ثمانية وستون عاما من الجدل بين من يقيم ثورة يوليو ١٩٥٢ على أنها مجموعة من المساوئ وألاخطاء القاتلة فقط ادت فى النهايه إلى نكسة يونيو؛ وبين من ينظر إليها نظرة دوجماتية خالية من العيوب والأخطاء أو يعتبر أخطاءها أشياء طبيعية لا يمكن تجنبها فى ذلك الوقت فمن وجهة نظرهم ان قوى الشر كانت متربصة متحفزة تحاول القضاء على الثورة منذ قيامها بكل وسيلة ممكنة. بين الفريقين المتناحرين طويلًا وفى الوسط دائمًا توجد الحقيقة، فأفعال البشر لا تُقاس بمقاييس الأنبياء ولكن يظل الرهان هو اى كفة ستعلو عن الأخرى فى ميزان الحسنات والسيئات. بعد ٦٦ عاما ممكن ان نتساءل؛ هل كانت الثورة او تلك الحركة العسكرية ضرورية حقًا؟؟ اعتقد ان الاجابة ستكون نعم وبكل تأكيد لأن الفساد السياسى والظلم الإجتماعى قبل الثورة كانا يفوقان الوصف ولنستمع بإنصاف إلى شهادات أهلنا فى ريف مصر الذين عاصروا الثورة او استمعوا إلى آبائهم وهم يتحدثون عن الذل والفقر والمرض االذى ساد بينهم فى عصر الأقطاع وقت أن كانت الأرض الزراعية ومصدر الثروة الأول فى البلاد مقصورة على عدد قليل جدًا من سكان مصر الذى استعبدوا الباقيين وإمتهنوا آدميتهم فى معادله ما كانت لتستمر أبدًا مهما طال الزمان.
تاريخ طويل من رحلة البحث عن المنقذ وسط صراعات العرب والصهاينة والبحث عن الهوية فى أعقاب الأستقلال عن الاحتلال الانجليزى ليأتى جمال عبد الناصر ورفاقه ليجسدون هذا الحلم حتى وان كانوا غير مؤهلين له بحكم السن وقلة الخبرة وقتها إلا أن التوقيت والمناخ العام كان مشتاقًا لهذا البطل الرمز الذى سيأخذ بيد الجميع نحو الحرية والأستقلال والكرامة وهو ما شكل ضغطًا نفسيًا هائلًا على الرجل ومن حوله فكانت الأنجازات وكانت ايضًا السقطات والعثرات ولكن فى النهاية سيظل يوليو ١٩٥٢حدثًا مؤثرًا وفارقًا فى تاريخ الأمة العربية ولنتوقف الأن عن الجدل ونكتفى بالذكرى فقد طال الأمد ولم يعد لدينا ما نتشاجر بسببه حقًا …