في كل محافظة من ربوع الوطن يتولى مهام السلطة التنفيذية من يعينه رئيس الجمهورية، ومن ثم يخول له الإشراف المباشر على تنفيذ السياسة العامة للدولة من مشروعات إنتاجية ومرافق وخدمات، وفي هذا الإطار يقوم المحافظ على إنفاذ القانون في المستوى المؤسسي وفيما يخص الشأن الإداري بمحافظته، ويطبق أنظمة الحوكمة التي تنتهجها الدولة ويوفر لها مقومات ضمانة التفعيل بما يسهم في خروج إنتاجية تنال الرضا الشعبي داخل المحافظة وتستحسنها أجهزة ومؤسسات الدولة المعنية.
وهذا يستدعي من المحافظ أن يقوم بجولات مستمرة على مدار الساعة في ربوع محافظته؛ كي يلاحظ ويرصد مستوى التقدم الملموس في المشروعات بكافة تنوعاتها، ومن ثم يذلل كافة العقبات ويحل المشكلات التي قد تعطل مسيرة العمل أو تضعف من مخرجاته المرتقبة، وهو ما يستوجب ألا يكون عمل المحافظ مكتبيًا؛ ليحقق تلك الغاية المنشودة لتصبح محافظته أحد روافد التنمية الشاملة المستدامة في وطننا الحبيب.
وتتعاون جميع أجهزة الدولة الممثلة في مؤسساتها بكل محافظة مع المحافظ كي يحقق ماهية الأمن والأمان والاستقرار ويضمن حماية الحقوق بكل تنوعاتها واستئصال ما يحدث بلبلة أو يكدر الصفو العام، ومن ثم يعضد النسق القيمي وما يتمخض عنه من نسق قويم في المجتمع ويضع من الخطط التي تتضمن برامج تستهدف تنمية صحيح الوعي وغرس الأخلاق والقيم النبيلة بصورة مقصودة من خلال العديد من المؤسسات المعنية بذلك، ما إذا كانت تعليمية أو مجتمعية أو عقدية؛ فهذا من شأنه يضمن إشاعة مناخ الطمأنينة ويحض الجميع على ممارسة السلوك المرغوب فيه، ويحد من الجرائم ويقضي على الممارسات غير الأخلاقية التي تضير بالبشر والحجر على السواء.
ويتوجب على جميع محافظات مصر أن تنتهج سياسة الإنتاجية في جميع مؤسساتها الحكومية وغير الحكومية، وهذا المسار يضمنه متابعة الأداء بصورة مباشرة من قبل المحافظ ليتخذ من الإجراءات ما يضمن توفير الحماية والرعاية بشكل مستدام، ويبتكر من الحلول ما يضيف لزيادة الإنتاج ويرفع من كفاءات العاملين، ويحفزهم بأنماط عديدة بما يدفعهم لمزيد من العمل الفعال في مجالاتهم النوعية، كما يقع على المحافظ أن يتخذ من القرارات والإجراءات ما يحمي به أملاك الدولة العامة والخاصة ويزيل أي تعديات خارج إطار القانون بصورة فورية.
والمحافظ لديه إيمان وثقة في فعالية حوكمة المؤسسات والتي تشير إلى النظام الذي يتم من خلاله إدارتها والتحكم في أعمالها، ونصفها بمجموعة الإجراءات التي تتبع لضبط وتنظيم العلاقات داخل المؤسسات وفيما بينها وإدارتها بغية تحقيق كفاءة الأداء والفعالية، وبواسطتها يتم حفظ الحقوق والتمكين من الرقابة وتقييم مستويات الأداء بالمؤسسات؛ فمنذ أن تولى سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي شئون إدارة البلاد، أخذ على عاتقه أمانة الإصلاح في صورها المتنوعة؛ حيث وجه بشكل مباشر إلى أهمية وسرعة تطبيق حوكمة المؤسسات؛ كي تكون الأولوية للإصلاح الإداري من خلال إعادة الهيكلة التي تضمن إجراءات تحقق الخدمة العامة المتميزة والناجزة.
وعلى المحافظ أن يواصل مسار نهضة الدولة المصرية من خلال العمل المستدام على تحسين وتطوير وصيانة بنية محافظته الأساسية وخاصة البنية الرقمية؛ بهدف تفعيل الحوكمة الذكية التي تعتمد على الخصوصية وموثوقية وضمانة التحكم من قبل المستخدم أو من يخول له أمر التعامل مع المستفيدين أو الجمهور، وهذا لا ينفك بحال عن لوائح وقوانين منظمة ومواثيق تلتزم بها المؤسسات؛ فالأمن المعلوماتي يشكل المعيار الرئيس في هذا الخضم؛ فلا منزع لمخاطر سيبرانية قد تحدث خللًا أو خطرًا على خدمات ومنتجات المؤسسة بأي صورة تضير بها وبالجمهور المستهدف.
وعدالة توزيع موارد المحافظة أضحى أمرًا يحقق ماهية الاستقرار المجتمعي ويضمن انغماس الجميع في طيات العمل، وفي ضوء ذلك يتقبل المجتمع بربوع المحافظة كافة التغييرات التي تحدث النهضة المنشودة بمرافق ومؤسسات ما يقع في نطاق أو حدود المحافظة، ورغم توافر الأجهزة المعنية التابعة للمحافظة والتي يقع على كاهلها المعنيّة بالمتابعة والرقابة والتقييم؛ إلا أن تواجد المحافظ في تحركاتها وآليات عملها يؤدي لنتائج محمودة يأتي في مقدمتها المعرفة الحقيقية لمجريات الأحداث وبواطن الأمور بما يضمن صناعة واتخاذ القرار الصحيح الذي يؤدي لتحقيق الهدف المنشود.
ويقع على المحافظين مهمة كبرى تتمثل في إحداث تنمية اقتصادية، والتي تشكل الأهمية الأولى للدولة الضامنة لنهضتها في شتى مجالاتها المستدامة؛ فيصعب أن تكتمل جودة الحياة وكرامتها بعيدًا عن اقتصادٍ قوي متنوع يلبي احتياجات الشعب الأساسية؛ بالإضافة لتحقيق آمال وطموحات تتعلق بما يقدم من خدمات، ويوفر المزيد من فرص العمل، كي يحدث الرضا المنشود لدى المواطنين.
وعطفًا على ما سبق يتوجب على المحافظين الاهتمام بتحفيز الاستثمار المحلي والأجنبي على السواء؛ حيث يُعد أمرًا بالغ التأثير؛ فنرى أن التمويل من قبل المستثمرين يساعد في استكمال مشروعات وطنية داخل كل محافظة، بما يحقق ثمارًا عديدة على المدى القريب والبعيد، ويضمن زيادة القدرة التشغيلية لأبناء كل محافظة، مما يحد ويحصر تفاقم البطالة، ويزيد من انتشار وتنامي الأسواق التي تستوعب الطلب المحلي وقد ترتقي لتلبية الطلب الدولي، وهذا بالطبع يقوم على معيار التنافسية والريادة التي يحرص كل محافظ بمحافظته العمل من أجل بلوغه.
ويصعب مكان أن نحصي المهام الأصيلة والمبتكرة التي تقع على عاتق المحافظين بوطننا الغالي؛ لكن المطلوب منهم كثير؛ فنسأل الله لهم التوفيق والسداد، وأن يساهموا في رفعة كيانات الدولة ويصونوا مقدراتها ويحققوا التنمية المنشودة.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.
حفظ الله وطننا الغالي وقيادته السياسية الرشيدة أبدَ الدهر.
أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس
كلية التربية بنين بالقاهرة _ جامعة الأزهر