طوال عقد السبعينيات من القرن الماضي، واسم محمود ياسين يتلألأ في فضاءات السينما المصرية، حيث تصدرت صورته الأفيشات الضخمة التي كانت تملأ شوارع القاهرة في ذلك الزمان البعيد،
إذ حقق الرجل ما لم يحققه نجم قبله ولا بعده في عالم السينما المصرية من حيث سطوع اسمه وانتشار أفلامه في دور العرض السينمائية المختلفة بالقاهرة والمحافظات المصرية الأخرى.
أجل… أنجز محمود ما لم يستطع نجم غيره إنجازه في دنيا الأطياف، إذ لعب أدوار البطولة أمام معظم النجمات اللاتي سبقنه في الظهور على الشاشة، وكلهن يكبرنه في العمر (هو من مواليد 2 يونيو 1941)،
ومع ذلك وقعن في غرامه في تلك الأفلام. راجع معي هذه الأسماء:
فاتن حمامة وشادية وماجدة ونادية لطفي وسميرة أحمد وهند رستم وبرلتني عبدالحميد ومريم فخر الدين وهدى سلطان ونجاة ووردة.
حتى الفيلم الوحيد الذي مثلته عفاف راضي وهو (مولد يا دنيا) كان محمود هو المعشوق الساطع أمامها.
لاحظ أن رفاق جيله أمثال نور الشريف وحسين وفهمي ثم محمود عبدالعزيز وفاروق الفيشاوي وأحمد زكي لم يشاركوا السيدة فاتن حمامة مثلا في أي فيلم. رغم أن محمود تمتع بالوقوف أمامها في ثلاثة أفلام.
صحيح أن النجم كمال الشناوي لعب البطولة أمام نجمات أكبر منه في العمر أمثال راقية إبراهيم وليلى مراد ورجاء عبده، إلا أن الفرق في العمر بين الشناوي وبين هؤلاء النجمات لم يكن كبيرًا،
بعكس محمود ياسين، كما أن عددهن قليل بالقياس للكوكبة المتميزة من السيدات اللاتي شاركن محمود بطولات أفلامه.
اللافت أن الحضور الطاغي لمحمود في السينما دفع صناع الدراما التليفزيوية إلى اللهاث خلف نجوميته من أجل إسناد أدوار البطولة له في مسلسلاتهم التي حققت نجاحات مدهشة عند عرضها،
وكان أول بطولاته التليفزيونية مسلسل (الدوامة)، حيث أذكر جيدًا كيف سلب وجدان الملايين وعقولهم عند عرضه في 1973.
لاحظ أيضًا أن صاحبنا قنع بأدوار ثانية وثالثة وربما رابعة في عدة مسلسلات قبل أن يصير النجم الأول بلا منازع مثل مسلسل (الرجل الغامض) ربما عرض في 1969 أو 1970، حيث كان البطل كمال الشناوي.
لن أتحدث هنا عن المسلسلات التي لعب بطولاتها محمود بعد أن (هجر) عالم السينما تقريبًا مع نهاية التسعينيات،
وإنما سأذكر بعض المسلسلات النادرة التي لعب بطولاتها في عز مجده السينمائي، ومع ذلك لا نكاد نعرفها مثل:
(الأبله)، و(القرين)، و(ابن سينا)، و(سلطان العلماء)، و(جمال الدين الأفغاني)، وغيرها، وبعض هذه المسلسلات من إنتاج شركات وتليفزيونات عربية خليجية.
الحق أن محمود ياسين كان غزير الإنتاج باهر الحضور، لذا يستحق المزيد من الدراسة، وأزعم أن ثقافته العريضة ساعدته في الحفاظ على تألقه الدائم من قرن إلى آخر.
أذكر أنه قال لي مرة وأنا أجري حوارًا معه في فيلته بالهرم:
(أنا مجنون كتب… وأسأل عني الحاج مدبولي).