لايمتلك أية مقومات أومهارات تجعل منه أسطى ، تقرب من المعلم دائم الانشغال ،المخمور دوما، ليصبح ساعده الأيمن ومحط ثقته، تقرب من أصحاب الأعمال وحاز ثقتهم،واستعانوا به في أعمالهم ،غير مبالين بمعلمه ،وشيئا فشيئا التف العمال حوله ، وتخيروه معلما لهم ،وخاصة لتفننه في مجاملتهم في أفراحهم وأتراحهم ،والمعلم مطمئن لعدم تلقيه أي شكاوى أو إزعاج من العمال ، تم سحب البساط شيئا فشيئا من معلمه الذي أجبر على الانزواء،واختفى من المشهد تماما.
أصبح مقاول أنفار ، يشغل من يشاء من شلته ،ويمنع عمن يشاء ، لايعرف النوم له طريقا ،مستيقظ على الدوام قلقا على مملكته ،ولم يكن الأمر يخلو من إلقائه لقمة للبعض من كثيري الشكوى والإزعاج من حين لأخر ،تفنن في استعباد من حوله ،صفعة على الخد الشمال وقبلة على الخد اليمين،حتى جعل العمال في حالة من الانفصام والانقسام حوله أهو ملاك طيب ؟،أم شيطان شرير ؟،وتضخمت ثروته بعد أن استقطب صغار العمال الذين تبدو عليهم النباهة والمهارة ليدفع بهم في كل أعماله ،يتاجر بهم وفيهم ،وهم فرحون بقربهم منه ، والويل لمن يجروء على معارضته ، يضيق عليه حتى يأتيه راكعا ذليلا ، وفجأة تضخمت شلته لدرجة أن باقي العمال رفاق الأمس بالمقهى كانوا في بطالة دائمة ،لايعمل سوى شلته، كان لايسمح بذكر أو شكر أحد من مساعديه، بل يهاجم من يشكرهم، فهو يمنح ويمنع ، خارت قواه شيئا فشيئا يعاني من النسيان ،لم يعد يؤدي كما كان يفعل من قبل ،أحس العمال بأنه اقتفى آثار معلمه من إهمال لهم ، المقربون منه شغلوا أنفسهم بالتحزبات والتكتلات لينقضوا في لحظة ويقوضوا ملكه ،لم يعد مرحبا به في المقهى ، بحث عن مقهى آخر لايعرفه فيه أحد ، يتجرع فيه كؤوس الندم والمرار والهوان .