إن من يمتلك القدرة والجرأة والإقدام تجاه سياسة الإصلاح لا شك أنه يمتلك رؤية سديدة تمخضت عن خطط استراتيجية بعيدة المدى، ولديه وعي تام حيال الآثار التي تنتج عن هذا الإصلاح على كافة المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
ونعي أن من يتبنى سياسة الإصلاح يدرك جيدًا أنه يتعرض لمخاطر لا حصر لها، وأنه سيكون محل انتقاد مستدام، وأن هناك من يدبر له المكائد من أصحاب المصالح الضيقة الذي لا يدركون ماهية الأوطان ولا ينظرون إلا للمنفعة في حد ذاتها، وأنه لا يهنأ بحياة طبيعية كما كان قبله؛ حيث سعيه الدؤوب تجاه تحقيق الغايات بعيدة المدى التي تنعكس آثارها الإيجابية على الوطن بأثره.
ونوقن بأن من ينتهج سياسة الإصلاح يضع في حسبانه التفاوتات الاجتماعية حتى لا تضار الطبقات محدودة الدخل جراء الإجراءات التي تتخذ في ضوء مراحل برنامج الإصلاح الاقتصادي؛ حيث تبني فلسفة نظرية العدالة الاجتماعية في إدارة اقتصاديات الدولة بمختلف تنوعاتها؛ إذ يتم إعطاء كل فردٍ ما يستحق، وتوزع الموارد المادية في ضوء معاييرٍ محددةٍ، ويتم العمل على توفير الاحتياجات الأساسية من رعايةٍ صحيةٍ وتعليميةٍ واجتماعيةٍ وغيرها من أنماط الرعاية بصورةٍ متساويةٍ؛ بالإضافة للمساواة في إتاحة الفرص التي تسمح للفرد بأن يصل وفق جهوده إلى ما يستهدفه من غاياتٍ مشروعةٍ على المستويين العام والخاص.
وندرك أن فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي يقف على مسافة واحدة من كل أطياف شعبه؛ إذ يشعر بآلامهم ومعاناتهم وظروفهم الصعبة، ويعمل بكل طاقةٍ وجهدٍ متواصلٍ ودأبٍ مستمرٍ على تحسين ظروف المواطن رغم التحديات الاقتصادية العالمية المتلاحقة؛ فقد أصدر سيادته العديد من القرارات التي تعد في حد ذاتها حزمة الإجراءات الاستثنائية للحماية الاجتماعية.
وهنا نتفهم ماهية أن مصر دولة قوية فتية قادرة على أن تنتقل من المحنة للمنحة، وقادرة على كسر حالة الفزع والخوف من الركود، وقادرة على خلق مزيد من الفرص التي تجعل المواطن إيجابياً كي يستطيع أن ينهض بنفسه وبمن يعول، بل وبوطنه؛ ليحقق التنمية الشاملة المستدامة بمزيدٍ من العطاء، وليحصد على مقربةٍ من الزمن ثمرات صبره ونتاج تحمله.
إن ما يتمخض من آثار عن برامج الإصلاح الاقتصادي استطاعت مصر أن تتجاوزه من خلال ما وجهت إليه القرارات الرئاسية الرشيدة بشأن الحماية الاجتماعية التي تحمي الفئات الأكثر احتياجًا؛ حيث ماهية الحماية تعني الشمول والمشاركة والشراكة والعدل والمساواة ورغبة تحقيق كرامة العيش بعيدًا عن مزايداتٍ وتشدقٍ لا جدوى ولا طائل منهما؛ فمصر القوية غايتها بناء المواطن وفق فلسفة الاندماج الاجتماعي الذي يستوفي حقوقه، ويمتلك المقدرة على العطاء، ويستطيع أن يشارك بصورةٍ حقيقيةٍ في مسارات التنمية الاقتصادية بربوع الوطن.
وفي هذا الإطار نشير بوضوح إلى أن نهضة الدولة المصرية في ملفها الاقتصادي مرهونٌ بالوعي المجتمعي لمشروعات الدولة القومي والاستراتيجية، وبناء على ذلك تُعد المسئولية مشتركة بين المواطن والدولة؛ ويستوجب ذلك أن ننخرط ونشارك جميعًا في العمل لنحقق قاعدة الاستقرار، ونعي جيدًا بأن ما تقوم به مؤسسات الدولة من خلال البرنامج الاقتصادي الإصلاحي يستهدف العمل على تقلل الفجوة بين فئات الشعب، ويُسهم في تمكين المواطن من تحقيق الإنتاجية لينتقل من حالة العوز لحالة الاكتفاء الذاتي.
ورغم الشائعات المغرضة التي تطلقها منابر ممولة والتي تستهدف إحباط المواطن؛ فإننا نؤكد للجميع بأن مصر آمنة ونسيجها قوي وشبكة الأمن الاجتماعي ليس لها نظير؛ فهناك العديد من البرامج والمبادرات التي تحقق ماهية التكافلٍ وتضمن كرامة المواطن كما تؤكد على تضافر وترابط الشعب المصري العظيم.
وعلى المستوى الشخصي بكل ثقة ويقين بأن شعبنا العظيم يقف خلف وطنه ومؤسساته وقيادته، وأن هذا الشعب الواعي يستطيع أن يحول كل محنة يمر بها إلى منحة يحقق من خلالها النهضة، ويرى العالم كله بأسه وثباته ورسوخه وشموخه، وحينما أنظر لمشروعاتنا القومية التي تقوم بها الدولة وما يضاف إليها كل يوم أشعر بانشراح الصدر وأرى أن المستقبل المشرق بات قاب قوسين أو أدنى؛ فها هي الصحراء تحولت بعزيمة الرجال وفكرها إلى مدن ساحرة مبهرة بهندسة تحمل الإبداع.
ستظل مصر قوية وستظل صمام الأمن والأمان وبوابته في المنطقة باسرها، وسيظل جيشها العظيم من أقوى جيوش العالم يدحر العدوان والأرهاب ويحمي مقدرات الوطن الغالي، وسيظل النسيج والترابط المجتمعي بوابة الاستقرار، ورغم كل كاره وحاقد ومتآمر وخائن ستظل بلادنا صامدة وراسخة كالجبال. حفظ الله مصر وشعبها وقيادتها السياسية الرشيدة أبدَ الدهر.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.
أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس
كلية التربية بنين بالقاهرة _ جامعة الأزهر