أن الدعم الحكومي، الذي تقدمه الدول للشركات الناشئة القوية، التي تتسم بمعدل استنفاد عالٍ، سيساعدها على العودة إلى مستويات ما قبل الأزمة، بمجرد انحسار جائحة كوفيد 19، وسيسهم في حماية البيئة الابتكارية، وقطاع ريادة الأعمال، من الأضرار الدائمة، التي قد تؤدي إلى حدوث انكماش اقتصادي على المدى الطويل.
وبفضل انخفاض معدل التضخم وأن الاقتصاد في طريقه إلى الانتعاش، يكتسب المزيد من الناس الثقة في إنشاء مشاريع أعمالهم الخاصة. “لقد شهدنا الكثير من التغيير في بيئة ريادة الأعمال في مصر خلال العامين الماضيين.
بعدد سكان يبلغ أكثر من 100 مليون نسمة، فإن السوق المصري لديه القدرة على أن يكون واحداً من أكثر الأسواق ربحية جاذباً انتباه المستثمرين وليس فقط الشركات الناشئة من المنطقة الأوسع.
ولكن على الرغم من الابتكار والحماس، لا يزال هناك الكثير من التحديات التي تعيق نمو الشركات الناشئة في مصر حيث ينتهي المطاف للعديد منها بالفشل، فقد تم تسجيل أعلى معدل في عدم استمرار مشاريع الأعمال من بين 49 دولة تمت دراستها في تقرير GEM بمعدل 10.2 % في عام 2017 وهو ارتفاع كبير مقارنة بالعام 2010 حيث بلغت النسبة 2.7 %. “إن أحد أكبر أسباب فشل الشركات الناشئة هو الخبرة،” وفقاً لعادل الذي أسس شركة ناشئة عندما كان لا يزال طالبًا جامعيًا
وكان عليه إغلاقها بعد ذلك بعام واحد. “يمكنك أن تتعلم كيف تكون ريادياً ولكن لا تفتح مشروعك الخاص بك، لأنه يمكنك أن تكون ريادياً وانت تعمل في مؤسسة ما بل ويمكنك ان تعمل في شركة ناشئة لتتعلم المزيد. أنا لا أشجع الطلاب على تأسيس مشاريعهم الخاصة بهم دون خبرة. يجب ان تحصل على بعض الخبرة ضمن فريقك إذا كانت لديك فكرة جيدة وتعتقد أنها ستغير السوق.”
فهو نمو ليس عشوائيا لا يرتبط فى الأساس ببناء دولة كادت أن تعصف بها الأطماع فى المنطقة وتقسمها مشروعات قديمة للقضاء عليها وعلى جيشها الوطنى، فكانت البداية هى استعادة الدولة أولا من مشروع الخيانة الإخوانى ثم استعادة وضعها الإقليمى والدولى وهو ما تحقق فى أقل من عامين.
ثم يمكننا بعد ذلك أن نعدد الأسباب:
أولها الاستقرار السياسى والأمنى والاجتماعى التى حققته مصر عقب تولى الرئيس السيسى الحكم رغم حرب الإرهاب التى قادتها أنظمة ودول وأجهزة مخابرات لهدم وتقويض استقرار الدولة المصرية، وتكاتف الشعب والتف حول قيادته وحدثت حالة الاصطفاف الوطنى فى المواجهة، وفى أقل من عامين أشاد العالم بحالة الاستقرار الأمنى فى مصر رغم ما كان يجرى من حادثة هنا أو هناك.
ثانيا رؤية القيادة المصرية لتقوية وتحديث وتجهيز القدرة القتالية لقواتنا المسلحة الباسلة، إيمانا منها بأن الإنجاز والنمو الاقتصادي لا بد أن تحميه قوة قادرة وجاهزة للدفاع عنه، وفى ظل تساؤلات وتشكيك وظنون حول جدوى التسليح جاء الرد سريعا بعد اتفاق مصر مع قبرص واليونان على تقسيم الحدود البحرية،
وبدء الاكتتشافات الضخمة للغاز فى البحر المتوسط فى حقل ظهر وباقي مناطق الاكتشافات، وأصبح الجيش المصرى الآن فى المرتبة التاسعة بين جيوش العالم، وهى رسالة استراتيجية غاية فى الأهمية للقاصى والدانى.
ثالثا: إطلاق خطة اقتصادية طويلة الأجل وإعلان برنامج مصري خالص للإصلاح الاقتصادي ومصارحة القيادة للشعب بضرورة هذا الإصلاح وبضرورة التضحية من أجله، وبدأ تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والمالية وسط تفهم واستيعاب وتحمل وصبر شعبي جدير بالدراسة. أضف إلى ذلك اندفاع العديد من رواد الأعمال بطريقة غير مخططة للدخول مباشرة إلى السوق كأصحاب أعمال، بدون خبرة كافية إما للرغبة في خوض التجربة سريعاً، أو عدم تمكنهم من الدخول إلى الشركات الكبيرة في مجال عملهم وأخذ الخبرة الكافية لكيفية إدارة وتأسيس مشروع يحقق النجاح على المدى البعيد.
ويسهم تشجيع ريادة الأعمال في زيادة معدلات النمو الاقتصادي وتحقيق أهداف التنمية وخلق فرص العمل في القارة الأفريقية، مما يستدعى ضرورة أن يتم تشجيع ريادة الأعمال في أفريقيا بأيدي أفريقية،
إن عادة ما يرتبط مصطلح ريادة الاعمال بالدور الذى تستهدفه الدولة فى خططها الاستراتيجية، إذ ترتبط بإنشاء مشروعات جديدة ذات أفكار مختلفة تعتمد على الابتكار والابداع، وإيجاد حلول مبتكرة لمشكلات قائمة فى السوق سواء من خلال تقديم منتج جديد أو معالجة أوجه قصور فى منتج قائم، لان ريادة الاعمال فى مصر تطورت بشكل ملحوظ خلال السنوات الثلاث الاخيرة، إذ تحسن ترتيب مصر فى تقرير التنافسية فى العالم العربى.
لا شك أنّ الحماس في ما يتعلق بالشركات الناشئة وإمكانية التوسع السريع في الأعمال التجارية القائمة على التكنولوجيا تشكل إحدى العوامل الإيجابية التي برزت في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا طوال العقد الماضي، حيث ازداد عدد المبيعات الناجحة للشركات بشكل ملحوظ خلال السنتين الماضيتين.
غير أنّه بحسب المؤسس المشارك لمنظمة Enpact الإرشادية في برلين سيباستيان روباتشر، إنّ التحديات الكبيرة لا تزال قائمة، لا سيما نقص التمويل وصغر حجم الأسواق المحلية في العديد من البلدان ما يجعل النمو صعبا لغاية. تملك Enpact أداة لقياس وتحليل النظم الإيكولوجية للشركات الناشئة في المناطق الحضرية: ففي دول الجوار الشريكة التي تغطيها الشركة، تحتل تونس وعمّان وبيروت المراتب الأولى.
كما أنه ثمة أسئلة مهمة يتعين طرحها في ما يخص الشركات الناشئة وشملها لمختلف الأشخاص. على سبيل المثال، أظهرت دراسة حديثة أجرتها EMNES حول الشركات المصرية الناشئة ميلا واضحا لصالح الرجال بين مؤسسين الشركات الناشئة والعاملين فيها.
في الوقت نفسه، حوالي 70% من الشركات الناشئة موجودة في القاهرة وضواحيها التي تضم حوالي 25% من اجمالي سكان مصر، ما يشير إلى أنّه ثمة حاجة ملحة إلى توفير الفرص خارج المدن الرئيسية بالإضافة إلى تعزيز إدماج العنصر النسائي في سوق العمل في هذه الدول.
أنّ معظم مؤسسي الشركات الناشئة يأتون من خلفيات أكثر امتيازا، إذ يكونوا قادرين على الاعتماد على مدخراتهم الشخصية أو على الدعم العائلي لتمويل شركاتهم. يدعو الأخير إلى المزيد من التركيز على النشاطات التي تدعم الأشخاص من مختلف الخلفيات الاجتماعية والاقتصادية ويشير إلى أنه “تمّ تأسيس المنح لمؤسسين في مصر، إذ ندفع للمؤسس 500 يورو شهريا للتركيز على تطوير فكرته. بذلك، نكون شملنا الأشخاص الذين يواجهون صعوبات في تأسيس أعمالهم لأسباب مختلفة منها عدم توفر الدعم العائلي”.
يمكن لمنظمات المجتمع المدني أيضا أن تلعب دورا مهما في العمل على تحسين البيئة التمكينية ومعالجة القضايا المتعلقة بالحوكمة الرشيدة وسيادة القانون والعدالة وحقوق الإنسان. تتمثل إحدى هذه القضايا التي تمس معظم اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا في دور المرأة. فعادة ما يكون تمثيل المرأة في القوى العاملة منتقصا في العديد من هذه الدول التي تحدّ بعضها من حقوق المرأة من خلال قوانين تقييدية غير عادلة تضرب مفهوم المساواة بين المرأة والرجل.
أن مجموعات المجتمع المدني في المنقطة قد حققت بعض النتائج الإيجابية في مجال تعميم مراعاة المنظور الجنساني: “بشكل عام، تتحسّن قوانين حماية المرأة في المنطقة ببطء لكنها تتحرك بالاتجاه الصحيح”. غير أنّه عندما يتعلق الأمر بمشاركة المرأة في الناشاطات السياسية والأعمال، بما في ذلك تمثيلها في مجالس إدارة الشركات، فما زالت النساء بعيدات كلّ البعد عن تحقيق المساواة، وذلك في معظم أنحاء المنطقة.
دكتور القانون العام ومحكم دولي معتمد
وعضو المجلس الأعلى لحقوق الانسان