إن سعي مصر تجاه دخول ساحة التنافسية في مجال الاقتصاد في ظل أسواق باتت مفتوحة وحرة وتتسم بالمعيارية التي تحقق العدالة يعد أمرًا مهمًا في صورة الإنتاجية التي تواجه بها متطلبات واحتياجات الأسواقالعالمية، ومن ثم أضحى العمل على توسعة المشاركة والشراكة ضرورة لا مناص عنها؛ لذا صار الأمل في تحقيق التنمية المستدامة منشودًا على أرض تجمع البريكس.
وفي إطار التنافسية تحتاج مؤسسات الدول التي تشارك في تجمع البريكس أن تكون لديها رؤية واستراتيجية قابلة للتطبيق تجعلها أن تكون في مركز متقدم بالنسبة للعديد من المؤسسات المناظرة أو التي تمارس نفس نشاطها، وهذا يقاس بالميزة التنافسية التي تتقدم بها، ونرصد ذلك بوضوح في قدرتها على استغلال الإمكانيات والموارد الفنية والمادية والمالية والتنظيمية والمعلوماتية بالإضافة إلى القدرات والكفاءات ليتحقق التميز والريادة المشار إليها والقيمة التي يدركها العميل.
وتنافسية الاقتصاد المصري تقوم على التنوع في الإنتاج، وتعتمد على المعرفة المتجددة المرتبطة بالمنهجية العلمية والتقنية كي نضمن تحقيق التنافسية المستهدفة وتعمل على مزيد من معدلات التشغيل وزيادة خلق فرص عمل تناسب أصحاب المهارات المتقدمة، وهنا نتوقع أن بيئة العمل تكون أكثر ملائمة وتأخذ في اعتبارها عوامل التنمية الاقتصادية ودعائم البعدين البيئي والاجتماعي حتى لا تحدث الفجوة التي قد تضير بأي مجال من المجالات الأساسية بالمجتمع.
وتستوعب الدولة المنخرطة في مجموعة البريكس أهمية التنمية الاقتصادية التي تقوم على توظيف المعرفة والتي تعد من العوامل الرئيسة الضامنة لتنافسية الاقتصاد في قطاعاته المختلفة، وهذا يستند على مسلمة رئيسة مؤداها أن تمكن الفرد من الابتكار وتوليد أفكار جديدة وسعيه للرقي بمهاراته غاية تقوم عليها فلسفة التنافسية، كما يُعد المورد البشري الدعامة الرئيسة التي تعتمد عليها تقنية المعلومات من أجل توظيفيها في تحقيق غايات المؤسسة الاقتصادية.
وتؤمن دول تجمع البريكس بأهمية البحث العلمي ودوره في تطوير وتنمية المجال الاقتصادي، وهذا يؤكد أن الإنفاق في المجال البحثي لم يعد من قبيل الترف؛ ولعل من أهم بواعثه أن يسهم في تحويل الابتكارات لمنتجات ملموسة، والاهتمام بالتدريب الممنهج والمستمر للعنصر البشري، والمقدرة على توظيف شبكة المعلومات الدولية في الإدارة الاحترافية للعمليات الاقتصادية، ويصل إلى تحقيق الميزة التنافسية فيما يقدمه من منتجات أو خدمات.
وبما لا يدع مجالًا للشك نجد أن تنافسية الاقتصاد المصري جعلت الدولة تهتم بكافة التشريعات التي تحمي الملكية الفكرية، وتعمل بقوة على تحرير التجارة لزيادة الصادرات، وتتوسع في خطة استراتيجية واضحة المراحل في إنشاء المراكز البحثية التقنية التي تساعد في تحسين الإنتاج وصبغه بالميزة التنافسية؛ بالإضافة إلى تقديم صور الدعم اللوجستي للمؤسسات البحثية والتعليمية، وبخاصة التقنية منها.
وفي خضم تنافسية الاقتصاد المصري حرصت الدولة على تجديد البنية التحتية الأساسية والتقنية في كل مؤسسات الدولة؛ إذ يُعد هذا الأمر مهمًا يقوم عليه تقدم الاقتصاد، ويساعد على جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية المباشرة؛ حيث ندرك جليًا بأنه يصعب أن تدار المشروعات الاقتصادية بتنوعاتها بعيدًا عن البنية الأساسية التي تعمل على تحويل البيانات إلى معلومات تسهم في عملية الإنتاج.
والاهتمام بالتطور والتقدم التقني من قبل الدولة المصرية ينبثق من قناعة بأن تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات تؤدي دورًا رئيسًا في تدعيم الاقتصاد وخاصة اقتصاد المعرفة، ويسهم في تسريع وتيرة الابتكار، بالإضافة إلى سرعة وتخفيض تكلفة نقل المعارف داخل القطر المصري من جهة وبين الدولة والعالم الخارجي من جهة أخرى، وما يحدث من نقلة نوعية بالجمهورية الجديدة يؤكد مدى التقدم الملموس نحو الاقتصاد بصورة عامة واقتصاد المعرفة بشكل خاص.
ولعل من دواعي الفخر انضمام مصر إلى تجمع البريكس، ونثق في تنافسية الاقتصاد المصري؛ فقد سبق ذلك تشجع القيادة السياسية الواعية على تدعيم مقومات الاقتصاد وخاصة القائم على المعرفة لدى أبناء المجتمع المصري؛ فكان هناك اهتمام واضح بإنشاء الكليات والمدارس التقنية التي تساهم في إعداد أجيال تلو أخرى تمتلك المهارات التقنية في عمليات الإنتاج؛ لنضمن حدوث طفرة في التطوير التقني، بما يساعد في زيادة معدلات الإنتاج وفق الميزة التنافسية التي تقدمه بها.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.
أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس
كلية التربية بنين بالقاهرة _ جامعة الأزهر