صباح الامل ايها القارئ. لا تترك نبتة الامل تذبل علي شواطئك وتسبح في بحار اليأس حيث المياه عميقة و سحيقة؛ إن تستسلم لها وتتمادي دون الرجوع أضحيت غريقا، فلا تتردد. مد يدك للناصحين العقلاء واستعن بالله فلن يخذلك ابدا ما دمت تتحلي بالصبر الجميل.
وصباح السكينة يا أهل المودة والقناعة يا من غزلتم اثواب الحب الرائعة من بيوت جدرانها المشاعر الفياضة واثاثها ألوان من الإيثار والتضحية وأسقفها البرحة العلياء من العطاء.
يحيط بيوتكم عبير طيب يجذب المحيطين بكم فيتمنون ان يكون لهم مثل هذه البيوت التي لا يقدر علي ثمنها الا اهل الاخلاص والوفاء الذين لا ينقطع عنهم ابدا تيار المشاعر الفياضة والحماية الإلهية التي يحسدهم عليها من باعوا الوفاء بثمن بخس وانغمسوا في المشاعر الزائفة الوقتية وخطف نظرهم الاعمي بريق كاذب فباعوا الغالي بالرخيص.
فمن امتلك امرأة واحدة امتلك نساء العالم ومن امتلك نساء العالم لم يمتلك امرأة واحدة. اسأل الله للجميع الرؤية الواضحة للحق والتقوى.
في جلسة الصديقات همست احداهن في اذني تشتكي ابنتها الشابة الجميلة من ترددها في اختيار شريك الحياة وترفض المرة تلو الأخرى، وهي تخشي عليها من ضياع العمر وطلبت مني ان اسامرها واعرف اسباب رفضها وما يدور في خلدها.
وبالفعل اقبلت علينا في جلستنا بطلتنا المشرقة، وعرفتها من ملامحها، فقد كانت صديقتي تصطحبها معها منذ اعوام. كانت بصحبة بعض صديقاتها كلهن في عمر الزهور، وكانت فرصتي لاتطرق الي موضوع اختيار الشريك، فسألتها في سياق الموضوع : رفضتِ الكثيرين؛ أتنتظرين شخصا بعينه؟
أدهشها سؤالي فاعتدلت في جلستها كأنما تستعد لإلقاء محاضرة، وأجابت إجابة ليست تقليدية شدتني.. شوقتني ان اتابع كيف تفكر فتيات الجيل الواعي. قالت ابحث عن ابني القادم، ارتب له من الصفات والسلوك والطباع ما يساعده علي ان يكون ما اتمني ثم ألزم الدعاء ان ينبته الله نباتا حسنا.
سألتها بدهشة: كيف تبحثين عن صفات ابنك قبل ان ترتبطي اصلا؟. ابتسمت في عذوبة قائلة: أحسن اختيار الشريك وحين أجده اقترب منه أكلمه أحاوره أغوص في أعماقه كي أعرف كيف يفكر، كيف يتكلم، كيف يتعامل؛ ما هدفه الحياتي في الدنيا وكيف علاقته بمن خلقه، وأعرف أولوياته و صلة رحمه وأشياء كثيرة استنير بها لأصل إلى النور الذي يشرق بحياتي ويعينني علي اخرتي حين يأخذ كلا منا بيد الاخر لنصل لبر الأمان.
بهرتني كلماتها القليلة بليغة الأثر. لم يشغل بالها الشبكة والفستان. كان كل ما يشغلها الابن الصالح الجوهرة الثمينة التي تفني نفسها في نشأتها ثم تترك الزرعة تشفع لها.
وخرجت إحداهن عن صمتها بعد أن ترقرقت الدموع في عينيها، وقالت: كنت أحلم بشريك يقاسمني المشاعر، يخفف عني أوجاع الحياة و يحتويني، بسمتي تكون من خلاله وبسمته أكون أنا منبعها، والسكينة والمودة والرحمة زادنا وانفاسنا؛ إذا غاب انتظر الاطمئنان بعودته، احتويه باهتمامي، طريقنا يكون الفردوس الأعلى، ولكن استيقظت من الحلم علي خياناته المتكرره. يمكن أن تصفيه بفراغة العين، يعاني من الملل دوما ولا يصل لحالة الاستقرار ابدا. ربما لبعده عن الله لم يراع الحرمات. ينساق لاهوائه بشكل مقزز، فحرم نفسه من النعم التي بين يديه. وحقيقي من ملك امرأة واحدة ملك نساء العالم، ومن ملك نساء العالم لم يملك امرأة واحدة.
وقالت اخري إن حفاوة استقبالها لزوجها يجعله يلقي بكل مشاعره الإيجابية في أرضه الخصبة فيزيد محصولهم الاخضر وتتألق الثمار مؤكدين أن الهموم لا تأتي معنا من يوم مولدنا، ولا تلازمنا بعد موتنا، وانها عرض زائل لا يجب ان نلتفت اليه كثيرا، فيموت في مهده او ينتهي في فترة زمنية يقدرها الله، فلا يجب أن تستهلكنا وتكدر صفونا بعدم الرضا.
وسمعت كثيرا من الروايات لأخرج منها جميعا بأن حسن الاختيار لشريك الحياة اعظم شئ… سكينة واستقرار وراحة بال، وذرية تنعم بالسلام النفسي. فيا ابنتي الحبيبة المقبلة علي الارتباط اعطِ لنفسك القدر الكافي من التعرف علي الطرف الآخر؛ لايشغلك الفستان الابيض والحفلة، ولا يمنعك حياؤك من دراسة الشخص الذي سيكون شريكاً لك في الحياة وسيكون ابا لأولادك. اجلسي وتحدثي وتعرفي علي مكنون هذا الذي ستمشين معه الطريق لآخرة لتنعمي معه برحلة الحياة.
تأكدي من علاقته بالله، من خلقه، من إخلاصه، من رجاحة تفكيره ، من تحمله لمسئولية بيته، وتأكدي من سلامه النفسي. كل هذه الأشياء معطيات تنفي او تثبت نجاح حياتك المستقبلية.