني.
وقد أحدث الائمة القراء بالفعل حالة غير مسبوقة فالمسجد وساحاته الخارجية لم تعد غير قادرة على استيعاب الأعداد الغفيرة في الصلوات.مشايخنا الكبار ابدعوا ايما ابداع في العيش مع القرآن نقلوا الناس إلى عالم نوراني قرآني شديد التأثير حالة من الوجد والتعلق والانفعال مع القرآن فرضها عبقرية الأداء حسن التلاوة طلاوة الصوت والأجواء المحيطة التى يضفى عليها التاريخ من سحره ونكهاته التى لايمكن إدراك سرها وكنهها..رائحة لايمكن أن تخطؤها حاسة كل طائف بالمكان او عابر سبيل رائحة حقيقة رائعة تجلب له الراحة والسكينة والطمأنينة والسعادة ايضا..
الأمر لا يقتصر على ساعات الليل والتراويح..فالنهار أشد نشاطا وأكثر حركة وحيوية ايضا مع أهل القرآن .. فالمقارئ لاتتوقف ليلا أو نهارا والختمات مستمرة مع كبار القراء ايضا .. يلتحق بها العامة والخاصة دون قيد أو شرط ..
الجميل أنه يتم تسجيل كل تلك الأنشطة القرآنية لحفظها وتقديمها هدية للعالم ..وايضا يتم بثها عبر وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة في بث مباشر ليراها العالم ويتفاعل معها الراغبون والمحبون..وهناك مواقع خاصة على الانترنت تبث الفاعليات على الهواء مباشرة ..
لفت نظري واعجبني أن الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف الدينامو والمحرك الذي لا يهدأ لدعم الحركة القرآنية في رمضان وغيره من الايام يبث كثير من الفاعليات بثا مباشرا على صفحته الخاصة على الفيس بوك وعلى منصة اكس ولها جمهور كبير من المتابعين والمتفاعلين في الداخل والخارج ..
وهنا لابد من الإشارة الى انه سيتم لأول مرة إقامة صلاة التهجد في الأيام العشر الأخيرة من رمضان بمسجد الإمام الحسين رضي الله عنه برواية ورش عن نافع من طريق الشاطبية ومشاركة واسعة لكبار القراء..وصلاة التراويح والتهجد يتم بثها على الهواء مباشرة على عدد من القنوات الفضائية والاذاعية..
ايضا يبث الأزهر فعالياته على موقعه الخاص على الانترنت كما يقوم بتدريس وتعليم القراءات القرآنية على الهواء مباشرة في بث تفاعلي مؤثر وجذاب نظرا للطريقة العلمية في الأداء والمتابعة والصبر ايضا على القراء والحفظة من مختلف المشارب ..
مما يثلج الصدر أن يكون من تجليات هذه الحركة القرآنية النشطة المباركة أن يتم تسجيل القران الكريم كاملاً بالقراءات العشر وذلك للمرة الأولى في العالم الإسلامي وسيقدمها الأزهر هدية للمسلمين في كل مكان ..
وكذا تقوم الأوقاف بتسجيل القرآن كاملا برواية ورش وباصوات كبار مشاهير القراء ..
فضلاً عن أن الوزارة نجحت بالفعل في تسجيل ختمات كاملة للقرآن برواية حفص بأصوات اعلام القرآن الكريم الان.. وهي كلها جهودة مشكورة ومقدرة وتقدم خدمة حقيقية لكتاب الله وتساهم في توفير الحماية اللازمة لكتاب الله من أن تمتد إليه يد بالتحريف باي شكل كان خاصة في عصر التكنولوجيا وحروب الخدع الاليكترونية والرغبات المستعرة في العبث بالعقول والتطاول على الدين الحنيف.. وهذه قضية القضايا للأجيال الحديثة والمعاصرة ..
** يقول الحسن البصري رضي الله عنه قراء القران ثلاثة أصناف:
فصنف اتخذوه بضاعة يأكلون به..
وصنف أقاموا حروفه وضيعوه حدوده واستطالوا به على أهل بلادهم واستدروا به الولاة.. كثر هذا الضرب من حملة القرآن لا كثرهم الله. وصنف عمدوا إلى دواء القرآن فوضعوه على داء قلوبهم فركدوا به في محاريبهم وخنوا به في برانسهم واستشعروا الخوف وارتدوا الحزن، فأولئك الذين يسقي الله بهم الغيث وينصر بهم على الأعداء، والله.. لهذا الضرب من حملة القرآن أعز من الكبريت الأحمر”..
وقال أيضا: “تفقدوا الحلاوة في ثلاث: في الصلاة وفي القرآن وفي الذكر، فإن وجدتموها فامضوا وأبشروا، وإن لم تجدوها فاعلموا أن الباب مغلق”.
•وقال ابن مسعود رضي الله عنه: إن هذه القلوب أوعية فاشغلوها بالقرآن ولا تشغلوها بغيره.
** قال رجل لأبي سعيد الخُدْري رضي الله عنه: أوصني يا أبا سعيد قال: عليك بذكر الله وتلاوة القرآن فإنها روحك في السماء وذكرك في أهل الأرض.
**ومن وقوال أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه: لو أن قلوبنا طهرت ما شبعت من كلام الله.
والله المستعان..
megahedkh@hotmail.com