عندما نمُد المتعلم في بيئته التعليمية بمُعين يحسن مقدرته على تنظيم مفردات الخبرة، ويمكنه من العمل على تحليلها والربط بين أجزائها، ومن ثم يستطيع أن يوفر مقومات صنع القرار واتخاذه؛ عندئذ يمكننا أن نقر بأن عمليات التفكير لدى المتعلم تفوق التطبيق الذكي على المدى البعيد من الممارسة؛ فمن خلال العمل على توظيفه واستخدامه في العديد من المهام التعليمية؛ ليستثمر عنصري الوقت والجهد ويصل لمستويات التمكن والإتقان المنشودة، أضحى مساهمته في تطويره بالإضافة أو التعديل بعد تبحره في خصائصه التقنية أمرًا قائمًا.
وفي هذا الإطار ننوه على ضرورة شيوع توظيف واستخدام التطبيقات الذكية في البيئات التعليمية، وفي المقابل نؤكد على أن البعد عنها، أو تركها، أو العزوف عنها، أو إهمالها، يمتخض عنه سلبيات جمة؛ إذ يعجز المتعلم في أن يساير التطورات المتسارعة بالمجالات المعلوماتية والمهاراتية والتقنية على حد سواء، كما يصعب أن يكتسب المهارات الرئيسة لسوق العمل المتغير؛ حيث إن فحوى التجارب الميدانية أكدت على فعالية تطبيقات الذكاء الاصطناعي في إدارة العملية التعليمية بكفاءة عالية، وقدرتها الفائقة في خلق بيئة تدريسية داعمة ومحفزة على اكتساب خبرات تعليمية مركبة، مرورًا بمقدرة تامة على تقديم تقييمات واقعية ترتبط بمجالات التعلم المستهدفة.
وتؤدي التطبيقات الذكية دورًا مهمًا في تنمية الجانب القيمي لدى المتعلم من خلال نمذجة مؤثرة تقوم على استيعاب طبيعة وخصائص المتعلم والوقوف على العوامل والمتغيرات التي يستجيب لها وجدانه، ومن ثم يحدث التعديل المرتقب في السلوك بشكله الإيجابي، ويصعب أن نقلل من مقدرة تلكما التطبيقات في تنمية مستويات الأداء لدى الفرد؛ حيث الربط الوظيفي بين المهارة المتعلمة وتطبيقاتها الحياتية والعملية في الميدان، وهذا فتح مجالًا لخلق فرص عمل لا متناهية في العديد من التخصصات، كما أكد على ماهية الاستدامة في اكتساب الخبرات بما حقق الفلسفة التي دومًا ما ننادي بها، وهي التعلم مدى الحياة.
ورغبة في تناول وعرض مرحلة التنفيذ التي تخص المهمة التعليمية المنسدلة من نشاط مخطط سلفًا، ينبغي في مبتدآها أن نُعلم الفئة المستهدفة بالهدف الإجرائي الذي سوف يمارس عبر التطبيق الذكي، وهنا يأتي ضرورة عرض التفاصيل التي تزيل أوجه الغموض المتوقع منها وغير المتوقع من قبل المتعلم بغض النظر عما لديه من خبرة سابقة ومستويات الفروق الفردية بينه وبين أقرانه.
ولا يخفى علينا أهمية تحديد وقت اكتساب الخبرة من خلال التطبيقات الذكية؛ حيث أضحى الوقت مؤشرًا ومعيارًا أساسيًا في تحديد مستوى اكتساب المهارة، والتي يحكمها الدقة والسرعة في آن واحد، وهذا ما يحث متعلمينا على ضرورة احترام الوقت والسعي دومًا لاستثماره بشكل صحيح وناجز، كما يوجب على الفرد أن يضع بجوار مخططه جدولًا زمنيًا مرنًا يراعيه عند مرحلة التنفيذ؛ فيصبح مسئولًا حيال ما يصبوا إليه.
وهناك ضرورة لا غنى عنها في إعلام المتعلمين بمعايير تقويم أداءاتهم من خلال التطبيقات الذكية المستخدمة؛ إذ تضمن حد الشفافية التي تدحض إشكاليات عديدة قد يكون منها ضعف القناعة بالمستوى المحدد، أو فتح مجال للتنافسية غير المحمودة، والتي تنتج عن أحقاد ليس لها أساس من الصحة؛ فقد يشعر متعلم بأن زميله متميز عنه دون وجه حق، وأنه لديه مظلمة في آليات التقييم من خلال أدواتها.
وثمت أمور يحرص المعلم عليها كي تخلق مناخًا تعليميًا مواتيًا عند توظيف التطبيقات الذكية، منها عدالته في توزيع مهام الأنشطة بين المتعلمين، ووفق قدراتهم وملكاتهم، وأن يتم في صورة علانية؛ لتحري الشفافية، وأن يستجاب لمن يرغب في استبدال مهمة بأخرى؛ فتلك هي المرونة بعينها؛ فالهدف من وراء ذلك العمل على استثمار طاقات كافة المتعلمين دون استثناء، وتعظيم قيمة المشاركة وإعلاء قدر تحمل المسئولية، وتكوين اجتماعيات صحية لا يشوبها كراهية أو أحقاد بين الفئات المستهدفة؛ فيصبح التنافس نحو الريادة حينئذ أمرٌ محمود.
ونظامية العمل عند تنفيذ مهام الأنشطة التعليمية من خلال التطبيقات الذكية توجب علينا أن نعلم ونعرف المتعلم بالدور المنوط قيامه به؛ لينجز مهمته في وقتها وبالكفاءة المرتقبة منه، ومن ثم يكتسب الخبرة المستهدفة، ويتابع تعلمه بنشاط وحيوية، وفي هذا الإطار ينبغي أن يطلع جيدًا على تعليمات أداء مهمته عبر التطبيق الذكي؛ ليؤدي ويمارس بصورة صحيحة يتابعها المعلم من خلال النافذة المخصصة له؛ فيتمكن من تقديم التعزيز حال النجاح، وتقديم التغذية الراجعة عندما تواجه المتعلم صعوبة في الأداء.
وصورة التواصل الفعال عند التنفيذ تحتم أن يدرك المتعلم ما قد يقع فيه من خطأ أو محددات الإخفاق في ممارسة المهمة؛ ليستطيع أن يعاود المحاولة بعد تحديد أوجه الصعوبة، وهنا يؤدي التطبيق الذكي المختار مهمة رصد المعوقات سواءً ارتبطت بطبيعة المهمة أو الأداء أو الاثنين معًا، كما يأتي دور محاكاة التطبيق على أداء المهمة، وإعادة تكرارها بصورة مختلفة تتناسب مع طبيعة المتعلم وخصائصه التعليمية وما لديه من خبرات سابقة.
ولا يعني ما تقدم أن نترك التقييم والتقويم بصورة كلية للتطبيق الذكي؛ فالمعلم له دور فاعل في تقديم استراتيجيات تسهم قطعًا في تحسين البيئة التعليمية من خلال تصميم أنشطة بديلة، تصبح جاهزية للتناول حال صعوبة تمكن المتعلم من أداء مهام الأنشطة المقدمة، أو في حالة تعثره للوصول لمستوى الإتقان، أو عندما يكون هناك أنماط للفهم الخطأ بدأ شيوعها بين الجمهور المستهدف من اكتساب خبرات تعليمية في قضايا قد تتسم بالغموض أو التجريد.
إن دور المعلم رغم ما يقدمه التطبيق الذكي من مزايا متعددة سيظل جوهري؛ إذ يثري نقاط القوة ويعالج الضعيف منها، وبصورة مبتكرة تفوق الذكاء الاصطناعي بتقدمه الرهيب؛ فيستطيع أن يعدد من صور الأنشطة التعليمية التي تتناسب مع بيئاتها المختلفة، وينقل المتعلم من حالة الثبات أو الجمود إلى وضعية الديناميكية التي تحدث تغييرًا في الفكر والممارسة، ومن ثم القناعة التامة بالخبرة التعليمية بما يسهم في حثه إلى مزيد من التعلم بصورة نصفها بالاستدامة.
وبعد عرض متتالي لأسس الصياغة والتصميم والتنفيذ لمهام الأنشطة التعليمية من خلال تطبيقات الذكاء الاصطناعي، أصبحت الإجابة واضحة عن سؤال حير الأذهان كثيرًا بشأن دور المتعلم منفردًا أو في جماعة عبر التطبيقات الذكية التي ثبت فعاليتها في الميدان التعليمي وميادين ومجالات العمل قاطبة.
حفظ الله وطننا الغالي وقيادته السياسية الرشيدة أبدَ الدهر.
أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس
كلية التربية بنين بالقاهرة _ جامعة الأزهر