كنتُ أتمنى أن أرى حياة سياسية مفعمة بالنشاط والحيوية، وسباقًا بين الأحزاب من أجل طرح وتنفيذ الأفضل، وأن نخرج من التقسيم البغيض والضار الذى يجعلنا نعتقد أن دور الحزب الحاكم هو احتكار الحقيقة، والانفراد بكل شيء، ليكون محل إشادة من إعلامه، بينما يتركز دور أحزاب المعارضة على تشويه كل ما يصدر عن الحزب الحاكم وحكومته من أفكار ومشروعات.
إنها دائرة مغلقة لا يمكن أن نعرف أولها من آخرها. ندخل بسببها فى أزمات، ونخسر طاقات وجهودًا، لو وظفناها فى عمل إيجابى لأحدثنا نقلة كبيرة على مستوى الوعى والفاعلية، وتحسين الخدمات، وزيادة الإنتاج، والتنافس على الارتقاء بالعمل السياسى من خلال طرح أفكار تفيد المجتمع.
أنا لا أتهم فريقًا بعينه، ولا أريد أن يتحمل حزب حاكم أو معارض مسئولية هذا النوع من الممارسات وحده؛ فكلنا يعلم أن هذا السلوك قديم جدًا، ويسبق ظهور التجربة الحزبية التالية لثورة 23 يوليو. كانت تلك الممارسات موجودة ومتجذرة فى الأحزاب المصرية منذ نشأتها، وهو ما يستدعى دراسة معمقة لأسباب تفشى هذا النوع من الممارسات الحزبية فى مجتمعاتنا، الذى لا نراه فى العديد من الأحزاب الأجنبية.
تلك الأحزاب تمارس السياسة بشكل مختلف، سواء بالتعاون أو التحالف أو التنافس، لكنها تحافظ على عدد من الثوابت، أهمها الأمن القومي، الذى لا يخص حزبًا بعينه، ولا فئة، أو طائفة، أو عرقًا، وإنما يخص الدولة بمفهومها الشامل: مواطنيها، ومؤسساتها، وأرضها، وثرواتها. علينا أن ندرك كيف نحافظ على أمننا القومي، خاصة فى ظل ما يحيط بنا من مخاطر وتحديات.
هل يمكن إعادة تقييم وتقويم ممارساتنا السياسية؟
أعتقد أن الوقت مناسب لإعادة النظر فى تجربتنا الحزبية والسياسية عمومًا، وأن نسعى من خلال التقييم والتقويم إلى التوصل إلى أعراف وتقاليد، ولا أقول قوانين وعقوبات، يمكن أن تكون معيارًا لسلوكنا، لنبدأ ممارسة سياسية إيجابية.
وجدت أن حزب «الوعي» يطرح ضرورة البدء فى ممارسة سياسية من نوع جديد، تتجاوز السلبيات الشائعة، وتقدم نموذجًا يُحتذي. ويعتزم الحزب أن تكون قضية «الوعي» الركيزة الأساسية لتحركاته وفعالياته، فالوعى هو المحرك الأساسى للسلوك، ودون وعى يصبح السلوك متخبطًا، ولا يستند إلى حقائق.
هذه البداية أتمنى أن تشجع على انخراط جميع الأحزاب فى تجنب الأساليب الضارة بالجميع، لنبدأ صفحة جديدة أكثر جدوي، تشجع على الاهتمام بقضايا الوطن. هذا العنوان شجعنى على خوض التجربة معهم، لأنى وجدت أنها تستحق، بما ترسخه من تجرد عن المصالح الضيقة، وانطلاق نحو رحابة المصلحة الوطنية.