هل أنت إنسان حقيقي؟
بلسان واحد ووجه واحد، تحب بصدق تعطي بسخاء ،أمازلت لاتعرف كيف تلعق حذاء رئيسك في العمل، هل تجيب صادقا صريحا دون تملق أو زيف حين يسألونك رأيك في أمر ما ؟
هل أجبت بنعم؟.
اهنئك ، أنهم ينعتونك بالأبله.
أنت الأمير ميشيكين الأبله في رواية ديستويفيسكي
الطيب النبيل الصادق المحب .
هل سمعت بماركيز؟
نعم إنه صاحب نوبل ، الذي أصيب بالخرف وفقدان الذاكرة في آخر سنوات عمره
عندذاك وضعته مرسيدس زوجته وحبيبته في غرفة بعيدة عن حجرة نومهما لتشرف ممرضتان على رعايته ليل نهار وكي لايزعجها ويعكر نومها الهانئ ليلا.
تعرف ماركيز إلى مرسيدس وهو في الرابعة عشرة من العمر حيث كانت هي في العاشرة
أحبا بعضهما وعاشا حياة زوجية طويلة
لكنه أيام فقدان ذاكرته كان حين يراها يصرخ
_من هذه المحتالة التي تريد التحكم في منزلي،أنا لاأعرفها
بينما كان يشعر بالراحة لرؤية خادمه وطباخه وسائقه.
مرسيدس لم تمرضه ولم تعتن به بل تثاقلت من طول مكوثه على سرير المرض فسارعت إلى إنهاء حياته بالإتفاق مع الطبيب كما تشير أدلة كثيرة وأخبار على ذلك.
ترى هل فقدان الذاكرة يمنحنا روحا اصفى لنرى الناس على حقيقتهم ؟
لماذا كره ماركيز زوجته حين فقد ذاكرته !
بينما ظل يشعر براحة كبيرة عند دخول السائق والخادم .
في يوم من الأيام دارت محادثة بين الأخت الكبرى المنافقة والمزيفة وأختها الصغرى الحقيقية الطيبة(البلهاء)حسب مقاييس البشر قالت المنافقة لأختها
_ مشكلتك أنك ساذجة ، أنت من (أهل الله) كما يقولون .
وأهل الله هي إستعارة يطلقها الناس على كل طيب حسن النية مستقيم
مرت العقود وكبرت الأختان.
صارت المنافقة عجوز منافقة بجسد مجعد لكنه خال من الطعنات لأنها كانت هي من يسدد الطعنات ولاتستقبلها ، وحياتها سلسلة من المكاسب.
والأخت الصغرى أصبحت امرأة رائعة لكن تحول جسدها وروحها إلى ساحة حرب
لم يتبق شبر فيه من غير طعنة خنجر أو سكين مسموم
وحياتها سلسلة من الخيبات .
لقد كانت حقيقية ،بلهاء ،بلهاء ديستويفيسكي.
أحد الأزواج عرف أن زوجته حملت بحمل لم يخطط له هو فأمرها بإجهاض جنينها
قالت
لكن في ذلك خطر كبير على حياتي قال إنها محض عملية اجهاض تافهة وسبق لك وقد أجريت عملية كبرى ولم يحدث لك شيء ،اجهضيه اجهضيه.
عند خروجها على النقالة من غرفة العمليات هرع مبتسما وطبع على جبينها قبلة وعلى صدرها باقة ورد حمراء وهو يهمس في أذنها
_ حمدا لله على سلامتك حبيبتي، أنا زوجك سندك أحبك
بل أنت سند قطعة ارض في مقبرة النجف أيها المزيف
الحب عند هذا الرجل هو أن يحب لكن بشرط ألا يتعارض ذلك مع مصالحه الشخصية.
أعتقد أننا لم نطبخ طفلا ونلتهمه على العشاء حتى الآن ومازلنا نربي القطط والكلاب ليس لأننا طيبون قطعا
بل لأن في حمضنا النووي مازالت هنالك جينات ورثناها من أناس حقيقيون (بلهاء)
هؤلاء المحبون بصدق ، الشفافون ،ببواطن تشبه الظواهر ، أبطال رواية الأبله.
هؤلاء الذين سينقرضون قريبا فقد أمرضتهم الخيبات وسيقتلهم الخذلان.
يارفاقي الحقيقيون أيها البلهاء أمثالي، نحن لاننتمي إلى هنا إنه سيرك الزيف والبهلوانات
تعالوا لنصرخ بصوت واحد بقول الشاعر آرثر رامبو
(أوقفوا هذا العالم،أريد النزول)