العودة إلى الماضي موضوع تناوله الكثيرون في صور إبداعية متعددة منها بالطبع الأفلام والمسلسلات ولكننا نتحدث اليوم عن مسلسل مصري استثمر “هذه التيمة” ليمزج بينها وبين الحاضر بحرفية واتقان ملحوظين مما يؤدي إلى دفع المشاهد لكي يعمل عقله ويقارن في أي الازمان يريد أن يحيا ويعيش ..
**رغم احتفاظ السينما والمسرح بمساحة معقولة فى حقل الدراما.. إلا أن المسلسلات فى طريقها للتفوق الملحوظ والحصول على مساحات أكبر من المشاهدة وآراء المشاهدين.. بعد تعدد المجالات التى تتناولها.. والابتكار المتواصل فى المعالجة الدرامية وصولاً إلى قضايا وموضوعات تلمس قلب وعقل المشاهد معا.. والتنافس فى السيناريو والحوار والأداء والإخراج.. يدعمها عودة مسلسلات الحلقات العشر أو الخمسة عشر التى مزجت غالبًا بين الإثارة والتشويق ومعالجة شئون شخصية وحالات مجتمعية.. كان يتم الاستعانة بها على الهامش إلى البطولة المطلقة وبالتالى النفاذ إلى قلوب المشاهدين.
**ومسلسل «عمر أفندى» الذى عرض مؤخرًا وحقق نجاحًا ملموسًا يشير إلى انتاج جزءًا ثانيًا عن قريب.. التقط مؤلفه مصطفى حمدى موضوعًا غير مستهلك إلى حد كبير.. فكرته العودة بالزمان إلى الخلف.. ملقيًا الضوء على شريحة متباينة من الأبطال فى زمن مضى.. يتنافسون مع أبطال عصرنا الحالى.. يشتبك الطرفان ومعهما الأحداث منذ بداية المسلسل تقريبًا.. باكتشاف المهندس على فى منزل ابيه عقب وفاته.. أدى به إلى مقابلة رجال ونساء يعيشون فى العام الميلادى (1943) مع قرب انتهاء الحرب العالمية الثانية.. فى حين أن أسرته وأصدقائه يعيشون فى عصرنا الحالى مستخدمًا أمور الحياة بالاختصار المفيد.
**يجد على «أحمد حاتم» نفسه أمام بنسيون فى شارع عماد الدين.. قريبًا من محل عمر أفندى الشهير.. يلتقى بالدياسطى (مصطفى أبوسريع) رجل البريد.. يظنه مقاومًا للاحتلال.. يقترب منه ويستضيفه فى غرفته ليتعرف على أسرة البنسيون الأم الراقصة المعتزلة.. والابنة عزيزة راقصة الجماهير.. التى تخضع لنفوذ البلطجى أباظة (محمد حافظ).. ويندمج الجميع فى أدوارهم.. هواة ومحترفين.. وفى الوقت الذى يهرب فيه على من مشاكله مع حماه.. يتعاطف مع عزيزة.. التى تفتح له قلبها.. يكتشف من الاطلاع على الماضى.. أن والده كان زوجًا للراقصة.. وإن حماه كون ثروته من ورقة سرقها جده عندما كان شابًا.. ومع الفكرة الاساسية التى تنتهى باكتشاف زوجته لوجود عزيزة فى حياته.. وتصدق مسألة السرداب
**حاول المؤلف والمخرج اضافة قصص فرعية تتعلق بالملهى الليلى.. ومنزل الأعمال المنافية للآداب فوق السرداب.. وقصة حب دياسطى مع فتاة الحارة.. ويشغلنا بعض الوقت بسقوط الدياسطى ميتًا برصاص الإنجليز.. والعزاء المقام فى البنسيون ثم يفاجئنا بأن دياسطى يعود بعد أن أنقذه طبيب الفدائيين.
والحق أن تواجد العالمين معا (1943 ــ 2020) قد ارهقا المخرج الشاب عبدالرحمن أبوغزالة.. خاصة فى مشاهد تعرف عمر على أحداث الماضى فى مكتبة اليوم ثم استخدام المعلومات لاستكمال مهمته.. انقاذ الفنان وصديقه الفنان الشاب الذى يساعده على تسويق اللوحات.. والتماثيل.. وكميات الذهب التى احضرها للصائغ شلهوب.. وزواج دياسطى آخر الأمر من عروسة الحى الشعبى والايقاع بالبلطجى أباظة فى حبال الإنجليز.. ولعل من أهم اللقطات ذلك البلطجى الذى دفع به حماه ليؤدب على.. لكنه تمكن منه.. وادخله المستشفى فى الزمن القديم.. ليخرج من المستشفى حائرًا مستغربًا.. حتى يرشده لعالمه القديم.
**عمر أفندى.. تجاوز أى تساؤل لدى المشاهدين وجاء رابطًا طبيعيًا بين الأمس واليوم وباختصار سيطر الحماس على أسرة العمل.. الكل حاول رغم الملاحظات الفرعية عن الديكور والتصوير والملابس.. والسر فى ظهور شخصية عاشق التحف محمد محمود خليل وصاحب المتحف المعروف.. ودخلت العديد فى التفاصيل والأسئلة فى اذهان المشاهدين تجعلهم فى أنتظار الجزء الثانى وكيف تمضى الأمور بشخصيات اليوم والزمن القديم.
صالح إبراهيم