أن هناك تغييرات أساسية في التفكير الأوروبي الأمريكي، قد لا يكون جرى التعبير عنها بطريقة واضحة، تذكري أن هؤلاء الناس دائماً كانوا يتصورون أن الإخوان المسلمين البديل الطبيعي ، أو الأنظمة التسلطية، لكنهم اكتشفوا أنهم لم يستطيعوا أن يحكموا، ووجدوا أنهم في كثير من البلاد قد يكونون صالحين للقتال،
وليسوا جاهزين للحكم، والشيء المهم أنهم بدأوا يرون بعض آثار ما فعلوا، وتصوروا أنهم يستطيعون أن يقاوموا أعداءهم، ومع الأسف الشديد الوسائل التي اعتمدوا عليها أدت دورها في تدمير ما كان قائماً، لكنها لم تستطع أن تبنى عليه جديداً، فقد رأوا أن المستقبل لا يمكن أن يستدعى الماضي، ففشل الإخوان وخروجهم بهذا الشكل مثل صدمة لهم.
وبشكل أو بآخر الغرب أدرك أن الرهان على التيار الإسلامي ليس مأموناً، ثم إن التيار الإسلامي وما حدث في سوريا أقلقهم جداً. وأعتقد أن أشتون وغيرها أصبحوا أكثر تفهماً، إن القضية أعقد من ذلك، وهم لديهم طلبات،
وقد لا يكون القائم حائزا على إعجابهم، لكنهم وجدوا المشكلة أن الناس لا يقبلون العودة للوراء المشكلة التي تواجهها الدول أنها أمام دولة لسبب ما ضعفت، دون أن أخوض في تفاصيل، وهذه الدولة تحولت إلى دولة رخوة، تتفكك تقريبا، وهى غير قابلة للحكم، وخلال السنوات الثلاث الماضية، لا أحد تم قبوله،
فريقيا قادمة ولديها مشاكل مع العرب، وكان لديها اعتقاد بأن العرب لديهم عقدة استعلاء، ولم يُكسر الاستعلاء إلا فى وقت عبدالناصر، عندما ذهبنا واقتربنا منهم، ثم عادت الأمور مجدداً، وهنا أريد أن أقول إن الأفارقة أكثر إدراكاً بالمخاطر التى تعنيها التيارات الإسلامية أكثر منا، فنحن أسأنا للإسلام بقسوة، حين استخدمناه سلاحاً فى أفريقيا،
وأتحدث هنا عن أصحاب الدعوات فى كينيا وأوغندا، فلايزالون يتذكرون الانفجارات التى حدثت، ومثلاً نيجيريا قد لا تكون تريد أن تبدى أنها مع ضرب أو إقصاء الإسلاميين، لأن لديها «بوكو حرام»، تريد أن تحاربها على أرضها، ولا تريد أن يكون هذا سبباً، لتبدو وكأنها معادية للإسلام؛ خاصة أن لديها شمالها كله مسلم، وهناك اعتبارات متداخلة، وأعتقد أن أفريقيا تستحق تسامحا أكبر منا.
تحدث الحكومات العربية كثيراً عن تأخر ركب التنمية في الوطن العربي عن غيره من باقي مناطق العالم، لكن من دون تحديد من هو المسؤول عن ذلك. فهل يتم الاعتراف، أولا، بأن هناك قدرا من المسؤولية على الحكومات العربية؛ من حيث اتباعها نهجا سياسيا واقتصاديا ومجتمعيا لم ينجح في اللحاق بهذا الركب؟
ثم، هل هناك إرادة حقيقية لإعادة نظر جذرية في هذا النهج والسياسات، بما يؤدي إلى مقاربات جديدة مختلفة، تحقق تسارع التنمية، والانتقال التدريجي نحو مجتمعات مستقرة استقرارا طبيعيا، ومزدهرة ازدهارا مستداما، ومتنوعة تنوعا يقود إلى الإبداع والابتكار والتجديد المستمر؟
قوى الاعتدال بحاجة إلى تعريف إيجابي لما تطمح لتحقيقه، لأن الوقوف ضد الأخطار مطلوب، لكنه وحده لا يؤسس لمستقبل أفضل. وحدها الدولة المدنية الحداثية التعددية هي الضامن الحقيقي لاحتواء قوى التطرف والإرهاب؛ عن طريق تقديم مشروع استشرافي تنويري،
يضمن لمكونات المجتمع كافة حقوقها، في جو يحترم تنوع الآراء، ويؤسس لاقتصاد مزدهر مستدام، ويسود فيه القانون على الجميع من دون محاباة.
لن يتم الوصول إلى مثل هذه المجتمعات بيسر أو بسرعة، ولن يتحقق ذلك إلا بالعمل الشاق وتوفر إرادة التغيير؛ ليس فقط لدى المفكرين والمثقفين، بل لدى الحكومات أيضاً. كانوا يحلمون ويخططون ويتأملون في مستقبل، سرعان ما أقبل على الإنسانية وصرنا نعيشه في … أعود للكتابة مع “الحرة” لأكتب عن المستقبل الجديد، ويدي على قلبي يحيط بي … الذي يعني: غياب الحس المحايد في العمل العام، من حيث كون جميع المؤسسات العمومية في … العلمانية ـ في نمطها الحيادي ـ هي الضامن لمثل هذا العمل المؤسساتي
أن التغيرات الكبيرة في احتياجات المستهلكين خلال فترة زمنية قياسية أجبرت الشركات الصناعية على تعديل منتجاتها وخدماتها لتتجاوز الاضطراب الذي أصابها بسبب وباء كورونا.. ضرورة أن تبدأ القوى العاملة جميعها استعداداتها لرحلة طويلة من تطوير المهارات وإعادة التأهيل والتوجيه لمواكبة وتيرة التغيير.
نتفق جميعًا على أن وباء كورونا كان له تأثير غير مسبوق على عالمنا لكن سرعة تعامل العالم مع هذا الوباء تؤكد قوة الروابط التي تجمعنا بفضل الحركة السلسة للأشخاص و رأس المال و السلع و الخدمات كما كشف تأثيره الكبير على الاقتصاد العالمي”.
غير أن هناك حالة أخرى، جديرة بالنظر والتوقف، نظرت إلى ماضيها، باعتباره منبع الذخر والقوة الدافعة لها والمرجعية المؤطرة لحركتها، واستوعبت حاضرها وأدركت أدواته، فارتقت كل يوم على سلم الحضارة والرفاه الإنساني،
غير أنها لم تقنع يوماً بما تحققه من نجاحات، لذا كان المستقبل هو الميدان الذي أعدت نفسها لها ولم تنتظر أن تكون خارجة عنه، بل أعدت له العدة وجهزت نفسها لغزوه، هكذا استطاعت الإمارات أن تحقق المعادلة الصعبة، وهي التي حافظت عليها، تلك الحالة من الاعتداد بتاريخها والنظر بالإكبار على ما حققه جيل المؤسسين باعتبارهم قدوة في بناء وطن لا يرضى بغير الرقم واحد، وما تركوه من أمانة باعتبارها ذخر الأجيال، في الوقت الذي جعلوا من حاضرهم مطية لمستقبل ليس فيه مكان للمتواكلين أو المترددين أو القانعين،
لذا كان غزو المستقبل هو التوصيف المطابق والمتوافق مع ما تقوم به الإمارات من استنفار والانطلاق بثقة نحو المستقبل، واعتبار أن عام 2071 يبدأ من 2017، وأن هذا الغزو لن يكون إلا بمشاركة الجميع باعتبار أن كل مواطن تقع على عاتقه مسؤولية في مسيرة النصر المظفرة، وأن تقدم دولة ونهضتها ورقيها مسؤولية جماعية، فمهما خططنا للتنمية ووضعنا الاستراتيجيات لن نصل إلى أهدافنا ما لم تتضافر الجهود وعملنا كفريق واحد باعتبار أن الشعب هو صانع التنمية، وهو المستهدف منها، وهو الضامن لاستمرارها والمحافظ على مكتسباتها.
ولا شك أن هذا الغزو للمستقبل جعل من الإنسان الثروة الحقيقية وليست الموارد الطبيعية التي تتسم بالتغير، غير أن الإنسان الواعي بما يريد الساعي لتحقيقه هو ضمانة الفوز، وكما أن هذه النظرة تسعى إلى تحقيق أهداف تنموية غير أنها تحمل إرثاً أخلاقياً، لم يكتف بإسعاد الأجيال الحالية ولكن الحرص على الأجيال القادمة لتعيش في رخاء أكثر، وتعليم أفضل، واقتصاد أقوى، وبنية تحتية مستقبلية متطورة، هذا البعد الأخلاقي وحقوق الأجيال في مستقبل آمن لم يغب يوماً عن القيادة الرشيدة من لدن المؤسسين، وسيظل مادام النبع واحداً، وهو نبع الخير والرشاد.
ولا شك أن المبادرات التي طرحت وفرق العمل التي تكونت لهي دلالة على أن رؤيتنا هي صناعة وطنية خالصة بعقول أبناء الإمارات، وسوف تحقق نجاحات بسواعدهم في مجالات الاقتصاد، والبنية التحتية، والإسكان والخدمات، والشباب والتوطين، والطاقة، والتعليم، والإعلام، وهو الأمر الذي يؤكد واقعية تلك الرؤية وتماسها مع حاجة المواطنين وتحقيق ما يفوق التطلعات، رؤية تحمل بين طياتها طموحات كبيرة لن يصلح معها إلا أنماط من التفكير الابتكاري، آية ذلك تلك الـ 120 مبادرة التي ستعلن نتائجها خلال عام 2018.
ولا شك أن إنشاء المدينة الأكبر عالمياً في مجال الفضاء يشكل نموذجاً علمياً صالحاً للتطبيق على المريخ، ذلك المشروع الذي يوضح كيف تنظر إلى المستقبل الذي ستتحدد فيه القوى على الأرض بين الشعوب في مختلف المجالات بما تملكه في الفضاء، وهو الأمر الذي تحرص عليه القيادة الرشيدة من خلال توحيد العمل الحكومي كمنظومة واحدة على المستوى الاتحادي والمحلي لبناء خدمات المستقبل في الدولة لأجيال المستقبل.
دكتور القانون العام
محكم دولي معتمد
وعضو المجلس الأعلى لحقوق الانسان