أن مشكلة الخيانة الزوجية من أبرز المشاكل التي تواجه أى مجتمع على مستوى العلاقات الشخصية.. والخيانة الزوجية تتأرجح اختلافاً بين الشرع والقانون من حيث أركان ثبوتها وعقوبتها، وإن كانا متفقين على تعريفها فالجناية هي اقتراف جريمة الزنا التي تعني كل اتصال جنسي أو معاشرة جنسية بين شخص متزوج وشخص آخر أياً كان هذا الشخص، وأياً كان نوع هذا الاتصال الجنسي، فالقانون يجرمه ويوقعه تحت طائلة قانون العقوبات،
والقانون يشترط لاكتمال أركان جريمة الزنا أن يتم ضبطها في حالة تلبس أو اعتراف أو ثبوت من واقع شهادة الشهود والمعاينة والفحص والتحليل في حالة عدم التلبس، أو الاعتراف، أما إذا لم يحدث ضبط تلبس بالجريمة ولم يعترف المتهم أو المتهمة، وسقط أحد أركان دعوى الزنا فلا يكون هناك جريمة قانوناً يحاسب عليها الجاني قانوناً. كما يستطيع الزوج أو الزوجة المجني عليه أو عليها، أن يتنازل عن حقه في مقاضاة الطرف الجاني حفاظاً على الأولاد والسمعة والشرف ودرءاً للفضائح،
بشرط أن تستأنف الحياة الزوجية بينهما مرة أخرى، سواء أتم هذا التنازل في بداية إجراءات التقاضي أم أثناء السير في إجراءات دعوى الزنا، كما يستطيع الطرف المجني عليه أن يرفع العقوبة على الطرف الجاني حتى ولو صدر حكم نهائي في الدعوى إذا قدم ما يثبت قيامهما بالمصالحة بالشرط السابق ذكره وهو استئناف الحياة الزوجية فيما بينهما .
وواقع الأمور، والقضايا يثبت أن الزوج هو بالطبع الأكثر خيانة من الزوجة، بحكم العادات والتقاليد والأعراف التي تحد من حجم الحرية الممنوحة للمرأة الشرقية العربية التي بحكم طبيعتها تكون الخيانة هي آخر ما يمكن أن تفكر فيه كزوجة وذلك كقاعدة عامة ولكل قاعدة شواذها كما نعرف.
وبرغم مشروعية الجمع بين زوجتين أو أكثر في الشريعة الإسلامية السمحاء، إلا أنه عند غياب الوازع الديني نجد أن الكثير من الأزواج يكتفي بواحدة، ويتصل جنسياً بمن يشاء من بائعات الهوى حينما يرغب في ذلك، أو يتخذ له صديقة أو رفيقة معينة. ومن المفارقات والأحكام العجيبة الموافقة لشرع البشر وأهوائهم أنه وحسب القانون الفرنسي يحق للزوج أن يقتل زوجته ومن معها حال ضبطه إياها متلبسة بارتكاب جريمة الزنا، وتخفف عقوبته من السجن المؤبد إلى السجن لمدة ثلاثة سنوات كحد أقصى، أما إذا حدث العكس وضبطت الزوجة زوجها متلبساً بارتكاب جريمة الزنا ولو في فراشها وقتلته فإنها تعاقب كما لو كانت قد ارتكبت جريمة القتل العمد لأي سبب من الأسباب، ودون أي تخفيف أو تقدير للسبب الداعي للقتل..
الشك والتحقيق والتثبيت .
وفي بعض الأحوال قد تكتمل أركان جريمة الزنا في غير حالة التلبس، وتكون الأدلة دامغة ومحكمة بشكل لا يثير الشك في كون الجريمة قد ارتكبت بالفعل، لكنها تثير ريبة القاضي وعدم اطمئنانه وتجعله يستشعر أن المتهمة بريئة، فيما لو كانت هي الطرف الجاني- وأن تلك الجريمة لم ترتكب من الأساس. فإذا اتهم الزوج زوجته باقتراف جريمة الزنا ولم يضبطها متلبسة ولم تعترف، أو حتى لو اعترفت، فلكي لا يكون هناك مجال في كون هذا الاعتراف وقع تحت ضغط أو إكراه، تفحص الزوجة ويؤخذ منها عينة فإذا وجدت حيوانات منوية داخل رحمها غير الخاصة بزوجها اعتبر هذا دليلاً على ارتكابها لجريمة الزنا وكأنها حالة تلبس وإلا فمن أين جاءت؟ أما إذا ثبت الفحص خلو رحمها من أي سوائل أو حيوانات منوية تخص شخصاً آخر غير زوجها، كان هذا دليلاً على براءة الزوجة من تهمة الزنا حتى وإن وُجدت آثار منوية على ملابسها من الخارج،
فأي شخص يمكنه إلقاء سائل منوي على الملابس الخارجية دون أن تشعر الزوجة أو المرأة، وبالتالي يحتمل أن يكون هناك من يريد الكيد لها. إذن فلكي تكتمل أركان قضية كالخيانة لابد وأن لا يكون هناك أي شائبة يحتمل معها إيقاع الظلم بأحد بواسطة التحليل الطبي الدقيق، إلا أن الرجل أيضا في حالة توجيه تهمة الزنا إليه يخضع لفحص طبي وتسحب عينة منه يتبين منها بواسطة الفحص ما إذا كان قد مارس عملية اتصال جنسي منذ وقت قريب أم لا.
وكما سبق القول فإن القاضي إذا شك ولو بمقدار ذرة في صحة شيء ما في القضية ولم يطمئن فإنه يطبق فوراً قاعدة ( الشك يفسر لصالح المتهم)، ويحكم فوراً بالبراءة، فليس هناك وسطية في قضايا الزنا، فإما الجاني زانٍ وإما هو ليس زانياً، ويكون الحكم في تلك الحالة استرشاداً بروح القانون وليس بنصه الجامد.
– أثر الخيانة الزوجية في التفكك الأسرى
الأبناء ضحايا الخيانة الزوجية
أن الأبناء في بيوت الخيانة الزوجية ضحايا وأسرى لفعل فاضح فاحش يترك أثراً سلبياً كبيراً طويل المدى في نفوسهم، وقد يظهر ويترجم بأشكال عدة على جوارحهم، أو يبقى دفيناً في نفوسهم ويلاحقهم مدى حياتهم.إنها هذه الخيانة التي ألقت أشباحاً كريهة على أرواحهم وأجسادهم. وهكذا فإن الأثر الكبير، والأمر خطير، حيث أن الأبناء هم أحد خمسة في بيوت الخيانة الزوجية:
– مجروح متفهم:
وهذا هو وصف حال الابن الذي يستقبل الخبر فيعتصر قلبه، ويحجّر عقله، ويسيل دموعه ويؤرق ليله ونومه، ويستثير غضبه، فيصارع الخبر ساعة ويكذبه ساعة ولا يهنأ في طعام، ولا يسكن في مقام حتى يجد الحقيقة، فيواجه الأبوين ليفهم الحدث ويعرف السبب، فيصعق صريعاً يوماً ثم يسامح دوماً، إلا أنه يبقى مع الجرح العميق الذي يذكره كلما رأى أبويه، فيأخذ ذلك شيئاً من سعادته وسروره، إلا أنه يكمل مسيرة حياته ويعيش مع أواسط الناس هناءً وسعادة متجاهلاً الحدث ولا يتعدى هذا الصنف ( الـ 20%) من أفراد هذه البيوت.
– غاضب منتقم:
وهذا هو الابن الذي يرى الخيانة طعنة وألماً، وكأنها خنجر مسموم نفذ إلى كل أحشائه وأصاب روح الشرف والعفة في نفسه، وآذى عقله وفؤاده، فيرفع لواء الانتقام، يسب أبويه ساعة، ويسب نفسه ساعة، ويلعن أهله وحظه ساعة، حتى إنه قد يجد أن كل من حوله خائن، فيبيح لنفسه ما استباحه أبواه، ويبيع شرفه بدينار أو في لحظة انهيار، أو في مقام لعب ولهو وقمار، فيكون وجبة سهلة للعصابات وأهل الدمار فينضم إلى قافلة الخائنين ومرتكبي الفواحش انتقاماً من أهله ولنفسه أو انصياعاً للجو الفاسد.
– محبط مسموم:
هذا الابن حائر طائر بين همس الليل وجهر النهار، فيحمل الخبر ويلبس ثوب العار، فيكون الخجل والهروب هو المسار، وكأنه الدنيا كلها خائنة وأبواب الخير جميعها
مغلقة، فيقل طعامه وشرابه، وينحف جسمه ويذوب قوامه، ويرجف قلبه ويجف دمعه، ويتعكر فكره ويضيع فؤاد فلا يرى إلا السواد وكأن كل إصبع تشير إليه والكل يعيبه ويتهمه بذنب لم يقترفه، ولا يجد له طريقاً أمامه إلا الانعزال والهروب ثم الإحباط والانزواء وبعدهما اليأس والهلاك.
إنه يرى نفسه وحيداً، والحياة مرة لا طعم لها، ويشك في الجميع حتى أبويه وإخوته وأهله وأصدقائه، إلى أن يصل إلى نفسه فيكون كئيباً أو يائساً أو .. يأخذ إلى الانتحار طريقاً.
– غافل مظلوم:
وهذا هو الابن المسكين الذي لا يفهم الحدث ولا يعي المصيبة إلا أنه يقع ضحية الطرف الآخر يصب عليه جميع أنواع العذاب والطرد والتشريد والشك والشتم والسباب فيسعد لحظة ويتعس لحظات، ويتحمل أثر الجريمة.. الجريمة التي لم يرتكبها هو، بل أبواه وكل ذنبه أنه ابنه أو ابنها.
– تائه واهم:
أما هذا الموعود يرى ولا يعي، يسمع ولا يفهم، يُخبر ويكذب، فيهيم بين الحقيقة والخيال، فيفقد الثقة بأبويه وكل من هم على شاكلتهما أو في مقامهما، فيرى في الرجال أباه وفي النساء أمه، فيعتزل الزواج ويفضل العنوسة والعزوبية خيفة الوقوع في شكل من أشكال الخيانة.
فهل ما زلت تفكر بالخيانة ؟؟
احذر وتب وعد إلى الله عز وجل فباب التوبة ما زال مفتوحاً والستر باب، فلا تكسره ومن ستره الله فقد حاز خيراً كثيراً، والتفت إلى أهلك وأبنائك وعوّضهم لحظات الضياع والغفلة وأكثر من لحظات السعادة والاهتمام، فاليوم منقض وغداً
ذاهب.
( أبو عبد الرحمن بن رضوان)
كيف يحدث التوافق الزواجى؟؟
يواجه الزوجان مهام كثيرة على قدر كبير من الأهمية ومنها ( كيفية التعامل مع الصراعات ، والوصول لنوع من التفاهم بخصوص الأمور المالية ، تنمية علاقات عملية مع الوالدين والأقارب ، والاستعداد لمرحلة الوالدية )
الإخلاص والتوافق الجنسي
فقد يواجه الزوجان مشاكل ناشئة عن رغبة كل طرف منهما في الإنجاب .
التوافق للدور وتمييز الدور :
يتخذ كلاهما أدواراً اجتماعية جديدة بعد الزواج ، حيث يتوقع من الزوجة أن تدير منزلها ، كما يتوقع من الزوج التفكير بجدية في المسئوليات الأسرية وتجنب القرارات الطائشة المرتبطة بوظيفته أو مهنته ، كما ينبغي أن يتكيف الزوجان اجتماعياً تجاه أحدهما الأخر ،” حيث يجب أن يعملاً على حل المسائل المرتبطة بعملية السيطرة أو الهيمنة مقابل الاعتمادية ، وتوكيد الذات مقابل الإذعان ، وتقبل الذات مقابل تقبل الشريك الأخر في الحياة الزوجية . ويجب تحديد المشاكل المرتبطة بعمل كل من الزوجين ، عموماً فإن حل هذه المسائل قد يتطلب تغيراَ شخصياً حيث أوضحت الدراسات تغيرات واضحة في سمات الأفراد المتزوجين في السيطرة وتقبل الذات ولم تظهر تغيرات في المجموعة الضابطة التي لم يتزوج أفرادها .
ولقد كان الاتجاه بالنسبة للنساء هو القيام بدرجة أكبر من التوافق الخاص بالدور ، أما الأزواج فكان اتجاههم أن الحياة تسير كالمعتاد ،” وعموماً فالسيدات المتزوجات حديثاً كثيراً ما ينتقلن من حياة معينة إلى دور جديد كربة بيت وكأم ، وينتج عن ذلك غما إشباع ورضا زواجي والثقة بالذات ، وإما نقيض ذلك ، كما أن التوقعات الاجتماعية الحالية المرتبطة بأدوار الزوج نجدها أكثر مرونة عما قبل ، فقد يكون الرجال قلقين على زوجاتهم اللاتي يعملن بالوظيفة ، ولكنهم نادراً ما يشعرون بالحرج اجتماعياً ، كما كان يشعر أبائهم وأجدادهم ، هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى نجد النساء يشعرن بأن لهن الحق في أن يطلبوا من أزواجهن المساعدة في أعمال المنزل ورعاية الأطفال ، وهذا يعنى أن ثمة استمرارية أقل بين الأدوار الاجتماعية .
ومن بين المسائل الهامة بالنسبة للزوجين قضايا تتعلق بأدوار الجنس وأخرى تتعلق بالعمل.
وقد أظهرت الدراسات أن أزواج الزوجات العاملات يبدون أكثر استياء وأقل رضا ، حيث أظهروا قد أكبر من الضغوط والتوتر المرتبط بالعمل ، كما كان ينتابهم القلق والاضطراب ، بالإضافة إلى عدم تمتعهم بصحة جسمية جيدة . ومن الناحية الإيجابية ، فأن أزواج الزوجات العاملات يظهرون درجة أعلى من الانسجام والتوافق مع زوجاتهم فيما يتعلق بالأمور الهامة ، كما كان لديهم استعداد أكب لحل الخلافات بطريقة تتسم بالمساواة.
وقد قال( روجرز ، 1972 ) أن الزواج قد يشبه الصندوق الرومانتيكى الذي يربى فيه الشخص الأطفال ، صندوق سحري يوفر فيه الأمان والأمن والهوية ، بل أنه تابوتاًُ يحوى كلاً الزوجين يمثلان به ، وبالنسبة لأزواج آخرين فقد يشبه الزواج بالنهر ، تيار مركب من الخبرة التي فيها يكون كلا الزوجين قادراً على القيام بالمخاطرات والمجازفات يفند طموحاته ويمحصها ، وأن يكيف نفسه للمباغتة والمفاجئة ، ففي بداية الزواج عندما يكون الإشباع والسعادة الزوجية مرتفعة نسبياً ، ولو يتم اختبار استقرار العلاقة خلال الوقت ، فإن الزوجين يبدأن في تكوين نوع من التوجه الذي ينتج عنه إما ملل أو استمرار النمو في الزواج بمرور الوقت .
دكتور القانون العام والاقتصاد الدولي
ومدير مركز المصريين للدراسات بمصر ومحكم دولي معتمد بمركز جنيف للتحكيم الدولي التجاري
وعضو ومحاضر بالمعهد العربي الأوربي للدراسات السياسية والاستراتيجية بفرنسا