قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي بتطوير أضرحة ومساجد آل البيت وأولياء الله الصالحين خطوة مهمة جدا وبداية طريق مهم وطويل لاعادة الاعتبار لاحد الكنوز والثروات المصرية المهدرة على مر التاريخ وايضا لبث روح جديدة في تلك الاماكن الخالدة والتى تحظى بدرجات من الحب تصل حد القداسة لدى الكثيرين.
من الخطأ تصور او عتقاد ان الامر يقف عند حدود عدد من المساجد والاضرحة لال البيت اوكبار المتصوفة المشهورين فالحقيقة والوقائع على الارض تؤكد ان مصر تمتلك سلسلة طويلة جدا سلسلة ذهبية لاعلام العلماء في كل صنوف الحياة من فصيلة ” اتقوا الله فعلمهم الله” وجعلهم ائمة يهدون الى صراط الله المستقيم.وجعلهم زينة لأرض مصر وبارك بهم شعبها العظيم وذلك بالطبع بعد نفحات علوية وضاءة من السماء بدأت بتجلي النور الاعظم والحديث الالهي للأنبياء مباشرة وما تبعه من خطوات ومسارات للأنبياء على الارض الطاهرة ومسارات العائلة المقدسة للمسيح عيسى بن مريم وامه ثم مسارات كبار الصحابة والتابعين ورجال الفتح الاسلامي العظيم والتى لاتكاد تخلو محافظة مصرية من آثارهم ونورهم..
السلسلة الذهبية لاولياء الله الصالحين في مصر تضم الى جانب احفاد العترة النبوية المباركة علماء كبار ثقات كان لهم من الهيبة والمهابة النافذة ولاتزال متقدة حتى عصرنا هذا كانوا عبادا مخلصين فقهاء اثبات محدثين وأهل قران وأصحاب قراءات علموا العالم كله علم القراءات واتقان التجويد ورجال طريقة ومتصوفة افذاذ من مصر والعالم لهم باع طويل في العلم والفضل وإظهار الكرامات .
ويزاحم هؤلاء صحابة واصحاب وتابعون لرسول الله صلى الله عليه وسلم ممن يحملون عبق وريح وطيف العصر الأول للنبوة والخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم عطروا تراب مصر وزعفروه بغبار جهادهم وعرق وتراب أجسادهم الطاهرة التى احتواها تراب ارض مصر الطاهرة المحروسة بامر ربها.
قد يطرح البعض سؤالا ومااهمية هذا التطوير وما ضرورته الان؟!
والاجابة ببساطة ان هذه الاماكن الخالدة عانت طويلا من الاهمال ومن غياب الرعاية الواجبة والمستحقة ولا ابالغ اذا قلت ان الوعي بقيمتها واثرها وتاثيرها الثقافي والروحي والسياحي كان غائبا او على الاقل لم يكن في ترتيب الاولويات في الوقت الذي كانت توجه فيه اهتمامات لامور اقل اهمية وتاثيرا.
ثم ان التطوير الشامل اصبح ضرورة عصر ونحن ندخل مرحلة الجمهورية الجديدة ومن الخطأ ان تستمر حالة الفوضى والعشوائية والاستهتار حول تلك الاماكن والتى ان حظيت بلحظة اهتمام فهو منقوص ومبتور ومشوه يسئ اكثر مما يضيف من محاولات اضفاء لمسات من الجمال الباهت وذرا للرماد في العيون.
الاهم ان الاهتمام باضرحة ومساجد اولياء الله الصالحين ليست مسألة عابرة او مهمة لحظية في وقت ما ولكنها قضية كبرى دينية روحية وتاريخية وثقافية وسياسية واقتصادية وسياحية.
فالجانب الديني الروحي اشهر من ان يشار اليه او يتم تفسيره فعلاقة المصري بالدين وحب المصريين لال البيت مسالة ليست محل مزايدة او نقاش ولا لبس فيها ولا تأويل ولا خوف ولا هواجس من اتهامات من قبيل شيعة اوتشيع او شرك بالله سبحانه وتعالى او ابتداع في الدين والتدين.
من الناحية الثقافية والسياسية والاجتماعية فان التطوير الشامل هو في الحقيقة قطع للطرق وغلق لابواب الفتنة ووأد للمعارك الوهمية التى يقودها او يصطنعها غلاة السلفية والمتصوفة والمتطرفون على الجانبين وهي معارك كانت مقصودة في وقت ما لتاجيج الصراع والفتن والمتاجرة باسم الدين وتشويه المتدينين والالقاء بهم في اتون مواجهات لا تسمن ولا تغنى من جوع وهي فخاخ سقط فيها الحمقى والمغفلون من مدعي السلفية والتصوف والصوفية. ومما يؤسف له ان امتد اوار هذه الحرب المخزية الى اماكن عديدة من مناطق المسلمين وهدمت فيها وخلالها صوامع وبيع وصلوات وخلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا وكم شاهدنا من مناظر محزنة لهدم اثار تاريخية عظيمة برؤؤس وفئوس الجهل والجهلاء وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا.
التطوير الشامل يعيد الاعتبار لهذه الاماكن وما تمثله من قيمة وثروة سياحية حقيقة لا تزال مهدرة لم نستطع حتى الان مصريا ان نستفيد منها كما يجب او يكون.
ويكفى ان تلقي نظرة اوتعقد مقارنة مع ما يحدث للمزارات الدينية والروحية بالخارج شرقا وغربا ستشعر بالخجل الموقف بالغ الصعوبة والاسى امكانات هائلة ثروات عظيمة بلا حصر ولاعدد قيمة تاريخية اعلى واقوى واكثر شهرة ومع ذلك العائد السياحي شبه معدوم او ضائع تماما. لا اريد ان اسمي بلدانا بعينها ولكن يكفي الاحساس والشعور بالواقع المر والاليم لهذه الكنوز الروحية والتاريخية والذي لا يسر عدوا ولا حبيبا.
لذلك ارجو الا يتوقف امر التطوير على مجرد ازالة الغبار وامور الدهانات والرخام وما شابه ورغم اهمية الشكل الا ان الاهم هو وضع منهج جديد في كيفية وطرق التعامل مع الزائرين سواء كانوا مسلمين اوغير مسلمين عربا اواجانب بحيث يجد كل زائر بغيته ويستمتع بالزيارة وتترك اثرا طيبا ويشعر بقيمة مصر واهلها.
في الاماكن الدينية تلاحظ ان الفوضى سيدة الموقف كل الحبال متروكة على الغارب الا فيما ندر وفي اوقات محدودة ومن غير المعقول ان يترك الناس هكذا يتزاحمون يتصايحون يتخافتون وبعضهم يكون مذهولا مندهشا مما يجرى ولاابالغ اذا قلت ان البعض لا يعرف كيف يتصرف او يتحرك فيتبع سياسة القطيع ويرضخ ويستسلم ولا يهم خطأ ام صوابا.
افكار عديدة طرحت في السابق بعضها لم يكتمل وبعضها لايزال حبيس الادراج لللتطوير والافادة من الامكانيات السياحية بعضها كانت خاصة او قاصرة على مراقد ال البيت والمساجد الاكثر شهرة في القاهرة وبعضها كان عن مراقد الصحابة والتابعين وما اكثرهم في القاهرة والمحافظات حتى ان البعض سمى تلك المناطق بالبقيع في مصر سواء في منطقة المقطم اوالبهنسا بالمنيا او بلبيس بالشرقية او في الدقهلية والعريش وغيرها.
كان هناك فكرة أشبه بمسار العائلة المقدسة للسيد المسيح والسيدة مريم عليهما السلام ان يكون هناك مسار لآل البيت وكذا عدد من الصحابة والتابعين.
كم كانت هناك فكرة للربط بين المزارات المختلفة والمهمة في بداية الامر مثل مساجد الحسين والازهر والسيدة زينب والسيدة نفيسة والسيدة عائشة والسيدة رقية والسيدة فاطمة النبوية وغيرها وهو من الافكار المهمة لان كثيرا من الزوار يطمحون لزيارة اكثر من موقع في رحلة واحدة ولكن الزائر يعجز لأسباب كثيرة منها انه لا يعرف كيفية الوصول بسهولة او انه يخشى ان يقع فريسة لأصحاب التاكسي اياهم او ان يتوه في الحوارى والازقة الضيقة.
لا اعرف لماذا لا يوجد مشروع مثل الطفطف اوالاتوبيس المكشوف في تلك المناطق رغم انها فكرة سهلة ومعروفة في كل مكان بالعالم وليس فيها صعوبة خاصة وان بعض الشوارع تم منع أتوبيسات النقل العام من السير فيها وبالتالي فان تشغيل رحلات “طفطف” مسالة مهمة ومفيدة سياحيا ويساهم في فك عقدة الفوضى في الميادين الرئيسية حول المساجد التاريخية.
نعم مصر تستطيع .. والله المستعان.
Megahedkh@hotmail.com