يا عزيزي..
الأماكن لا تشترى..
إن لم يهبك أحدهم قلبه مكانا تسكنه بعد طول المسافات ووعثاء السفر..
حتى دون طلب..
فارحل في هدوء..
وقد سريت إليه وعرجت..
وقطعت ما قطعت من الفلوات..
يلفحك حر الهجير مرة..
ويتناوب عليك قرٌ وزمهريرٌ مرات ومرات..
واعلم..
أنك لو أنفقت ما في الأرض جميعا..
لن تنال منه قيد أنملة ود..
ولن يفرد لك من روحه بساطا كما ظننت..
إنما كان إثم الظن في قاع خيالك يرقد..
وغذاه حسن طوية هي للسفاهة أقرب..
وما ظنك بمن يغدق بالعطاء على شحيح؟!..
كلما زدته زادك شحا..
وضن بمثقال حبة خردل من حب..
عزيزة هي..
تلك النفوس التي تأبى أن تظل على قيد المحتمل..
إن لم ترضَ بي اليوم وكلك إليَّ يسعى..
فلا تنتظرن في الغد أن أهبك قدر أصبع..
مما يعد..
أو حتى..
ما لا يعد..
وأنا الذي غرست لك في أطراف كفيَّ بيادر الأحلام..
حتى نمت وترعرعت وأنبتت سنابل كثيرة لا تحصى..
أطعمتكها عن غير جوع ولا عوز..
فمن علمك يوما أن تجتز عنق سنابلي قبل أن تصل سن الفطام..
ومن أخبرك أن فاجعة الفطام تقل بحال عن فاجعة الفراق..
بل ربما تزيد يا سيدي..
فمنذ أن وجدت في أعماقي..
ما كنت أظن يوما أن تنتزعك مني بكل هذه القسوة..
وتترك خلفك كل هذا الظلام..
عليك الله فيما أخذت دون جهد أو عناء..
ولي بقايا أمنيات ممزقة..
سألملمها وأرحل بعيدا..
كورقة شجر..
عصفت بها ريح الخريف..
وبقية روح يضمها تابوت الخذلان..
في رحلة إلى برزخ..
لا أظنه بحال من الأحوال أرق من قلبك..
يا حضرة الرحيم..
جفت الصحف..
ورفعت الأقلام..
بقلمي العابث..