وزير الأوقاف في خطبة الجمعة من مسجد "سيدي عبدالرحيم القنائي" بمحافظة قنا بعنوان : "رحلة الإسراء ومكانة الحبيب (صلى الله عليه وسلم) فيها"
وتتجلى فيها قدرة الله (عز وجل) المطلقة
وكشفت عن مكانة الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وسلم) عند ربه
و يؤكد: أهل قنا سطروا ملحمة وطنية يفخر بها كل مصري سنة ١٧٩٩ م
وانتصروا على الغاشم المحتل بإيمانهم بالله وإيمانهم بوطنهم
لم يكونوا أكثر عتادا ولا سلاحا إنما كانوا أوفر إيمانا بالله وولاء للوطن
كتب – عادل يحيى
في إطار دور وزارة الأوقاف التنويري والتثقيفي ، ومحاربة الأفكار المتطرفة ، وغرس القيم الإيمانية والوطنية الصحيحة ، ألقى معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف اليوم الجمعة 5/ 3/ 2021 م خطبة الجمعة بمسجد “سيدي عبدالرحيم القنائي”، بمحافظة قنا ، تحت عنوان:”رحلة الإسراء ومكانة الحبيب (صلى الله عليه وسلم) فيها” ، بحضور معالي اللواء أ.ح/ أشرف غريب الداودي محافظ قنا , والدكتور/ حازم عمر نائب المحافظ , والنائب/ أسامة الهواري عضو مجلس الشيوخ ، والنائب / محمود بكري عضو مجلس الشيوخ ، والنائب / مصطفى محمود عضو مجلس النواب ، والنائب / محمد عبد الماجد عضو مجلس الشيوخ ، والنائب/ خالد أبو نحول عضو مجلس النواب ، والنائب/ محمد أحمد الجبلاوي عضو مجلس النواب ، والنائب/ فتحي قنديل عضو مجلس النواب ، والنائب/ محمد كامل موسى عضو مجلس الشيوخ ، والشيخ / جابر طايع يوسف رئيس القطاع الديني ، والشيخ/ محمد الطراوي مدير مديرية أوقاف قنا ، والشيخ/ عاصم قبيصي مدير مديرية أوقاف أسيوط ، والدكتور/ ماهر علي جبر وكيل مديرية أوقاف قنا, وعدد من القيادات التنفيذية والدعوية والشعبية بالمحافظة , مع مراعاة الإجراءات الوقائية والاحترازية اللازمة والتباعد الاجتماعي .
وفي بداية خطبته أكد معاليه أننا بصدد الحديث عن أعظم رحلة في تاريخ البشرية هي رحلة الإسراء والمعراج من مكة إلى بيت المقدس ومنه إلى السموات العلى ، وأن الدرس الأول من رحلة الإسراء والمعراج هو بيان مدى القدرة المطلقة لله (عز وجل) ، فهو خالق الأسباب والمسببات أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ، وما هو عجيب عند الناس فليس عجيبًا عند الله ، حيث يقول الحق سبحانه وتعالى : “سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى” ، وكلمة (سبحان الله) كلمة تنزيه ، وفيها هنا معنى الطلب أي سبح وعظم وقدس واخشع مليًّا أمام قدرة الخالق (عز وجل) فهو القادر ، خلق السماوات بغير عمد ترونها ليل نهار دون أعمدة ، قال تعالى: “خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ” ، وقال تعالى : “أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ” ، فإياك أن تظن أنك أنت الزارع الحقيقي ، فقط أنت تحرث وتبذر وتسقي أما الزارع الحقيقي والمنبت الحقيقي فهو الله سبحانه ، ثم انتقل سبحانه وتعالى إلى بيان آية أخرى فقال سبحانه : “أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ” ، فلو شاء سبحانه لجعله مالحًا لايُطاق ، بل خلق الله الماء العذب والماء المالح ، قال تعالى : “مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ” ، بأمر من أمره إذا أراد شيئًا أن يقول للشيء كن فيكون ، ثم ينبهنا رب العزة سبحانه فيقول : “قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ” ، وهي المياه الجوفية فى طبقات الأرض ، فيخبرنا سبحانه أنه هو الذي خلق هذا الماء وقربه إلينا ، مَن غير الله يأتيكم بهذا الماء إذا غار في الأرض؟ ، فلا بد أن نقف خاشعين أمام قدرة الله (عز وجل) منزهين الله سبحانه وتعالى عما لا يليق به ، فَمَن غير الله يُنبت الزرع ، ويُنزل الماء ، وهو الذي أسرى بعبده من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، فالإسراء والمعراج أمر يسير على الله لكنه عجيب في دنيا الناس ، ثم قال سبحانه : “بعبده” لم يقل بنبيه ولا برسوله فمقام العبودية أعلى المقامات ، وإضافة العبودية لضمير الجلالة هي إضافة تشريف وتعظيم ، وعندما قال المشركون : “وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا” ، جاء الرد الإلهي حاسمًا : “تَبَارَكَ الَّذِي إِن شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِّن ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَل لَّكَ قُصُورًا” ، فهذا مقام الحبيب (صلى الله عليه وسلم) عند من قال له : “وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا” وجاءت هذه الرحلة تسرية عن سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وبيانًا لمكانته ومنزلته عند ربه.
مؤكدًا معاليه أن رحلة الإسراء والمعراج كانت كاشفة فيما كشفته عن مكانة الحبيب (صلى الله عليه وسلم) عند ربه فعندما وصل مع الأمين جبريل (عليه السلام) إلى مكان معلوم ، وقال (صلى الله عليه وسلم) تقدَّم يا أخي يا جبريل ، قال جبريل (عليه السلام) بل تقدم أنت يا محمد فما منا إلا له مقام معلوم ، وهنا يقول شوقي:
أسرى بك الله ليلاً إذ ملائكه * والرسل في المسجد الأقصى على قدم
صلى وراءك منهم كلّ ذي خطرٍ * ومن يفز بحبيب الله يأتمم
حتّى بلغت سماءً لا يطار لها * على جناح ولا يسعى على قدم
وقيل كلّ نبيّ عند رتبته * ويا محمّد هذا العرش فاستلم
محمّد صفوة الباري ورحمته * وبغية الله من خلق ومن نسم
لزمت باب أمير الأنبياء * ومن يمسك بمفتاح باب الله يغتنم
فهو (صلى الله عليه وسلم) سيد ولد آدم ولا فخر ، وهو أول شافع وأول مشفع ولا فخر ، وأول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة ولا فخر :
عَلَّقتُ مِن مَدحِهِ حَبلاً أُعَزُّ بِهِ * فى يَومِ لا عِزَّ بِالأَنسابِ وَاللُحَمِ
مديحنا فيك حبّ خالص وهوىً * وصادق الحبّ يملي صادق الكلم
فعلينا أن نكثر من الصلاة والسلام على سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، فرسول الله يقول : ” إنَّ أولى النَّاسِ بي يَومَ القيامةِ أَكْثرُهُم عليَّ صلاةً”.
وفي ختام خطبته هنأ معاليه أهالى محافظة قنا بالعيد القومي لمحافظتهم ، مشيرًا إلى أنه يأتي كذكرى لانتصار عظيم على غاشم محتل ، فكانوا رجالًا عند حسن ظن بلدهم بهم ، مكبدين عدوهم خسائر فادحة ، مؤكدًا أنهم لم يكونوا أكثر عددًا وعدة ولكنهم كانوا أكثر إيمانًا بالله وبهذا الوطن وبإبائهم وكرامتهم وكرامة بلدهم العزيزة ، حيث تجد في كل مكان ملحمة شامخة ، تشهد بعظمة هذا الشعب وإبائه ، ومن نصر هذا الشعب بالأمس معه بمعيته في اليوم وفي الغد إن شاء الله.