كل الإشارات الصادرة حتى الآن عن وزير الأوقاف الجديد د. أسامة الازهري مبشرة وتفتح نوافذ آمال يترقبها الناس على صعيد الثقافة الإسلامية والوعي الديني.. ثقافة تملأ فراغا حقيقيا وخطرا على وعي لا يزال شقيا ومحفوفا بالاشقياء ويحرق معه الأتقياء في دروب السالكين ويتعب معه الراغبين في السير على طريق النور..
وبقدر أهمية وتأثير الادب الزائد والاحتفاء والحفاوة في لقاءات الأزهري في المشيخة أو في غيرها من مؤسسات دينية سواء كانت برتوكولية أو أصيلة نابعة من محبة وتقدير واعتراف بحقائق الأمور والوعي باطارها الصحيح إلا أن ما يشغلني دائما ماذا وراء الاكمة وماذا هم فاعلون في أرض المعركة ومواجهة التحديات والصعوبات والمخاطر في طريق الدعوة وموجات العبث المستمرة تحت ستار التجديد والتنوير والتكوين وغير ذلك من مسميات ومصطلحات تأكد للقاصي والداني أنها أصبحت سيئة السمعة فاقدة لأي من مقومات القدرة على الإصلاح والانتقال إلى مرحلة من الرقي والنضج الفكري والعقلي والارتقاء الحقيقي بكل ثقة على درجات سلم الترقي في الطريق لتحقيق ما يرضاه رب العالمين بكل حب واخلاص..
المهمة ثقيلة وعويصة في زمان يعج بالفتن ويكثر فيه المتعالمون ويتقدم كثير من الصفوف رؤوس جهال يزينون الباطل وينخدعون بأي بريق لايملكون قدرة ولا ملكة للتمييز بين الغث والثمين معظمهم أسرى لفخاخ الإثارة ومستنقعات الفتن وحمى التريند اللعين نشطاء مهرة في التهييج وخلط الأوراق وان ادعوا غير ذلك حين تسقط اوراق التوت وتتكشف السوءات والعورات وهم لا يشعرون..
لا أبالغ حين أقول إن المؤسسة الدينية خاصة ومعها المؤسسات الثقافية الفنية والتعليمية والإعلامية ايضا لم تنجح حتى الآن في تقديم البديل المطلوب أو المفترض على الصعيد الديني والثقافي خاصة بعد حرب ضارية مع الإرهاب والجماعات الإرهابية بكل صنوفها واجنحتها والقوى المساندة والمعضدة لها في الداخل والخارج .. استغرقنا وقتا طويلاً وجهدا اكبر في الهدم والتفكيك وإنزال كل اللعنات ..
وللاسف في خضم هذا الاستغراق نشطت قوى انتهازية جبارة للصيد في الماء العكر وكثفت جهودها لإفساد كل جميل وركزت على العبث بالعقول والعمل صراحة على إخراج الناس من دينها ولم تجد حرجا أو غضاضة في الدعوة إلى أشباه دين جديد وفي أحسن الأحوال تنقية ماهو موجود بالحذف والإضافة كما يحلو لهم الهوى وما يفرضه عليهم من هوان..
مما يثير الاسى أن تلك القوى وفي بعض الأحيان كانت تعمل بأريحية وبجاحة وثقة منقطعة النظير ولم يفت في عضدها صرخات الاستغاثة وصيحات التحذير والأصوات المختلفة التى تجأر ليل نهار بالشكوى محذرة ومنذرة من خطر وهول ما يحدث وترك الحبل على الغارب للعابثين منذ بداية ظهورهم وقبل أن ينفثوا سمومهم في المجتمع وخاصة بين الشباب وهم الفئة الأكثر استهدافا في المواجهات الحامية..
ملحوظتان مهمتان قد يكون لهما تأثير في زيادة جرعات الامل :
خطاب الواثق الصادر عن د.اسامة الأزهري والواضح من لقاءاته مع كبار المسئولين سواء في المؤسسة الدينية أو على هامشها ..ولا يخفى قدر الاحترام والتوقير والتقدير وهو غير مفتعل أو مصطنع..وظهر ذلك جلياً في لقاء فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر.. وأكد أنه سيعمل تحت لواء وراية ومظلة شيخ الأزهر باعتبار الأزهر هو المنارة الكبرى والحصن الحصين للدفاع عن الإسلام والمسلمين..
وهذه بالمناسبة قاعدة دستورية وليست من قبيل اي شيء آخر إذ نص الدستور فى مادة 7 على ( ان الأزهر الشريف هيئة إسلامية علمية مستقله يختص دون غيره بالقيام على كافة شئونه وهو المرجع الاساسى فى العلوم الدينية والشئون الاسلامية ويتولى مسئوليه الدعوة ونشر علوم الدين واللغة العربية فى مصر والعالم ، وتلتزم الدولة بتوفير الأعتمادات المالية الكافية لتحقيق أغراضة , وشيخ الأزهر مستقل غير قابل للعزل , وينظم القانون طريقة اختياره من بين أعضاء هيئة كبار العلماء )..
قاعدة أخرى مهمة وهي أن تحقيق الانسجام والتوافق بين المؤسسات المسئولة عن الوعي الديني خاصة والثقافي عامة باتت مسألة حيوية بل وحتمية ليكتمل البناء بصورة سليمة وعلى الطريق الصحيح..ولن تكون هناك مشكلة فالازهري عينه وقلبه في الأزهر وعلى الأزهر..
وبالتالي فإن تعاضد وتكامل جهود الأزهر والأوقاف والافتاء والثقافة والإعلام يجني ثمارها الجميع والوطن قبل الأفراد..
**من بديع ما قاله الشاعر بشار بن برد:
مَتى يَبلُغُ البُنيانُ يَوماً تَمامَهُ
إِذا كُنتَ تَبنيهِ وَغَيرُكَ يَهدِمُ
والله المستعان..