تظل الكوميديا المصرية- في الزمن الذي مضى- تتألق وتتجدد كلما عرضتها الشاشات لأنها معجونة بالإبداع الفطري في مدرسة خاصة جمعت كل الموهوبين الذين يحملون هدفا واحدا هو إسعاد الجماهير
عرفت الدراما المصرية عشرات وربما مئات من فنانى الكوميديا الذين تخصصوا فى إضحاك الناس وانتزاع الابتسامة من المشاهدين.. بل بدأت الدراما الحديثة بمسرح يعقوب صنوع تحت رعاية الخديو إسماعيل.. استمر بعضهم طويلاً.. تحضر إليهم الجماهير حتى الرحيل.. والآخر استمر بعمر الفراشة.. احترق بنار الهواية وبريق الشهرة.. ونجح فى تسجيل تواجد ملحوظ كممثل أدوار ثانية وثالثة مسانداً لبطل المسرحية أو الفيلم أو العمل الدرامى بشكل عام. كانوا يفسحون الطريق للقادم منهم من باب المونولوج وإلقاء النكات والتقليد منهم على سبيل المثال لبلبة وعادل الفار وثنائيات ساعة لقلبك ورغم ذلك احتفظ كل ممثل أو ممثلة بطابعه الخاص وبصمته التى اجتذبت الجماهير..
**والآن نتذكر بحب مشاهد فردية أو مشتركة من الزمن الجميل.. ونتفقد فيما ندر.. تعاونية الاضحاك وتحقيق معادلة ثلاثية الأبعاد إلا فى القليل من الأعمال الدرامية.. يتصدرها فى تقدير الكثيرين فيلم اسماعيل ياسين بوليس سري.. من إخراج القدير فطين عبدالوهاب الذى دخل قائمة الأفضل للسينما المصرية.. بفيلمى الزوجة 13 لشادية ورشدى أباظة.. ومراتى مدير عام لشادية وصلاح ذو الفقار ومجموعة شباب يتصدرهم عادل إمام وحسن حسني.
**فى فيلم إسماعيل ياسين بوليس سرى »انتاج 1959«.. نتمتع بماراثون ضاحك ثلاثى الأبعاد لاسماعيل ياسين أبو ضحكة جنان.. والكونت عبدالسلام النابلسى القادم من الشام للدراسة بالأزهر ثم حسن فايق ابن الابراهيمية بالاسكندرية الذى قدم للقاهرة وعمره 16 عاماً للعمل فى أحد محال ملابس السيدات والتحق بفرقة عزيز عيد.. وجرب جميع الأدوار.. من الباشا إلى صانع الطرشى والمخللات وكانت ضحكته المميزة القاسم المشترك فى جميع الأعمال.. ويؤدى الدور على راحته بالسهل الممتنع والممتع..
** تنافس الثلاثة فى الفيلم الكوميدى البوليسى وقد شحنوا مواهبهم فى اتجاه متفرد ثلاثى الأبعاد ويساندهم المناخ العام للفيلم الذى تألقت فيه زينات صدقى وكالعادة الشاويش عطية »رياض القصبجي« والصول بكير.. والعسكرى عبد ربه اسماعيل ياسين.. وحسن فايق المصور خال سمعه.. الذى تقدم بشهامة ليدخل مستشفى المجانين.. بدلاً من زعيم العصابة الذى هرب من اسماعيل.
** تجرى المطاردات.. وتدور الأحداث بين إدارة البحث الجنائى والعصابة ومحاولات الصول بكير الهرب من العصابة بمساعدة الجندى عبدربه الطامع فى الترقية ليتمكن من الزواج بجارته التى تحبه.. وهو الأمر الذى يحدث أخيراً.. إذ يتمكن النابلسى من اخطار قيادته تليفونياً بوجوده بمقر العصابة.. وبالفعل يلقى القبض على الزعيم والأفراد.. بحركات ضاحكة ولكنها معقولة للمشاهد..
**وينتهى الفيلم بالنهاية السعيدة.. وينال إعجاب الجمهور.. ليواصل اسماعيل ياسين سلسلة الأفلام التى حملت اسمه.. لأول مرة عام 1955 فى احداثيات السينما المصرية ويظل الفيلم مرغوباً من أجيال المشاهدين.. أمس واليوم وغداً يحقق رغبة الإنسان الخروج من الهموم.. بضحكات صافية.. ثلاثية الأبعاد متكاملة الدسم هذه المرة.. واشارة متجددة إلى الابداع المصرى الذى وصل للعالمية.. وينافس باقتدار شارلى شابلن ولوريل وهاردى وغيرهم. وإن كان الأبطال الثلاثة.. قد رحلوا عن عالمنا.. بأمراض متعددة سببها الأول انهم نسوا أنفسهم وعاشوا لاسعادنا نحن الجماهير.
صالح إبراهيم