- في 6 سبتمبر ولد، وفي 16 سبتمبر رحل، فلماذا أحب الناس فؤاد المهندس؟ وماذا قال لي أمام باب المسرح بالزمالك عام 1984؟.
- هذا المقال الطويل عبارة عن فصل من كتابي (السينما المصرية… 50 عامًا من الفرجة) الصادر عن دار كُتّاب للنشر بدبي 2018).
- ابن الثورتين… مفجر البهجة النظيفة.
- والده زكي بك المهندس أستاذ اللغة العربية والتربية وعلم النفس.
- أعجب بنجيب الريحاني والتصق به ثلاث سنوات ليتعلم كيف يضحك الناس.
- تربى فكريا وفنيا في بساتين ثورة 1919 وتألق في حدائق ثورة يوليو 1952
مَنْ منا لا يحب فؤاد المهندس؟
الجدود والآباء والأبناء كلهم يحبون فؤاد المهندس، فالرجل ظل يفجر الضحك النظيف في قلوب الأجيال المتعاقبة بامتداد نصف قرن، وغدًا تحل ذكرى ميلاده، كما توافينا الذكرى السابعة عشر لرحيله في هذا الشهر أيضا، إذ غاب عن دنيانا في 16 سبتمبر من عام 2006،
فتعال أقص عليك طرفا من سيرة هذا الفنان الفذ، وأشرح لك كيف صار ثاني اثنين من أساتذة الكوميديا في مصر بعد المعلم الأول نجيب الريحاني.
ثورة 1919 والأب المثقف
في 6 سبتمبر 1924 ولد فؤاد المهندس، أي بعد ثورة 1919 بخمسة أعوام فقط، وبعد أربع سنوات من تأسيس أول بنك برأسمال مصري خالص (بنك مصر)،
وبعد صدور أول دستور مصري حديث بسنة واحدة فقط، وبعد عام واحد من إقدام يوسف وهبي على تأسيس مسرح رمسيس الذي يعد أول مسرح مصري يستلهم النظام الأوروبي الحديث في الإدارة والعمل.
في عام 1924 أيضا التقى أمير الشعراء أحمد شوقي بالمطرب الشاب محمد عبد الوهاب للمرة الأولى، فتغير مفهوم الغناء وتطورت الموسيقى العربية،
وقبل ميلاد المهندس بسنة واحدة هبطت أم كلثوم أرض القاهرة للمرة الأولى قادمة من قريتها بمحافظة الدقهلية، فقفزت الأغنية المصرية إلى الأمام قفزات مدهشة من حيث السمو والرفعة والعذوبة.
ولد فؤاد المهندس في العام الذي عرض فيه ثاني فيلم روائي مصري وهو (برسوم يبحث عن وظيفة) الذي لعب بطولته بشارة واكيم، وأنتجه وأخرجه محمد بيومي الذي يعد أول مخرج سينمائي مصري.
وفي العام التالي أصدر الشيخ علي عبد الرازق كتابه المهم (الإسلام وأصول الحكم) الذي يفند فكرة الخلافة ويعارض أطماع الملك فؤاد في أن يصبح (خليفة) للمسلمين،
وفي العام التالي/ 1926 يطلق طه حسين قنبلته التاريخية (في الشعر الجاهلي) التي صوبت قذائفها ضد الذهن الخامل المستكين، وضد الخرافات الشائعة، مطالبا باستخدام العقل عند قراءة تراثنا وتحليله، حتى لا نسقط في مطب التقديس المجاني لهذا التراث.
في هذا المناخ المنفتح فكريا وثقافيا وفنيا ترعرع فؤاد المهندس، فعشق الآداب والفنون، خاصة أن والده هو زكي بك المهندس (1887/ 1976) أحد أعضاء الرعيل الأول الذين أسهموا في إضاءة قناديل النهضة المصرية عقب ثورة 1919،
فقد كان أستاذا للغة العربية وعميدا لكلية دار العلوم وأستاذا للتربية وعلم النفس، وواحدا ممن شجعوا الطلاب على إشعال ثورة 1919، ونائب رئيس المجمع اللغوي، وله كتب ودراسات مهمة في التربية والتعليم.
وأظنك لاحظت كيف كانت الحروف تخرج من فم ابنه فؤاد صافية… واضحة… متألقة مهما كان الدور الذي يؤديه. تذكر أيضا شقيقة فؤاد الكبرى الإذاعية القديرة صفية المهندس وأداءها الناصع في برنامجها الشهير (ربّات البيوت)، لتدرك الدور المهم الذي لعبه الوالد في تنشئة أبنائه.
بصحبة الريحاني
تخرج فؤاد المهندس في كلية التجارة عام 1946، بعد أن مارس التمثيل في المراحل المدرسية المختلفة، ولما التحق بالجامعة ترأس فريق التمثيل وأخرج له عدة مسرحيات، وقد افتتن بعبقري الكوميديا نجيب الريحاني الذي كانت تربطه علاقة طيبة بالإذاعي الرائد محمد محمود شعبان (بابا شارو) زوج صفية المهندس شقيقة فؤاد،
وفي حفل زفافهما حضر الريحاني، فالتصق به فؤاد حتى أصابه بالضجر، ولم يشفع له سوى (بابا شارو) الذي قال للريحاني (إن فؤاد مبهور بك). ولما تخرج فؤاد في الجامعة توجه إلى الريحاني قائلا له بكل صراحة: (أريد أن أتعلم منك يا أستاذ).
وهكذا ظل ملاصقا لأستاذه ثلاث سنوات متصلة حتى رحل الريحاني في 8 يونيو 1949، فبكاه فؤاد كثيرا، وتصدى لتنظيم جنازة مهيبة للراحل العبقري وقاد بنفسه طلاب الجامعة الذين ساروا خلف نعش الريحاني مكللين بالحزن والصمت.
ابن ثورة يوليو
قبل اندلاع ثورة يوليو 1952 بأربعة أشهر فقط طل وجه فؤاد المهندس على شاشة السينما للمرة الأولى، حيث شارك بدور صغير في فيلم (غضب الوالدين) لحسن الإمام الذي عرض في 17 مارس من عام 1952،
وبعد ثلاثة أشهر لاح وجه المهندس في دور صغير في (زمن العجايب) لحسن الإمام أيضا الذي عرض في 23 يونيو، وفي 28 يوليو أي بعد الثورة بخمسة أيام شاهده الجمهور في فيلم (كأس العذاب) لحسن الإمام
وفي هذه الأدوار الثلاثة لم يترك المهندس أثرا واضحا لدى المشاهد، فقد بدا أداؤه نمطيا لا يلفت الانتباه، سواء كان طالبا أو من جلساء البارات، فهو يرتدي بدلة كاملة ورابطة عنق ويضع فوق عينيه نظارة طبية.
لكنه وثب إلى دور البطولة في فيلم (بنت الجيران) لمحمود ذو الفقار والذي عرض في 5 أبريل 1954، وقد كتب اسمه بمفرده على الشاشة بخط الديواني هكذا (مع الوجه الجديد فؤاد المهندس) بعد اسمي شادية وعمر الحريري
واسم الفيلم، رغم أنه لم يكن وجها جديدا بالمعنى الحرفي للكلمة، وقد اختلط أداؤه في هذا الفيلم بأداء من سبقوه من نجوم الكوميديا، حيث لم يكن قد استقل بشخصيته الفنية بعد.
واصل فؤاد حضوره السينمائي طوال عشر سنوات تالية تأرجح خلالها بين الأدوار الثانية والثالثة، فكان صديقا لطيفا مخلصًا للبطل يخفف وطأة الفواجع السينمائية بخفة ظله اللامحدودة، ولنتذكر معا أدواره في أفلام:
(الأرض الطيبة/ 1954) لمحمود ذو الفقار، (أغلى من عينيه/ 1955)، و(عيون سهرانة/ 1956)، و(بين الأطلال/ 1959) لعز الدين ذو الفقار، (عريس مراتي/ 1959) لعباس كامل، (لحن السعادة/ 1960) لحلمي رفلة، (نهر الحب/ 1960) لعز الدين ذو الفقار، (التلميذة/ 1961) لحسن الإمام، (ألمظ وعبد الحامولي/ 1962)، (بقايا عذراء/ 1962) لحسام الدين مصطفى، (الشموع السوداء/ 1962) لعز الدين ذو الفقار، (امرأة في دوامة/ 1962) لمحمود ذو الفقار.
وأيضًا أفلام (موعد في البرج/ 1962) لعز الدين ذو الفقار، (أميرة العرب/ 1963) لنيازي مصطفى، (شفيقة القبطية/ 1963) لحسن الإمام، (عائلة زيزي/ 1963) لفطين عبد الوهاب، (القاهرة في الليل/ 1963) لمحمد سالم، (الساحرة الصغيرة/ العريس يصل غدا 1963) لنيازي مصطفى، (صاحب الجلالة/ 1963) لفطين عبد الوهاب، (ثمن الحب/ 1963) لمحمود ذو الفقار.
أستاذ المسرح
في عام 1964 هجر فؤاد المهندس الأدوار الثانية وقفز فجأة إلى منصة البطولة السينمائية المطلقة عندما أسند إليه المخرج المتفرد فطين عبد الوهاب بطولة فيلم (أنا وهو وهي)، فلماذا؟
وهل كانت هذه البطولة مفاجئة بحق؟ أم أنها بدت نتيجة طبيعية للتطورات الاجتماعية والسياسية التي شهدتها مصر بعد ثورة يوليو من جهة، وبين التغيير الذي طال المزاج العام للمصريين بخصوص علاقتهم بالفنون خاصة السينما والمسرح من جهة أخرى؟
الحق أن فؤاد المهندس الذي نما وترعرع في البساتين الفكرية والفنية التي أنتجتها ثورة 1919، وجد الفرصة سانحة للتألق والحضور مع ثورة يوليو واستقرارها،
ذلك أن نجوم الكوميديا الذين أضحكونا في النصف الأول من القرن العشرين – باستثناء الريحاني – كانوا يعتمدون بشكل أو آخر على (عاهات) جسدية إذا – جاز القول – لإثارة الضحك، فإسماعيل ياسين ذو فم كبير يستثمره في إضحاك الناس، وعبد الفتاح القصري اعترى عينه (حَوَل) يستغله المخرجون في تصويره والسخرية منه لاستدرار الضحك،
وحسن فايق يبالغ في الضحك بالصوت والصورة، وعلي الكسار يتكئ على الأداء اللفظي الذي يقلب الضمائر، فيخاطب المرأة كأنها رجل.
هكذا إذن كان نجوم الكوميديا قبل فؤاد المهندس، فلما أطل على الشاشة، ثم المسرح، في الفترة من منتصف خمسينيات حتى منتصف ستينيات القرن الماضي، كانت قد جرت في نهر الحياة بمصر مياه جديدة أهمها ارتفاع الوعي العام للجموع بعد أن فتحت ثورة يوليو الباب لتعليم ملايين المصريين بالمجان،
فظهرت أجيال مختلفة أكثر وعيا لا تستسيغ الضحك على (العاهات)، وإنما تبحث عن الكوميديا النابعة من تناقضات المواقف، وصدق التعبير، وكان نجمنا المهندس خير من يلبي أشواق الذوق العام الجديد،
فهو يمتلك جسدا طبيعيا، وقسماته متوازنة، لا مبالغة في عضو، أو تضخم في فم أو عطب في عين، وهو ممثل عاشق لفنه ومخلص له.
في عام 1963 أسست فرق التلفزيون المسرحية (10 فرق)، التي قدمت عروضها بأسعار مناسبة، وكانت مسرحية (السكرتير الفني) إحدى هذه العروض، حيث تألق فيها فؤاد بشكل مدهش، أتبعها بعرض (أنا وهو وهي) الذي حقق – ومازال عند عرضه تلفزيونيا – نجاحا مبهرا،
فصال فؤاد وجال على خشبة المسرح وأصبحت (إفيهاته) علامة تتردد مثل (القانون مافيهش زينب)، حتى الوجه الجديد آنذاك الشاب عادل إمام أطلق لازمته المشهورة في هذه المسرحية (بلد بتاعة شهادات صحيح).
من هذا النجاح المدوي لفؤاد على المسرح تجرأ فريد شوقي وأنتج له فيلم (أنا وهو وهي)، ثم توالت بطولاته السينمائية بعد ذلك، وإن كان قد قبل بالقيام بالدور الثاني في بعض الأفلام مثل (حب ومرح وشباب/ 1964) لنجدي حافظ، و(جناب السفير/ 1966) لنيازي مصطفى، (زوجة من باريس/ 1966) لعاطف سالم، و(معبودة الجماهير/ يناير 1967) لحلمي رفلة.
الإذاعة وأفلام الهزيمة
حقق فؤاد وشويكار في الستينيات ثنائيا متألقا على خشبة المسرح، وكلنا يذكر مسرحيات (أنا وهو وسموه)، (حواء الساعة 12)، (حالة حب)، (أنا فين وأنت فين)، وتحفته الخالدة (سيدتي الجميلة/ 1969).
هذا النجاح سرعان ما انتقل إلى الإذاعة المصرية، فكانا يقدمان مسلسلا في شهر رمضان من كل عام، يلقى نجاحا كبيرا يغري المنتجين على تحويله إلى فيلم سينمائي.
ولما وقعت الواقعة في 5 يونيو 1967، انتابت الناس حسرة وسخط وغضب، وهان كل شيء إلا قليلا، ومع الحروب والثورات والهزائم تهون الحياة، وتنحط الفنون إلا ما تيسر.
وهكذا تدفقت على شاشة السينما المصرية أفلام ساذجة في الفترة من 1967 حتى 1973، وكان لفؤاد المهندس نصيب لا بأس به من هذه الأفلام مثل (مطاردة غرامية) لنجدي حافظ،
و(عالم مضحك جدا) لحسام الدين مصطفى، (مراتي مجنونة مجنونة مجنونة) لحلمي حليم، (المليونير المزيف) لحسن الصيفي، (شنبو في المصيدة) لحسام الدين مصطفى، (أرض النفاق) لفطين عبد الوهاب، وكل هذه الأفلام عرضت في سنة 1968.
وفي السنة التالية 1969 واصلت السينما تفاهتها المنطقية في معظم الأفلام فعرض للمهندس مجموعة من الأفلام المسلية لا أكثر ولا أقل مثل (العتبة جزاز) لنيازي مصطفى،
وفي سنة 1970 قدم (عريس بنت الوزير)، و(أنت اللي قتلت بابايا)، و(سفاح النساء) لنيازي مصطفى، و(ربع دستة أشرار) لنجدي حافظ، لكنه لم يقدم شيئا في سنة 1971، ليقتحم الشاشة في 1972 بفيلم (عودة أخطر رجل في العالم) لمحمود فريد، و(عماشة في الأدغال) لمحمد سالم، وقد تراجعت مكانته خطوة في هذا الفيلم لحساب النجم الشعبي المعلم محمد رضا.
شحوب النجم
أظنك تعلم أن أبرز قوانين السينما يتمثل في تجديد شباب نجومها باستمرار، وفؤاد المهندس يبلغ الخمسين في عام 1974، وهكذا شحبت حظوظه السينمائية في السبعينيات، وغدا الجمهور يفتش عن نجوم جدد لا في الكوميديا فحسب، وإنما في المجالات السينمائية كافة، خاصة بعد أن تبدلت الأوضاع السياسية تماما عقب حرب أكتوبر 1973، إثر انقلاب الرئيس السادات على سياسات عبد الناصر، فصار الأعداء أصدقاء، وسمعنا رئيس مصر يقول بفخر (صديقي بيجين/ صديقي كارتر)!
في هذا العام – 1973 – اقتنص المهندس بطولة فيلمين فقط هما (شلة المحتالين) لحلمي رفلة، و(مدرسة المراهقين) لأحمد فؤاد، أما في عام 1974 فلم يظهر فؤاد على شاشة السينما على الإطلاق،
وفي عام 1975 لم يشارك إلا في عمل واحد فقط عندما قنع بالدور الثاني في فيلم (بديعة مصابني) لحسن الإمام حيث تقمص شخصية نجيب الريحاني أمام نادية لطفي وكمال الشناوي.
هذا التراجع أزعج فؤاد لا ريب، وفي خطوة جريئة أقدم على إنتاج فيلم (فيفا زالاطا) عام 1976 ولعب بطولته في محاولة أخيرة لاستعادة أضواء المجد السينمائي الذي بدأ يخفت حوله، مع الظهور المدوي للكوميديانات الجدد عادل إمام وسعيد صالح وسمير غانم ثم محمد صبحي ويونس شلبي.
وفي 1977 لعب آخر بطولاته السينمائية (كان وكان وكان) للمخرج عباس كامل، وهو فيلم لم يحبه كما قال مرة ابنه أحمد فؤاد المهندس.
فؤاد… المطرب الجميل
مع مرور الأيام قلت الأعمال السينمائية لفؤاد المهندس وقبل القيام بالأدوار الثانية، مع عادل إمام في (خللي بالك من جيرانك/ 1979) لمحمد عبد العزيز، و(خمسة باب/ 1983) لنادر جلال، و(زوج تحت الطلب/ 1985) لعادل صادق،
ومع عمر الشريف في (أيوب/ 1984) لهاني لاشين، ومع أحمد زكي في (البيه البواب/ لحسن إبراهيم)، وشارك في الأفلام التلفزيونية بالبطولة أحيانا مثل (أسعد الله مساءك)،
وواصل تقديم برنامجه الإذاعي الشهير (كلمتين وبس) لمدة تزيد عن ربع قرن، وعمل أحيانا في البرنامج الإذاعي الشهير (عيلة مرزوق أفندي) بعد وفاة البطل الممثل القديم فرج النحاس،
وحافظ طوال سنوات طويلة على تقديم (فوازير عمو فؤاد) التي كانت تعرض في شهر رمضان على شاشة التلفزيون المصري. أي أن الرجل ظل حاضرا بقوة في الإذاعة والتلفزيون رغم أنه هجر السينما أو كاد.
لكني أريد أن ألفت انتباهك إلى (المطرب) فؤاد المهندس، فهو صاحب أداء ناصع وجميل وعميق سواء ألقى أغنياته في السينما أو المسرح أو التلفزيون،
ولنتذكر معا أغنيات (رايح أجيب الديب من ديله) في مسرحية (أنا فين وأنت فين)، و(حضرتنا) في مسرحية (أنا وهو وسموه) التي لحنها له عبدالوهاب، و(على حبل غسيل ما يكونش طويل) في مسرحية (حواء الساعة 12)، و(يا سنية) في مسرحية (حالة حب)،
و(صدفة تجربة فنية وشخصية) في مسرحية (سيدتي الجميلة)، و(يا حتة مارون جلاسيه) في مسرحية (هالة حبيبتي)، وفي السينما تذكر (أنا واد خطير) التي لحنها له محمد عبد الوهاب في فيلم (جناب السفير)،
و(مصر هي أمي) لكمال الطويل في فيلم (فيفا زالاطا)، وكذلك مقدمات (فوازير عمو فؤاد)، و(الراجل ده ها يجنني) مع صباح وغيرها.
باختصار شديد فؤاد المهندس فنان بارع… لمع في الأدوار الثانية عشر سنوات، ثم تربع على عرش البطولة عشر سنوات، ثم عاد للأدوار الثانية عشر سنوات أخرى،
وقد استثمر لياقته البدنية العالية وصوته الواضح المعبر وملامحه البسيطة العادية (هو الفنان الوحيد الذي يظهر بالنظارة الطبية في أعماله كلها تقريبًا باستثناء أفلام عيون سهرانة وألمظ وعبده الحامولي وصاحب الجلالة وعودة أخطر رجل في العالم وفيفا زالاطا)
استثمر كل ذلك في تشييد معمار كوميدي حديث، أضحك آباءنا وأسعدنا ومازال يضحك أطفالنا حتى الآن.
ذكرياتي معه
أذكر أنني رأيته مرتين في حياتي… الأولى – وأنا صبي – في مسرح نجيب الريحاني في صيف 1973، حيث اصطحبني شقيقي الأكبر المهندس فكري لمشاهدة مسرحية (جوليو ورومييت) لثلاثي أضواء المسرح،
وقبل العرض جاء فؤاد المهندس فهرع إليه سمير غانم لاستقباله، حيث أجلسه في (لوج) فاقتربت منه وصافحته وأنا أرتجف رهبة وحبا.
أما المرة الثانية فكانت في عام 1984، وكنت في السنة النهائية في كلية الفنون الجميلة بالزمالك، وكان الفنان القدير يعرض أعماله المسرحية في مسرح الزمالك القريب جدا من الكلية،
وفي عصر أحد الأيام فوجئت به يوقف سيارته الـ (BMW) أمام المسرح وغادرها ببدلته الكاملة فصافحته ووقفت معه قليلا وسألته سريعا عن صحته وأعماله الجديدة، فأجابني بأدب شديد وجدية واعتداد بالغ بالنفس.
الأستاذ فؤاد المهندس… شكرا جزيلا لأنك أوهبتنا البهجة النظيفة… صافية… عذبة، ومازلت.