قال..
ولو أنك أنفقت ما في الأرض جميعا..
لن تُفتح لك أبوابهم تلك وقد صدأت الأقفال..
وعلى قلوبهم خيم ران الغفلة..
فارحل في هدوء..
وفارق الديار التي لا يعرف أهلها كم أعطيتَ ليبقَوا..
وكم أجهدك وجع التشبث..
أرهقتك عبثية محاولاتهم للانفلات..
وأحزنك ليل الوحدة بينما يلهون في مكان آخر..
على فرش الدعة..
يتركهم حضن..
ليلتقفهم غيره..
أما أنت فكيف تكون وطنا ومتكئا؟!..
وقد ولدت بلا ذراعين..
يسكنك البرد..
ويكسو ملامحك الظلام..
وهم يا سيدي يخشون الأشباح..
فكيف تستبقي من اتخذك معبرا بكثرة تضحياتك؟!..
ولا شيء بين يديك الخائبتين الآن يستجديه بقاءً..
فكان لابد أن يطلق صافرة الرحيل عندما يجف نبع العطاء..
لأنه بالأصل لم يردك لأجلك بل لأجله..
فأنت هو أنت رغم تغير الظروف..
ولكنه العمى..
فلا تشك من لم يمت قهرا لدمعة باتت في عينيك..
كان هو من أنبتها وسقاها..
وبات ينتظر-غير مكترث-مواسم الحصاد..
موتا بطيئا..
وجفافا حد العجاف..
يمزق شفتيه ضحكا..
وأكفه تلهب من التصفيق..
أما أنت..
فسل نفسك..
هل رأيت أحدهم-قبلا- يعتب على الأعمى؟!..
لماذا لم ترَ؟!..
عجبا..
كيف زلت الأقدام إلى مستنقع الحزن إذن؟!..
ومنذ أربعين خريفا..
النص تحت مقصلة النقد..
بقلمي العابث..