تقيم لدي أحد أشقائها بعد وفاة والديها ، شرسة الطباع ،تنتقد كل شيء ،لم يتحملها أشقاؤها الآخرين فقاطعوها ،وأحالت حياة شقيقها وزوجته وأبنائهم إلى كدر ، إلى أن تزوجت بعد أن تعدت الأربعين بعدة أعوام من زوج يماثلها تقريبا في العمر ، مطلق ، يعمل موظفا كبيرا بأحد المحافظات الحدودية ،من عائلة ثريةمن أقاصي الصعيد ، عاشا عدة سنوات في سعادة وهناء ،لم ينغص حياتهما سوى عدم حدوث حمل ،بعد الفحوصات الطبية تأكد لهما استحالته ،نظرا لسنها المتقدم،وانقطاع الدورة الشهرية ،إضافة إلى انسداد قنواته المنوية ، استسلما للأمر ،ولكن إلحاح أهله جعله حياتهما عرضة للكدر عند لقائهم على مرات متباعدة ،تفتق ذهنهما سويا إلى إدعاء أنها حامل ،وقاما بإرسال عدة صور لأهله تجمعهما وتظهر مايؤكد حملها بطن منتفخة ،وهي تسير ،وهي جالسة ، فرح أهله وإن كانوا يشكون في الأمر ،ونظرا لبعد المسافة وصعوبة السفر وكبر سن والده ووالدته لم يحضر إلا أخوه على فترات متباعدة ،وفي موعد اكتمال الحمل استطاعا الحصول على طفلة تركها أهلها على باب ملجأ، كان بينهما اتفاق مسبق وبين أحد العاملات فيه لتحضر لهم أحد الأطفال اللقطاء ليأخذوها قبل أن يتم تسجيلها في الدفاتر ، استخرجوا لها شهادة ميلاد باسمهما ، ربيا الطفلة ،كانا سعيدين بها ،لكن توفي الزوج ولحقت به الزوجة حزنا عليه ،تركا الطفلة ليتولى أهله تربيتها بأقصى الصعيد ،كان تواجههم مشكلة كبيرة انحصرت في نسبها لابنهم ،لكن ماذنبها ؟، البنت بيضاء ،عيونها ملونة ،شعرها أصفر ،والعائلتين ليس فيهما أي ملامح تشبه تلك الطفلة ، الجد والجدة والأعمام والعمات يعذبهم الشك ، لم يكن قد اخترع للتو فحص الحمض النووي الدي إن إيه ،انعكس هذا على نفسية البنت ،كبرت بينهم ،لم تذق لاحبا ،ولاحنانا، كان بينهم وبينها حاجز كبير أصم ،حصلت على دبلوم تجارة ،زوجوها لأحد الموظفين من أحد محافظات الدلتا ،لم يزوجوها لأي من أبناء العائلة الذين تقدموا لها ،جهزوها ،وأعطوها مبلغا وأخبروها أن لاميراث لها عندهم ، لم تلق بالا لذلك ،تناست كل مامر من عمرها ،وعاشت مع زوجها تنهل من حنانه ورعايته لها ولأطفالها طاوية صفحات من الاحساس العميق بالغربة .