أن التحديات الإقليمية والدولية تسلط الضوء على أهمية تعزيز الحوار السياسي بين الجانبين من خلال عقد قمة كل عامين تجمع رؤساء كل من جمهورية مصر العربية والمفوضية الأوروبية والمجلس الأوروبي على أن تعقد القمة بالتناوب بين القاهرة وبروكسل، بالإضافة إلى اجتماع مجلس المشاركة السنوي بين مصر والاتحاد الأوروبي والذي يشكل حجر الزاوية للمشاركة الثنائية بين الجانبين، وذلك في إطار اتفاقية الشراكة بين مصر والاتحاد الأوروبي، فضلاً عن أنشطة التعاون القائمة التي تضم مصر والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
كما سيدعم الاتحاد الأوروبي جهود مصر المستمرة لتعزيز بيئة الأعمال والاستثمار بها لتسهيل تدفقات التجارة والاستثمار وبما يتماشى مع التزاماتها الدولية، وخاصة التزاماتها نحو الاتحاد الأوروبي.
جديرا بالذكر
أصبحت مصر شريکا في اتفاقيات التعاون الأور ومتوسطية (اليورو ميد) منذ العام 2003، کما يعد الاتحاد الأوروبي أکبر شريک تجاري لمصر حاليا حيث يتم تصدير حوالي 33% من الصادرات المصرية إليه، وقد بدأت مصر في تنفيذ الشق التجاري من اتفاقية المشارکة المصرية الأوروبية في الأول من يناير عام 2004، وتم تفعيل الاتفاقية في الأول من يونيو من نفس العام،
وکان الهدف الرئيسي منها هو تأسيس منطقة حرة للتبادل التجاري بين مصر والاتحاد الأوروبي وکان لبعض التغيرات الإقليمية والدولية في الفترة من عام 2011 بعض الأثر على حرکة التجارة بين مصر ودول الاتحاد الأوروبي في إطار الشراکة الأورو متوسطية
مدى تأثير الاتحاد الأوروبي على التجارة العالمية: يتزايد تأثير الاتحاد الأوروبي في الشئون العالمية بصفة عامة والتجارة الخارجية بصفة خاصة بشکل مستمر فعملية الوحدة، وإطلاق اليورو والتطور المتزايد له بالإضافة لسياسته المتبعة تجاه العلاقات الخارجية والأمن تمنح الاتحاد الأوروبي وتزوده بوضعيات سياسية ودبلوماسية واضحة تمکنه من مجاراة
وتحقيق أهدافه على صعيد النفوذ الاقتصادي والتجاري، والتي تتمثل في السعي لتأسيس أوروبا مستقرة ذات نفوذ قوى في العالم. ونظرا لاعتبار الاتحاد الأوروبي الشريک التجاري الأكبر في العالم، فإنه يأخذ في اعتباره المنافسة الدولية، مع استمراره بالدعم والترويج للتجارة العالمية
وذلک من خلال الدعوة لتحرير قواعد التجارة العالمية. ويعتمد الاتحاد الأوروبي على ثلاث مكونات رئيسية للنشاطات الخارجية للاتحاد وهى السياسة التجارية، التنمية والتطوير، بالإضافة إلى البعد السياسي. وهى الأمور التي تم دعمها
من خلال الآليات العملية الضخمة لسياسة خارجية موثوق بها في الميادين التجارية والاقتصادية والدبلوماسية.
وکانت أهم النتائج الآتي:
انخفضت کمية الصادرات المصرية إلى دول الاتحاد الأوروبي من حوالي 9.2 مليار دولار عام 2008، إلى حوالي 6.0 مليار دولار عام 2015 وبما يقدر بنحو 34.9%.
زائدات کمية الواردات المصرية من دول الاتحاد الأوروبي من حوالي 14.5 مليار دولار عام 2008، إلى حوالي 24.3 مليار دولار عام 2015 وبما يقدر بنحو 67.0%.
زادات کمية التجارة المصرية مع دول الاتحاد الأوروبي من حوالي 23.8 مليار دولار عام 2008، إلى حوالي 30.3 مليار دولار عام 2015 وبما يقدر بنحو 27.4%.
زادت قيمة الصادرات المصرية المأمولة إلى الاتحاد الأوروبي حوالي 4.9 مليار دولار عام 2008، إلى حوالي 5.2 دولار عام 2010، وانخفضت من حوالي 6.2 مليار دولار عام 2013، إلى حوالي 5.6 دولار عام 2015. وبذلک لم تبلغ الصادرات المصرية الفعلية إلى الوضع المأمول لحوالي نصف دول الاتحاد الأوروبي سواء للفترة الأولى أو الثانية.
زادت قيمة الواردات المصرية المأمولة من الاتحاد الأوروبي حوالي 8.6 مليار دولار عام 2008، إلى حوالي 14.3 دولار عام 2010، وانخفضت قيمة الواردات المصرية المأمولة من الاتحاد الأوروبي حوالي 19.9 مليار دولار عام 2013، إلى حوالي 21.6 دولار عام 2015. وبذلک زادت الواردات المصرية الفعلية على الوضع المأمول لحوالي 11 دولة من دول الاتحاد الأوروبي سواء للفترة الأولى أو الثانية والتي يجب التركيز عليها لخفض الواردات.
زادت قيمة التجارة المصرية المأمولة مع الاتحاد الأوروبي حوالي 14.9 مليار دولار عام 2008، إلى حوالي 20.1 دولار عام 2010، وانخفضت في حين بلغت قيمة التجارة المصرية المأمولة مع الاتحاد الأوروبي حوالي 25.3 مليار دولار عام 2013، إلى حوالي 25.3 دولار عام 2015. وبالتالي فأن التجارة المصرية الفعلية أعلى من الوضع المأمول سواء للفترة الأولى أو الثانية.
ونرى
– يجب العمل على زيادة الصادرات المصرية والتخلص من المعوقات التي تحول دون ذلک والوصول بها إلى المستويات الملائمة.
– التركيز بصفة أساسية على الدول مرتفعة الوضع المأمول عن الفعلي لزيادة الصادرات المصرية.
– التركيز بصفة أساسية على الدول منخفضة الوضع المأمول عن الفعلي لخفض الواردات المصرية.
– العمل على رفع نسبة تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر من خلال اتفاقيات التعاون مع الاتحاد الأوربي، وخاصة المشروعات التي تتعلق بالإنتاج الموجه للتصدير في إطار التبادل التجاري.
– العمل على تحديث الهيکل الاقتصادي لمصر، وتطوير القطاع الخاص، والنهوض بقطاع الإنتاج وإقامة إطار إداري ملائم لاقتصاد السوق، وإقامة آليات لتشجيع نقل التکنولوجيا للاستفادة من الشراکة.
– تشجيع منشآت الأعمال بين مصر ودول الاتحاد الأوروبي من الدخول في اتفاقيات مع بعضها البعض، والعمل على خلق بيئة إدارية مشجعة لهذا التعاون، وما ينطوي عليه من تحديث للصناعة، وضرورة وضع برنامج للدعم الفني للمشروعات المتوسطة والصغيرة.
– إزالة التعريفات الجمركية بشکل مدروس من قِبل مصر، حتى لا يؤدي إلى مواجهة الشرکات المصرية لمنافسة جديدة من الشرکات الأوربية لا قدرة لها على التكافؤ معها، مما قد يؤدي إلى إفلاس عدد کبير من تلک الشرکات، مما يضاعف من اختلالات الميزان التجاري لمصر.
ومن هذا المنطلق وفي ظل ظروف استثنائية على الصعيد الإقليمي والعالمي، ومع توجه وثيقة التوجهات الاستراتيجية للاقتصاد المصري (2024-2030) نحو تعزيز التعاون الدولي والشراكات الاستراتيجية لمصلحة الشعوب، انطلقت في القاهرة في 17 مارس 2024، فعاليات القمة المصرية الأوروبية التي تم الإعلان من خلالها عن حزمة مساعدات مالية لمصر مثلت دعمًا للاقتصاد في مسيرته نحو الإصلاح، ووسط حاجة أوروبا إلى الحد من الضغوط الاقتصادية والصراعات والفوضى الدافعة إلى مزيد من المهاجرين إلى شواطئها.
فإن المصلحة الاستراتيجية تملي على الاتحاد الأوروبي دعم استقرار الدول المجاورة وأمنها، لذا اعتمد سياسة أسماها سياسة الجوار الأوروبية لمواجهة مشكلة الهجرة غير الشرعية التي تعانى منها البلاد الأوروبية بشكل كبير، وسبق وعمل الاتحاد عليها قبل الاتفاق مع مصر مع دول مثل تونس وتركيا. فما زالت أوروبا تسعى إلى مساعدة الدول التي تمثل مصدرًا أو معبرًا لهذا النزوح لمنع الهجرة عبر البحر المتوسط إلى الحدود الأوروبية،
وهناك تخوف من تزايد أعداد النازحين إلى مصر البلد العربي الأكبر ديموغرافيًّا والثالث سكانيًّا في إفريقيا، والتي تستضيف بالفعل أكثر من 9 ملايين مهاجر على أراضيها من بينهم أربعة ملايين سوداني و1.5 مليون سوري، بحسب المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة
كذلك الهجرة من مصر إلى ليبيا، ثم من لبيبا إلى أوروبا، والنازحين السودانيين الذين يتجهون إلى مصر ثم منها إلى دول أوروبية. وكل ذلك يعنى ضرورة العمل على مساندة مصر وسط ما يحدث في غزة والسودان واليمن وليبيا ودول أخرى بالمنطقة.
كما سبق وأطلق الاتحاد الأوروبي الاستراتيجية المشتركة (2017 -2021)، وشملت دعم مصر في سياسات مواجهة الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، ويتم ذلك من خلال مزيد من التنمية في المناطق الأكثر تعرضًا للهجرة ولذلك تحرص أوروبا على “أمن واستقرار” مصر كمصلحة استراتيجية أوروبية.
دكتور القانون العام والاقتصاد الدولي
ومدير مركز المصريين للدراسات بمصر ومحكم دولي معتمد بمركز جنيف للتحكيم الدولي التجاري
وعضو ومحاضر بالمعهد العربي الأوربي للدراسات السياسية والاستراتيجية بفرنسا